حسام عبدالنبي (دبي)
يعتقد كثيرون أن اقتناء السيارات الكهربائية هدفه الأساسي هو الحفاظ على البيئة، وتقليل استهلاك الوقود، خصوصاً في ظل تشجيع دول العالم كافة مواطنيها على شراء السيارات الكهربائية، ومنح إعفاءات ضريبية ودعماً مالياً لاقتنائها، ولكن في حقيقة الأمر فإن السيارات الكهربائية تحقق مكاسب اقتصادية عدة لمن يقتنيها، إلى جانب تميزها بمميزات أخرى متعددة.
ويرى خبراء صناعة السيارات في العالم أن السيارات الكهربائية هي سيارات المستقبل، حيث إن مبيعاتها في جميع دول العالم ارتفعت إلى نحو 2.3 مليون سيارة بنهاية 2020 بنمو بنسبة 22 % مقارنة بمبيعاتها في الفترة ذاتها من العام السابق، والتي بلغت 1.76 مليون سيارة.
وإلى ذلك توقعت مؤسسة «بلومبرج نيو إنرجي فاينانس»، أن تمثل السيارات الكهربائية نحو 33 % من إجمالي أسطول السيارات العالمي، و55 % من إجمالي مبيعات السيارات الجديدة بحلول العام 2040.
وقد وضع التعميم رقم 1/ 2016 الصادر من المجلس الأعلى للطاقة هدفاً للهيئات الحكومية، يتمثل في ضم السيارات الهجينة والكهربائية لمجموع إسطولها، بما لا يقل عن 10 % من مجموع المشتريات الجديدة، ابتداءً من عام 2016 وحتى عام 2020، بحيث تصل نسبة السيارات الهجينة والكهربائية في دبي إلى 2 % بحلول عام 2020، ثم 10 % بحلول عام 2030.
والاستفادة من مميزات السيارات الكهربائية تبدأ عادة قبل اقتناء السيارة فعلياً، إذ إن الراغب في الشراء يستفيد بداية من عروض البنوك المغرية لتمويل هذه النوعية من السيارات، والتي تأتي رغبة من البنوك في التوافق مع المبادرات الحكومية لتحفيز استخدام السيارات الكهربائية في الدولة، حيث تتضمن عروض قرض السيارات الصديقة للبيئة أسعار فائدة تفضيلية، واسترداداً نقدياً لكامل قيمة رسوم معالجة وتنفيذ الطلب، وغير ذلك الكثير.
وكان المصرف المركزي قد وجه تعميماً لكافة البنوك وشركات التمويل الوطنية والأجنبية العاملة بالدولة، يدعوها للنظر في منح تسهيلات بأسعار فائدة أو ربح تفضيلية لتمويل المركبات التي تعمل بالطاقة الكهربائية، مطالباً فيه بإبلاغه، في حال رغبة أي بنك أو مؤسسة في المساهمة في تحقيق رؤية الإمارات 2021، من خلال تسهيل شراء المركبات التي تعمل بالطاقة الكهربائية، وبالتالي، تقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وحماية البيئة للأجيال القادمة.
تأمين إلزامي
وبعد شراء أي سيارة لا بد من إجراء عملية التأمين الإلزامي، وهنا تأتي نقطة تميز أخرى في السيارات الكهربائية، حيث توفر شركات التأمين المختلفة منتجات تأمينية خصيصاً لتلك النوعية من السيارات تشمل التأمين الشامل، ضمن الأسعار المحددة من قبل هيئة التأمين وبواقع 5% من قيمة السيارة كحد أقصى، مشيرةً إلى أن تحديد النسبة ضمن المعدلات المعتادة على السيارات التقليدية، يأتي رغم زيادة المخاطر التأمينية على تلك النوعية من السيارات من حيث ضرورة الإصلاح في الوكالات، نظراً لعدم وجود كراجات للإصلاح خارج الوكالة، كما هو الحال في السيارات العادية.
