السبت 2 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

شهادة منصف المزغنّي: الزواوي.. ريشة طائر واسع الجناحيْن

شهادة منصف المزغنّي: الزواوي.. ريشة طائر واسع الجناحيْن
15 أكتوبر 2020 01:01

في هذه الشذرات يقدم الشاعر التونسي منصف المزغنّي شهادة حول فنان الكاريكاتير الليبي محمد الزواوي، الفنان الذي أودع أسراره للكاريكاتير 
**
محمد الزواوي، هو واحد من أشهر الكاريكاتوريين العرب الليبيّين المخضرمين، ولد في العهد الملكي أيام إدريس السنوسي الأول، ولكن أغلب حياته الفنية أمضاها مع عهد العقيد معمر القذافي. وهو يكبر القذافي بثلاث سنوات، ولقد كان من الذين حاولوا جهدهم أن يصدّقوا أن العقيد ثائر قومي.

**
كان الزواوي مشغولاً بفنّ الكاريكاتير، وكان مثل غيره من أبناء جيله مهووساً بمظهريْن أساسيين: الحياة الاجتماعية والثقافية ونقدهما من جهة، والحياة السياسية في جانبها الليبي (دون إلحاح) وعلى القضية القومية (فلسطين) في جانبها الدولي.
**
يبدو أن الزواوي امتنع، أو مُنع من نقد المظاهر السياسية في السياسة الليبية، إلا من باب المدح الكاريكاتيري أيام العقيد القذافي. ولكن رسوم محمد الزواوي كانت ثورة جمالية، قبل أن تكون مجرد ثورة إصلاحية تمثلت في نقد اجتماعي، ولكن كانت رسومه محلّ إعجاب من أغلب الصحافة العربية. أما الصحافة الأجنبية، فكانت كل صحيفة تنشر واحدة من رسومه، وتعيد نشر ما تراه متوافقاً مع خط تحريرها الرسمي في أغلب الأحوال.

**
استطاع الفنان الزواوي أن يسجل حضوره داخل الساحات الليبية والعربية، وكان ضمن كوكبة من أبناء جيله أمثال الفنانين: علي عبيد، في تونس، والجزائري رشيد قاسي، والفلسطيني ناجي العلي، وكانوا جميعاً من جيل واحد، وتشابهوا في الأسلوب الاحتجاجي الذي كان له وقع وأصداء في نفوس قراء الصحف، قبل أن تمتلئ الدنيا بأطباق التلفزيون. وكانت الصداقة قائمة بين أهل الكاريكاتير في ذلك الزمن، وهذا عكس ما كانت تعرفه الساحة بين الشعراء العرب الكبار. كان هناك تضامن صريح بين أهل الكاريكاتير العرب.
**
لم يتوقف محمد الزواوي عن نقد السلطة الليبية، ولكن في جانبها الاجتماعي، لا السياسي، وكان من السهل تبيُّـن خطّه الجماليّ والسياسيّ المعارض للدولة وإدارة المجتمع والثروة في ظلّ حكم القذافي، من خلال نقد التعليم، والمجتمع وعلاقاته التعاملية التي كانت تسكن في قلق ريشته الساخرة والإصلاحية.

**
حقّقت كتبه الثلاثة الصادرة رسمياً في ليبيا (الجماهيرية سابقاً)، نجاحاً شعبياً ورسمياً، وعربياً، حيث كانت بعض رسومه الساخرة تشكل مواقف مكثّفة ينجزها الزواوي بخطوط بسيطة، وواضحة، كما أظهر الزواوي، في كل رسومه، شخصيات ليبية رجالية ونسائية، وصبيانية، وكل يرتدي اللباس التقليدي الليبي، كما كان يشير إلى أدوات البيت الليبي التقليدية.
**
محمد الزواوي شخصية فنية وجمالية استطاعت أن تلفت انتباه العالم إلى أنه فنان كاريكاتير من الطراز الرفيع، ضمن كوكبة عربية. وإن مواضيع هؤلاء جميعاً لم تخرج عن الاجتماعيات والسياسيات.

**
يبقى محمد الزواوي شخصية كاريكاتورية استثنائية، وذات مستوى عالمي لا يقل عن كبار الكاريكاتوريين في العالم، ولكن للزواوي حساباته مع السلطة، واحتيالاته الجمالية، كما أن له إحساساً بالمسؤولية من أجل نقد مجتمعه الليبي، والعربي، دون أن ينسى انتماءه القومي العربي.
**
ريشة محمد الزواوي كانت طائراً واسع الجناحيْن، ولذلك ظلت توجّه سهامها النقدية في بلاده وخارجها، وهو يعد من جيل الكاريكاتوريست العمالقة الذين عرفته الصحافة العربية منذ الستينيات، وكانت رسومه منتظرة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض