محمد عبد السميع (الشارقة)
رائعةٌ هذه القصيدة، فكلّ ما فيها مبهجٌ، وكل ما فيها يؤكّد هذه القوة الضاربة والمتمثّلة في شخصيّة الممدوح، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وهي قصيدة من إبداع صاحب السّمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، حيث الذكاء في التناول، والانسياب في التعبير على لسان الأبيات التي استُهلّت بـ«عقال المرجلة» (بوخالد)، وكانت بالفعل دفقات صادقة من شاعر كبير، انطلقت قصيدته لتضعنا بدايةً، بما في الصفات الاستهلاليّة من قوّة وعلوّ ومجد، بصورة «العقال»، في أنفة وعلوّ ومجد هذا العقال، وبما في العقال من كرامة عالية تتفوّق على النجوم في سماء المجد، هذا على مستوى العنوان، أمّا على مستوى القصيدة، فإنّ «الحزام» أيضاً مفردة رائعة، تبدو قويّةً، حيث تشير إلى اعتماد الجميع على هذا القائد، صادق الكلمة، الوفيّ، حيث «الحزام» في التعبير الشعبي هو العَوْن بمعناه الشعري المستمدّ من خصيصة الحزام في شدّ الظهر وتقوية المستنجد أو المستجير أو الخائف، ولذلك كان التحزّم بالكبار مصدر ثقةٍ واطمئنان، فـ«أبو خالد» هو الذي راهن ويراهن عليه الناس، فكسبوا الرهان في ذلك، لأنّهم ببساطة وضعوا ثقتهم بالكبير الذي يعينهم على قضاء حوائجهم ووضعهم في جوّ من الفرح والأمل والعطاء، كما تبيّن هذه المقطوعة الجميلة والمعبّرة في هذه الأبيات.
قوة إلى قوة
«من راهن على الكبار حتماً سيربح في هذه المراهنة»، هكذا يقول لسان صاحب السّمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وهو يصف في استهلاله قوةً إلى قوة، حيث هذه القافية الرائعة التي انتهت في صدر القصيدة على الميم وانتهت في عجزها على الحاء، بما يناسب هذين الحرفين من حروفٍ ذات موسيقى جميلة وتشعر من يستمع إليها أو يقرؤها بالزهو والفخر والإعجاب.
ابتدأت القصيدة بالوصف، والوصف هو نقطة بداية مبدعة في القصيدة، لما فيها من تأكيد الرجولة بصفة العقال وصفة الحزام، وجمال النحت اللغوي للفعل المضارع في قوله «انتحزم بك»، وأنت عقال المرجلة، الذي يظل عالياً، وهذا تشبيه وصورة من أجود الأبيات الاستهلالية في الشعر الشعبي والشعر على وجه العموم.
ويأتي البيت الثاني ليشرح ويضيف أيضاً إلى هذه الصفات، فصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، هو قائد نادر، والندرة معناها التميّز، فهو لا يكون في موقف إلا ويكون فيه فائزاً، وكل الذين يراهنون عليه بالفعل نجحوا في رهانهم عليه حاكماً قويّاً وحكيماً، وفي كل الصفات الأخرى حتماً هم سيربحون الرهان.
دائماً إلى الأمام
نلاحظ أيضاً كيف جاءت لفظة «الربيح» على وزن فعيل، لتناسب القافية، وأيضاً لتعطي رونقاً شعريّاً في ذلك، ثم تسير الأبيات موجهة بشكل يثير الحماسة في نفس القارئ، حيث يُمتدح القائد الذي دائماً يسير إلى الأمام، فعاش سيرك أيها القائد، وعشت وفشل من كان ضدك، وعلينا أن نلاحظ بلاغة الأبيات في صيغة الأفعال الماضية التي جاءت لتؤكّد الحالة موضوع المدح، وتعني تمام الأمور والصفات.
هذه الأفعال تسير بنا في قصيدة جميلة، حيث: طابت أفعالك، وهذا فيه من الوصف وتأكيد الحالة، وفيه من الدعاء الجميل، المبني على معرفة الشخصية الممدوحة وصفاتها النادرة في الشجاعة وفي طيب الكلام، طابت أفعالك قبل طيب الكلام، إذاً الأفعال تسبق الكلام، وهذه مباراة جميلة في الأفعال الطيبة التي تسبق الكلام، والكلام الطيب، وحينما تسبق الإنسان أفعاله في هذه الحياة فهو القائد الذي يقلّ لديه القول ويكثر عنده الفعل، بل يسبق الفعل الكلام، فكلاهما طيّب على مائدة الشعر ومضمار القصيدة الرائع الجميل. وقد جاء التأكيد بالقول «صحيح في صحيح»، وهو تعبير جميل ويتناسق مع القافية ويؤدي المعنى في ذات الوقت. والناس حين تلعب بالسياسة بالكلام يظل القائد واضحاً وصريحاً، حين يختبئ الناس وراء الكلام، فهو واضح وضوح الصبح الصريح.
جود الغمام
جماليات القصيدة لدى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تأتي في وصف القائد بأنّه ظلٌّ لشعبه الذي ينام في ظلّه، فهو الشجرة وارفة الظلال، حيث يأمن في ظلها الناس.
وجاءت صورة الغيم الذي يتبعه جود الغمام، مقارنةً بصورة الصحراء الشحيحة، كمقارنة بين الكرم والشّح، وكلها تزيد القصيدة بهاءً، كاستعمال مبدع جدّاً، فيستمر الدعاء لأن يبقى هذا القائد الفذ رمزاً يشبه راية الإمارات في علوها ومجدها ومعانقتها السماء، وقد عاش فارساً لم يشح بوجهه عن أحد وظلّ عند حسن ظن الناس به في المكارم والمآثر والإنجازات.
قائد كريم
فالشعب يعيش مطمئناً هادئاً يفرح بالحياة ويسعد من قلبه، حينما يصيح غيرهم في بلدان أخرى، فهذه صورة تدل على اطمئنان الناس وأمانهم في بلد حباه الله بالأمان في ظلّ قائد كريم وشجاع.