مميزات اقتصادية
ويكتشف من يشتري السيارة الكهربائية أن مميزاتها الاقتصادية تجعلها تنافس السيارات التقليدية وتضعها في مكانة متقدمة ضمن سيارات المستقبل، وأولها أن تكاليف تشغيلها أقل من السيارات التقليدية على المدى البعيد، فمثلاً شحن البطارية بالكهرباء أرخص من التزود بالوقود، فيمكن الشحن من مصدر كهرباء متجدد مثل الخلايا الشمسية.
كما أن السيارات الكهربائية تحتاج إلى صيانة دورية أقل بكثير من السيارات التقليدية، لأنها لا تحتوي على محرك يضم الكثير من الأجزاء الميكانيكية وتعتمد على البطاريات، ما يعني إلغاء جميع تكاليف الصيانة المشمولة عادة في السيارات التقليدية مثل تغيير الصمامات والزيوت وصيانة المضخات وغيرها وبحيث تقتصر جهود الصيانة على البطاريات فقط، وفضلاً عن ذلك فإن السيارات الكهربائية أكثر أماناً، لأنها أقل عرضة للحرائق أو الانفجارات.
وفيما يخص الاستخدام اليومي، فإن الجيل الجديد من السيارات الكهربائية تمكن من التغلب على مشكلات رئيسية، وهي المسافة التي يمكن قطعها من دون الحاجة إلى شحن البطارية، حيث يمكن للسيارات الكهربائية قطع مسافة تجاوز 500 كيلومتر من دون الحاجة للشحن، وفضلاً عن ذلك باتت السيارات الكهربائية تتسم بمحركات قوية للغاية توفر ميزات محسنة في المدى والتسارع الناعم والهادئ، حتى إن معظمها يوفر عزم دوران يصل إلى 100 عند صفر دورة في الدقيقة، وهو رقم قد لا تصل له بعض من أقوى السيارات التقليدية في العالم، وباتت السيارات الكهربائية تسير بسرعة مرتفعة للغاية، حتى إن سرعة بعض الموديلات الجديدة قد تصل إلى 230 ميل في الساعة.
وقبل سنوات كانت المشكلة الأساسية التي تحد من الإقبال على اقتناء السيارات الكهربائية هي ارتفاع أسعارها بالمقارنة بالسيارات التقليدية، ولذا عملت شركات إنتاج السيارات الكهربائية على طرح نماذج حديثة بأسعار أقل، وتتميز أيضاً بأنها أصغر حجماً وأقل وزناً.
مبادرات التحول
ويستفيد ملاك السيارات الكهربائية من المبادرات المهمة، التي أطلقتها دولة الإمارات لتشجيع التحول إلى استخدام السيارات الكهربائية، وكان لتلك المبادرات أثر إيجابي في زيادة عدد تلك السيارات في الدولة، نظراً لما تتضمنه من مزايا اقتصادية لملاك السيارات الكهربائية وأهمها موافقة المجلس الأعلى للطاقة في دبي على منح حوافز لتشجيع أفراد المجتمع على استخدام السيارات الكهربائية ومنها منح مواقف مجانية، والإعفاء من رسوم التسجيل والتجديد، إلى جانب تخفيض تعرفة الشحن إلى 29 فلساً لكل كيلو وات من الكهرباء.
وفي الإطار ذاته، أعلنت هيئة الطرق والمواصلات عن إطلاق مبادرة تُعنى بإعفاء المركبات الكهربائية (المُرخصة من قِبلها في إمارة دبي) من دفع تعرفة المواقف العامة لمدة عامين بدءاً من أول يوليو 2020 الماضي.
وانتهت هيئة كهرباء ومياه دبي من تركيب 240 محطة شحن كهربائية بنجاح في مواقع مختلفة في دبي مثل الهيئات الحكومية والمطارات ومحطات الوقود ومراكز التسوق وبعض العيادات والمستشفيات والعديد من المكاتب التجارية والمجمعات السكنية في الإمارة ضمن مبادرة «الشاحن الأخضر»، وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية في إمارة دبي.
ويتيح تمديد فترة الشحن المجاني لمالكي السيارات غير التجارية المسجلين في خدمة «الشاحن الأخضر»، شحن سياراتهم الكهربائية من خلال محطات الشاحن الأخضر للسيارات الكهربائية التابعة للهيئة، مجاناً حتى 31 ديسمبر 2021، على أن يكون ذلك متاحاً حصرياً في محطات الشحن العامة، وليس في محطات الشحن المنزلية.
أما بالنسبة لمالكي السيارات التجارية التابعة للمؤسسات والشركات والهيئات الحكومية وشبه الحكومية، فيتعين عليهم دفع رسوم بمقدار 29 فلساً لكل كيلووات ساعة، وذلك اعتباراً من 1 يناير 2020.
مزايا بيئية
والسيارات الكهربائية ليست فقط أكثر فعالية من نظيراتها التي تعمل وفق محركات الاحتراق الداخلي فحسب، بل هي الخيار الأمثل للحد من التلوث الناتج عن انبعاثات الغازات الدفيئة والضجيج، إذ تنتج انبعاثات بمعدل يقل عن نصف ما تنتجه السيارات التقليدية.
والسيارات الكهربائية صديقة للبيئة، فهي لا تطلق انبعاثات كربونية من أي نوع ولا يخرج منها دخان ولا عوادم، وتالياً فهي تحافظ على البيئة وخاصةً في المدن المزدحمة.
كما أنها تعمل ببطاريات يمكن تدويرها وإعادة استخدامها، وذلك لتخزين الطاقة في السيارات الكهربائية، وأخيراً فهي مناسبة للمدن حيث تتميز السيارات الكهربائية بهدوئها حيث ليس لها صوت محرك مزعج، ومناسبة للمدن المزدحمة، وذلك بسبب سهولة التحكم بها من تشغيل وإيقاف.
الشحن السريع
سعت شركات محلية لتوسيع نطاق استخدام السيارات الكهربائية في أساطيل الحافلات، ومنها إعلان شركة الإمارات جلوبال للسيارات الكهربائية وشركة ينلونج إنرجي الصينية، عن إطلاق أسطولٍ من الحافلات الكهربائية الصديقة للبيئة والمزودة ببطاريات ليثيوم أكسيد التيتانيوم في منطقة الشرق الأوسط، وتتميز هذه الحافلات بإمكانية شحنها في أقل من 20 دقيقة مقارنة بالحافلات الكهربائية الأخرى المزودة ببطاريات أيون الليثيوم التي يتطلب شحنها عدة ساعات.
وتعتبر بطاريات ليثيوم أكسيد التيتانيوم الأكثر أماناً في العالم، وتمتاز بعمر افتراضي طويل يتخطى 25 عاماً.
وبفضل ميزة الشحن السريع للبطاريات، تشكّل الحافلات الجديدة وسيلة نقلٍ جماعية مثالية للقطاعين العام والخاص.
وسيتم طرح الحافلات الجديدة في سائر دول الخليج، بعد إطلاقها بنجاح في السوق الإماراتية.
وتمت عملية اختبار أداء البطارية والشحن السريع بنجاح في أبوظبي خلال صيف عام 2020. ومن المتوقع أن تسهم هذه الحافلات الصديقة للبيئة في تحقيق وفورات كبيرة في الطاقة، وتخفيض انبعاثات الكربون في الإمارات، حيث إن استبدال حافلة ديزل واحدة بأخرى كهربائية سيعادل إزالة الانبعاثات الضارة الناجمة عن 27 سيارة ركاب لمدة عامٍ كامل، إلى جانب إلغاء الحاجة لاستهلاك 12.175 جالون ديزل على مدى 10 سنوات.