هدى الطنيجي (أبوظبي)
مع الارتفاع الملحوظ في درجات حرارة الصيف، ينصح الأطباء بضرورة شرب الكميات المناسبة من الماء لضبط التوازن داخل الجسم، إلا أن الإفراط في الشرب قد ينتج عنه الإصابة بالتسمم المائي الذي يعد أمراً خطيراً قد يتسبب في حدوث الوفاة.
وقالت الدكتورة سنا الذويبي طبيبة عامة في طب الأسرة في عيادات هيلث بلس العائلية: «التسمم المائي المعروف باسم نقص الصوديوم في الدم هو حالة تحدث عندما يشرب الشخص كمية مفرطة من المياه في فترة زمنية قصيرة، مما يؤدي لاختلال توازن الإلكترولايدز (الكهارل) في الجسم، خصوصاً الصوديوم، ويؤثر ذلك على وظائف الخلايا العصبية والعضلات».
وذكرت أنه يحدث عندما يتناول الشخص كمية كبيرة من الماء تفوق قدرة الكلى على طرحها بسرعة كافية، حيث يمكن للكلى عادة التعامل مع 1 لتر من الماء في الساعة، وعندما يستهلك الشخص الماء بكميات أكبر في فترة قصيرة، تتجمع كميات زائدة من المياه في الدم مما يؤدي لانخفاض تركيز الصوديوم فيه.
الأعراض
وأشارت الدكتورة سنا الذويبي إلى أن الأعراض المبكرة تتمثل في الصداع والغثيان والقيء والشعور بالتعب والضعف والارتباك «صعوبة في التفكير والتركيز» فيما تكون الأعراض المتقدمة تشنج العضلات وفقدان الوعي والغيبوبة بسبب تورم الدماغ تستدعي الأعراض المتقدمة طلب الرعاية الطبية العاجلة.
وذكرت أنه ليس هناك كمية محددة تعتبر أكثر من اللازم، حيث يختلف ذلك من شخص لآخر بناءً على عدة عوامل مثل: الوزن والعمر ومستوى النشاط البدني والظروف الصحية، ولكن بشكل عام، فإن شرب أكثر من 3 إلى 4 ليترات يعتبر أمراً خطيراً إذا لم يكن هنالك حاجة لتعويض فقدان السوائل.
وأوضحت أن الرياضيين هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالتسمم المائي خصوصاً الذين يمارسون الرياضات الشديدة، حيث قد يشربون كميات كبيرة من الماء لتعويض الفاقد من السوائل دون تناول ما يكفي من الإلكترولايدز والأفراد الذين يعانون من مشاكل في الكلى قد تكون قدرة الكلى على طرح الماء محدودة.
وأضافت: الأفراد الذين يتبعون برامج تنظيف الجسم أو الحميات القاسية التي تشجع على شرب كميات كبيرة من المياه، والأشخاص المصابون ببعض الاضطرابات النفسية مثل الوسواس القهري الذي قد يدفعهم لشرب كميات كبيرة من المياه، حيث إنه إذا لم يعالج نقص الصوديوم في الدم بسرعة، قد يؤدي لتلف دائم في الدماغ أو الوفاة، ويمكن أن تشمل العواقب الصحية المشاكل العصبية وتلف الأعضاء الدائم بسبب اختلال توازن السوائل والإلكترولايدز.
وذكرت أنه يمكن للأفراد التأكد من شرب كمية كافية من المياه دون التعرض لخطر التسمم المائي من خلال عدة خطوات، بداية استمع إلى عطشك، دع عطشك يكون دليلك الرئيسي لكمية الماء التي تحتاجها، تجنب الشرب القسري لا تجبر نفسك على شرب كميات كبيرة من المياه في فترة قصيرة وتناول «الإلكترولايدز» إذا كنت تمارس نشاطاً بدنياً مكثفاً أو في بيئة حارة جداً، يجب تناول المشروبات التي تحتوي على «الإلكترولايدز» لتعويض النقص واستشر طبيبك إذا كنت تعاني من حالة صحية تؤثر على توازن السوائل في الجسم ومن المهم الحفاظ على توازن مناسب بين تناول الماء «الإلكترولايدز» لضمان صحة جيدة وتجنب المخاطر المحتملة للتسمم المائي.
تسمم الرضع
من جانبه، قال الدكتور أنس الشرمان، أخصائي طب الأطفال حديثي الولادة في مدينة الشيخ شخبوط الطبية: التسمم المائي تسمم الماء، أو فرط السوائل، أو الإفراط في الماء، هو اضطراب قاتل محتمل في وظائف المخ ينتج عندما يتم دفع التوازن الطبيعي للكهارل (الشوارد) في الجسم إلى خارج الحدود الآمنة بسبب الإفراط في تناول الماء، يتم عند إدخال كميات من المياه أكبر من طاقة الكلى على الاستيعاب، ترجع الكميات غير المتخلص منها إلى الدم ما يؤدي لاضطراب الخلية التي تحافظ على توازن المحلول الملحي، المسؤول عن التوازن، وبالتالي إلى انخفاض مستوى الصوديوم، ومن ثم يبدأ الماء بالانتقال من الدم إلى الخلايا مسبباً تضخمها، وعندما يحدث هذا لخلايا الدماغ ينتج عنه آثار خطيرة ويمكن أن تكون قاتلة.
وأضاف: أما فيما يخص عدم قدرة الجسم على التخلص من الماء فيكون عادة بسبب حالات صحية مثل فشل القلب الاحتقاني، أو أمراض الكبد، أو مشاكل في الكلى، أو تناول الأدوية المضادة للإلتهاب اللاستيرويدية، أو مرض السكري، أو تناول الأدوية المضادة للذهان، أو الإصابة بأمراض نفسية مثل الوسواس القهري مما يزيد من استهلاكه للماء.
وذكر أن مضاعفات حالة التسمم المائي تكون خطيرة لدى الأطفال الرّضع بسبب أجسادهم الصغيرة، فيوصي الأطباء دائماً بالاعتماد على الحليب فقط في تغذية الأطفال الرضع وأنه لا داعي لأن يشربوا الماء، فالحليب يمدهم بكمية السوائل الكافية التي تحميهم من الجفاف.
ابتلاع ماء البحر
وأشار الدكتور أنس الشرمان إلى أن ماء البحر يحوي على نسبة عالية من الأملاح تفوق تلك التي يحتويها الماء العذب الصافي، وعلى الرغم من أن جسم الإنسان قادر على معالجة ماء البحر المالح عند شربه بشكل طبيعي من خلال امتصاص ما يحتاجه من الأملاح وطرح الفائض منها عبر البول، إلا أن شرب كميات عالية منه يمكن أن يؤثر سلباً على عمليات الجسم الحيوية ويسبب ضرراً لخلايا وأعضاء الجسم المختلفة، وتشمل أبرز الأضرار المحتملة لشرب ماء البحر الجفاف، حيث يعد أحد الآثار الصحية لشرب كميات كبيرة من ماء البحر المالح، وذلك لكون الكلى قادرة فقط على إنتاج بول بتركيز ملح أقل من ملوحة ماء البحر.
وتحتاج الكلى إلى إنتاج كميات من البول تفوق المعدل الطبيعي وتفوق مدخول الماء العذب إلى الجسم لذلك، للتخلص من الأملاح الزائدة في الجسم، مما يؤدي إلى فقدان الجسم إلى كميات كبيرة من الماء والإصابة بالجفاف.
هذا إلى جانب أن ابتلاع ماء البحر بكميات كبيرة قد يسبب خللاً في توازن الأملاح في الجسم، بسبب احتوائه على مستويات عالية من الأملاح ومعادن أخرى، مما قد يؤدي إلى ظهور أعراض عديدة منها تشنجات العضلات، والضعف العام.
كما أن ابتلاع ماء البحر له آثار جانبية خطيرة منها، التسمم الناتج عن الطحالب الضارة في ماء البحر، والقيء والغثيان، والهذيان والهلوسة، ونقص كمية الدم الواصل للدماغ والأعضاء الأخرى، مما قد يؤدي إلى الغيبوبة أو فشل الأعضاء، أو خطر الموت في الحالات الشديدة.
ماء المسبح
وأوضح الدكتور أنس الشرمان أن ارتياد حمامات وأحواض السباحة خلال فصل الصيف يسهم في ارتفاع مخاطر انتقال عدوى العديد من الأمراض البكتيرية والفيروسية، وننصح أولياء الأمور بالسماح لأطفالهم بالسباحة فقط في الأماكن المخصصة لهم، مع اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية وارتداء الألبسة الخاصة بما فيها نظارات الوجه لحماية العينين من المياه الملوثة مع ضرورة الاهتمام بمسابح الأطفال بصورة يومية ومستمرة. إن برك السباحة حتى تلك التي تتم صيانتها جيداً، هي أيضاً مرتع لانتشار الأمراض والإصابة بها كأمراض العيون، والأمراض الجلدية، وأمراض الأذن، والإسهال، وغيرها.