الخميس 14 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات 35 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«أنس المهج».. مقدمة الإدريسي لكتابه المفقود

خريطة الإدريسي
2 مايو 2020 00:14

غالية خوجة (دبي)

يعتبر الرحالة العربي العالم والكاتب الشريف الإدريسي من أهم الجغرافيين في التاريخ الإنساني، وأهم مؤسسي علم الجغرافيا، اتسع علمه وشمل آداباً ومعارف ورياضيات وفلسفة وثقافة واسعة، وعبّر عن حياته شعراً: «ليت شعري أين قبري، ضاع في الغربة عمري، لم أدع للعين ما تشتاق، في برّ وبحر».

في الواقع رسم الإدريسي خطوط الطول والعرض للأرض، وأنجز خارطة جغرافية للعالم القديم عام 1154، وأكد مع عدد من المستشرقين أن الأندلسيين أول من اكتشفوا أميركا سابقين كولومبس.
ألّف عدة كتب منها: نزهة المشتاق في اختراق الآفاق «كتاب روجر»، الممالك والمسالك، الجامع لصفات أشتات النبات «كتاب الأدوية المفردة»، ومخطوط روض الأنس ونزهة النفس، الذي لم يصلنا منه سوى مقدمته «أنس المهج في روض الفرج»، التي عثر عليها أوائل القرن التاسع عشر، في مكتبة حكيم أوغلو باشا بإسطنبول، وكان أول من نبّه إلى وجود هذا المخطوط المستشرق يوسف هورفيتز، وهي نسخة من عدة نسخ لهذا المخطوط، رقمها 688 وعدد صفحاتها 226، بخط مشرقي، والنسخة الثانية نسخة حسن حسني بالمكتبة السليمانية بإسطنبول، رقمها 1289، وعدد صفحاتها 244، خطها مشرقي دقيق، وكلتا النسختين تضم 75 خارطة، والنسخة الثالثة نسخة كابرييل فيران «النسخة الدمشقية» التي يقول عنها فيران: «إنها من 63 ورقة، غير تامة في بعض المواضيع، بلا خرائط، مؤرخة في مارس 1859.

  • رسم متخيل للإدريسي

كما تحدث سركين عن نسخة كانت محفوظة في مدينة حلب السورية وتمّ نقلها إلى لندن، ومن الممكن اعتبارها النسخة الرابعة، وهناك نسخة في مكتبة الرباط مصورة عن نسخة حكيم أوغلو، ونسخة في معهد المخطوطات العربية بالقاهرة مصورة عن نسخة حسن حسني.
ويتميز كتاب «أنس المهج في روض الفرج» عن بقية كتب المسالك والممالك ونزهة المشتاق بانفراده بإقليم ثامن خلف خط الاستواء، واقتصاره على الطرق والمسالك بين المدن والقرى والحواضر والمسافات الفاصلة بينها بتفصيل وإيضاح، كما يتميز بمقدمة فلكية طويلة ومفصلة، وبمواقع جديدة، مع رسوم لبعض الأعلام، لا سيما فيما يتعلق ببلاد المغرب ومصر والسودان.
نشر المستشرق الإيطالي روسيني من أنس المهج قسم إفريقية الشرقية عام 1921، بينما نشر المستشرق الفلبيني تيوليو تالغرين دراسة موسعة حول بلاد البلطيق مستخرجة من أنس المهج ونزهة المشتاق عام 1936، كما نشر الإيطالي سيرولي دراسة مقتضبة حول مدينة «مركة» بإفريقيا الشرقية، كذلك نشر الباحث العراقي إبراهيم شوكة تحقيقاً لقسم الجزيرة والعراق وقسم جزيرة العرب، بينما أصدر الباحث جاسم عبيد مزال تحقيقاً لقسم الأندلس، وأنجز قسم الشام من هذا المخطوط محمد مؤنس عوض.
أكد الإدريسي كروية الأرض، واشتُهر بـ»لوح الترسيم» وهو الدائرة المفرغة من الفضة بوزن 400 رطل روماني، التي رسم عليها الأقاليم السبعة ببلادها وأقطارها وأطوالها وخلجانها ومواقع أنهارها وطرقاتها والمسافات والأميال، وبذلك يكون أول من صنع مجسماً للكرة الأرضية.
صمم الإدريسي خارطته المعتبرة أول خارطة معتمدة عالمياً على الطريقة العربية السائدة آنذاك، بدأ بالجنوب من أعلى الخارطة، ثم انتقل إلى الشمال في أسفلها، ولذلك تقرأ بالمقلوب، وتتكون مخطوطة الخارطة من 70 ورقة (33×21سم)، وتصل إلى حوالي 5 أمتار مربعة، ونشر نسخة ملونة منها العالم لألماني كونراد ميلر عام 1928م، ولقد تمّ نشرها في معرض فرانكفورت للكتاب مع نص ميلر أثناء استضافة العالم العربي كضيف شرف، وهذا دليل على تحاور وتكامُل الحضارات الدائم، وهذا ما أكدته «ناسا» حين أطلقت اسمه على سلسلة الجبال المكتشفة في كوكب بلوتو.
هكذا، وفي رحلة مختلفة، سافر بنا «أُنس المهج في روض الفرج «، إلى عوالم مهتمة بالمسافات وطرق المواصلات ومنازل البريد وظروف السفر والأقاليم، ولكن هذا الكتاب مع المؤلفات والمخطوطات الأخرى بحاجة إلى مزيد من الاستكشاف والتحقيق والنشر والاهتمام خصوصاً في عالمنا العربي والإسلامي.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض