الأحد 3 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات 32 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

جورج أبيض في الذكرى الستين لرحيله.. صانع المسرح المصري الحديث

جورج أبيض في الذكرى الستين لرحيله.. صانع المسرح المصري الحديث
17 ديسمبر 2020 03:10

بول شاوول

لم ينل أي رجل مسرح في مصر، وربما في العالم العربي، ما ناله جورج أبيض من تكريمات، وأوسمة، وتقدير، وإجماع على إرثه في المسرح «الحديث» و«السينما الناطقة» في مصر.
وبعد نحو ستين عاماً من رحيله (1880 - 1959). ومئة وعشرين من ولادته، يبقى اسمه من الأيقونات التي لا تقل أهمية عن مؤسسي المسرح العربي في القرن التاسع عشر (يعقوب صنوع، وسليم النقاش في مصر) ومارون النقاش في لبنان، وأبي خليل القباني في سوريا...
إنه استمرار لمسار «التنوير» الذي كانت مصر مساحته العربية الأساسية، وعلى رأسها المسرح ثم السينما.
وجورج أبيض، من مواليد بيروت (الأصل من صيدا الجنوبية كمارون وسليم نقاش) ثم هاجر وهو في الثامنة عشرة إلى مصر مفلساً ولا يحمل أي شهادات سوى دبلوم في التلغراف، وشاهد الخديو عباس إحدى مسرحياته السياسية المترجمة وعنوانها «برج نيل» فأعجب بها، فأرسله في بعثة إلى باريس عام 1904، وهناك، التحق بالكونسرفتوار، حيث درس التمثيل والإخراج، كما درس الموسيقا وعاد إلى مصر عام 1910، على رأس فرقة فرنسية تحمل اسمه، وعرض بعض روائع المسرح العالمي بالفرنسية، وطلب منه سعد زغلول الذي كان آنئذٍ وزيراً للمعارف تأليف فرقة مسرحية تؤدي بالعربية، فقدم ثلاث مسرحيات «أوديب ملكاً»، و«لويس الحادي عشر» لكازير دي لازفتي، و«عُطيل» لشكسبير. وانضمّ بعد ذلك لفرقة سلامة حجازي التي عرفت بعدها باسم «فرقة أبيض - حجازي» ومن تلاميذه المبدعين: نجيب الريحاني وروز اليوسف ويوسف وهبي، وعام 1955 عُيّن مديراً للفرقة القومية لمدة عام، ثم أستاذاً في المعهد العالي للفنون المسرحية.

  • جورج أبيض (أرشيفية)
    جورج أبيض (أرشيفية)

وشارك في إقامة عشر جمعيات بعد ظهوره في مصر، ثم أسس مسرحاً محترفاً راسخاً وفرقة جورج أبيض، وقدم نحو 130 مسرحية مترجمة ومؤلفة، وفي عام 1920 دعته الحكومة التونسية لتأليف فرقتها القومية، كما شارك عام 1935 في إنشاء الفرقة القومية المصرية.
وكان من رواد التمثيل السينمائي أيضاً، ففي عام 1952 قام ببطولة أول فيلم عربي غنائي ناطق بعنوان «أنشودة الفؤاد» وعام 1952 انتخب أول نقيب لنقابة الممثلين، وعُيّن  أستاذاً للإخراج عندما أنتج المعهد العالي للتمثيل عام 1941. ومن أفلامه السينمائية «عاصفة في بيت» (1950) و«أنا الشرق» و«أرض النيل» و«أنشودة الفؤاد».
وقد أسس جورج أبيض للمرة الأولى مسرحاً محترفاً، إخراجاً وتمثيلاً، وكان المسرح قبله مع يعقوب صنوع، ومارون النقاش، تطغى عليه الهواية، ويعتبر الأساس في جعل التمثيل يزاوج الإخراج، بل وكان المشروع الأول (بعد صنوع والنقاش) والفاتحة للمسرح الجديد بعده.
صحيح أن أبيض كان رائد الإخراج، ولكن هذه العملية بقيت ضمن حدود سيادة النص، فدور المخرج اقتصر على تحريك الممثلين، وضبط أصواتهم وإيقاعاتهم، ليأتي بعده مع المسرح الجديد الفنان الشامل؛ أي خلع النص عن عرشه، وتحويله مادة تأويلية في يد المخرج، ودخلت عناصر مهمة أساسية في اللغة المسرحية: السينوغرافيا، والإضاءة كجزء منها، والماكياج، والموسيقا. وجاء المخرج كسيد للعرض، وليس النص كما كان في القرن التاسع عشر في أوروبا. وقد تطورت هذه الاتجاهات نحو الانفتاح على المدارس المسرحية الجديدة في أوروبا والعالم: من البريشتية، إلى الغروتوفسكية (المسرح الفقير) إلى الأرطوية (مسرح القسوة) إلى الاحتفالية، وتبنى معظمها المخرجون المصريون (والعرب) من خلال (العبثية) وإلى الالتزام السياسي والأيديولوجي، فإلى الواقعية الاشتراكية...
ومن الطبيعي القول إنه لولا جورج أبيض (ومن ثم يوسف وهبي، ونجيب الريحاني... وهم من تلامذته) لما تكوّن المسرح الجديد في الستينيات، ولا تعددت الاتجاهات وتصادمت وتلاقت مع هذا الانفتاح في زمن المخرج على الشرق والغرب. كما انفتح المسرح بعدها على كل هذه المدارس والنظريات التي برزت منذ الخمسينيات في مصر وتونس والمغرب ولبنان والجزائر وسوريا...
إنه مفجر الريادة المتعددة، وأبو التماهي بالآخر، سواء كان أوروبياً أو غير أوروبي. نقول ذلك ولا ننسى فضل يعقوب صنوع ومارون النقاش في هذا المضمار. 
وبعد 120 عاماً على ميلاده... ما زال جورج أبيض الركيزة الأساسية التي انبنى عليها المسرح المصري والعربي، إنه رائد التأسيس بكل معنى الكلمة.

قالوا فيه:
- يوسف وهبي: تمنيت أن أعمل أجيراً عند جورج أبيض.
- سميحة أيوب: جورج أبيض هو المفتتح الكبير للمسرح العربي الحديث.
- كرم مطاوع (ممثل ومخرج): جورج أبيض عملاق المسرح المصري.
- سعد أردش: ما أحوجنا إلى أن نتمثل جورج أبيض اليوم.
- طه حسين: لم أذق جمال التمثيل الصحيح إلا عندما شهدت جورج أبيض يمثل مسرحية أوديب ملكاً وغيرها من التمثيليات.
- توفيق الحكيم: له الفضل في تعريفنا بروائع الأدب اليوناني، لم تكن التراجيديا قائمة في بلادنا بعد جورج أبيض.
- أم كلثوم: جورج أبيض ده أبو الهول مصر.

من مسرحياته:
126 عملاً مسرحياً، منها «الأب ليونار» و«الأحدب» و«الإسكندر الكبير»، و«أوديب ملكاً» و«البخيل» (لموليير)، و«تاجر البندقية» و«عطيل» و«ترويض النمرة» لشكسبير، و«بنات الشوارع» لفرح أنطون، «بول فيفال» لإلياس فياض، «جريح بيروت» للشاعر حافظ إبراهيم، «دون جوان» لموليير، «روي بلاس» لفكتور هيغو، «سيرانو دي برجراك»، «شمشون ودليلة» لفيرديناند لومير، «ماكبث» لشكسبير ترجمة خليل مطران. «كليوباترا ومارك أنطوان» لفيكتور ساردو، «عدو الشعب» لإبسن، «المقامر» لدوستويفسكي ترجمة إلياس فياض... «الملك لير» لشكسبير (ترجمة إبراهيم رمزي) «هرناني» لفكتور هيغو (ترجمة خليل مطران).

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض