لمياء الهرمودي (أبوظبي)
بات الذكاء الاصطناعي مجالاً مهماً في الاقتصاد والصناعة وعالم الأعمال، وتستثمر فيه شركات كثيرة بهدف تطوير أعمالها وإنشاء أنظمة يمكنها الاستفادة من البيانات المتاحة لتقديم خدمات متطورة ترفع من مستوى الأداء، وتعزز جودة الإنتاج، حيث يستخدم المطورون الذكاء الاصطناعي لأداء المهام التي يتم تنفيذها يدوياً، بكفاءة أكبر، وللتواصل مع العملاء، وتحديد الأنماط، وحل العديد من المشكلات العملية. كما تعمل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أيضاً على تحسين أداء المؤسسات وإنتاجيتها عن طريق أتمتة العمليات أو المهام التي كانت تتطلب فيما مضى جهداً بشرياً كبيراً.
وتنفرد دولة الإمارات بدور ريادي في مجال الذكاء الاصطناعي عبر الاستثمار في الأفراد والقطاعات، من خلال تبني «استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031». ووفقاً لموقع مكتب الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد في الدولة، الذي يلعب دوراً مهماً في ترسيخ جهود الدولة ومكانتها في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية وعلوم المستقبل، يعمل المكتب على تشكيل السياسات والاستراتيجيات واللوائح المتعلقة بمجالات الذكاء الاصطناعي، ما يضمن اقتصاداً رقمياً مزدهراً وتنافسياً للدولة وتحقيق أقصى استفادة من التكنولوجيا تحسين جودة حياة المجتمع.
ويعمل مكتب الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد أيضاً على أجندة تحقيق أهداف استراتيجية الإمارات الذكاء الاصطناعي، والاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الرقمي، والمبادرات الهادفة إلى ترسيخ مكانة الدولة في هذا المجال، لتكون الوجهة الأولى والمركز الأساسي للابتكار في مجالات الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتقنيات «البلوك تشين»، وغيرها من التقنيات المستقبلية، والاعتماد على التقنيات الرقمية في تقديم الخدمات وتحليل البيانات بمعدل 100% على مدى الأعوام المقبلة، والارتقاء بالأداء الحكومي، وتسريع الإنجاز، وخلق بيئات عمل مبتكرة.
وفقاً لموقع المكتب، تقدم العديد من الجامعات في الإمارات برامج دراسية مرتبطة بالذكاء الاصطناعي لمختلف الدرجات العلمية، مما يسهم في جعل الدولة مركزاً إقليمياً جاذباً لكل من يرغب في دراسة هذه التخصصات، حيث يتجاوز عدد برامج الذكاء الاصطناعي التي تطرحها هذه الجامعات أكثر من 44 برنامجاً في البكالوريوس والدراسات العليا في نحو 20 جامعة بالدولة، وهي: جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، وجامعة السوربون أبوظبي، وجامعة أبوظبي، وجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، وجامعة نيويورك أبوظبي، وجامعة الإمارات، والجامعة الأميركية في الشارقة، ومعهد روشستر للتكنولوجيا في دبي، وجامعة الشارقة، وجامعة برمنغهام دبي، جامعة ولونغونغ، والجامعة الأميركية في دبي، والجامعة البريطانية في دبي، وجامعة دبي، وجامعة العين، وجامعة عجمان، والجامعة الأميركية في رأس الخيمة، والجامعة الكندية دبي، وجامعة الغرير، والجامعة الأميركية في الإمارات.
استراتيجية الذكاء الصناعي
في هذا السياق، أجمع عدد من الخبراء والمختصين على أهمية فهم استراتيجية وآلية الذكاء الصناعي، وضرورة الاهتمام بها وتضمينها في مجال البرامج العلمية في مؤسسات التعليم العالي، والمؤسسات الحكومية والخاصة، كونها تعزز وتواكب التطور السريع الذي يشهده العالم في مختلف التخصصات والأعمال.
وقالت تالا محمد أبوطه، عضو لجنة الذكاء الاصطناعي التابعة لجمعية الشرق الأوسط للعلاقات العامة، مدير العلاقات العامة في شركة فيولا كوميونوكيشنز: بداية لا بد أن نؤكد أن الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير واضح على سوق العمل في المستقبل. وإننا كخبراء في القطاعات المتعددة، وبحكم طبيعة عملنا في الشؤون العامة والاتصال الاستراتيجي، بدأنا نلحظ هذه التغييرات بشكل متزايد. فمن خلال دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي نرى اليوم إعادة لتشكيل قطاعات متعددة بشكل جذري مثل قطاع الخدمات، والقطاع الصحي، والقطاع المالي، وغيرها من القطاعات، مما ينبئ بتغييرات كبيرة في متطلبات سوق العمل واتجاهات التوظيف في المنطقة والعالم.
وأضافت: من هذا المنطلق، علينا أن نكون مستعدين في المنطقة لتأثير الذكاء الاصطناعي المتسارع، بزيادة كفاءة العمل وسرعة الإنجاز، ولا بد لنا من أن نواجه تحديات هذا التسارع، خاصة فيما يتعلق بملاءمة المهارات في سوق العمل بما يتناسب مع متطلبات عصر الذكاء الاصطناعي استعداداً وتهيئة للتكيف في سوق العمل المستقبلي. ولا بد للحكومات والقطاعات المتعددة والمؤسسات التعليمية في المنطقة من أن تعمل بسرعة لمواكبة التطورات المتسارعة في هذا المجال من خلال إعداد الجيل القادم للانخراط في الاقتصاد المدفوع بقوة الذكاء الاصطناعي، واكتساب كل ما يقتضيه ذلك من المهارات الرقمية.
وأكدت عضو لجنة الذكاء الاصطناعي التابعة لجمعية الشرق الأوسط للعلاقات العامة أن تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل يتطلب التخطيط وصياغة سياسات استباقية لضمان انتقال القوى العاملة بسلاسة إلى الأدوار المهنية الجديدة. ولذلك فلا بد من الإشادة بما حققته الإمارات التي أصبحت دولة رائدة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي عبر الاستثمار في تأهيل الأفراد والقطاعات التي تعتبر جوهرية من خلال تبني «استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031»، واتخاذ إجراءات فعالة تعبّد الطريق لمستقبل يواكب بنجاح المشهد الرقمي المتطور.
حلول الخوارزميات
من جهته، قال الدكتور عثمان طارق، وهو أستاذ مشارك في الهندسة الكهربائية بكلية الهندسة في الجامعة الأميركية بالشارقة: كان للذكاء الاصطناعي تأثير كبير في السنوات الأخيرة في تطوير مختلف المجالات، مثل الرعاية الصحية، والقطاعات المالية، والتصنيع، والتعليم، وصناعة السيارات، والاتصالات، والترفيه، حيث أدى توظيف الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية مثلاً إلى تحسين الأداء في التشخيص وتصنيع الأدوية ورعاية المرضى. وإن أحد التطبيقات الرئيسية في هذا المجال هو التصوير الطبي ومعالجة الإشارات الطبية. وقد أصبحت بعض خوارزميات الذكاء الاصطناعي الآن أفضل في تشخيص أنواع معينة من الحالات، مثل الكشف عن سرطان الثدي، من خلال الصور الشعاعية. كما أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تعالج إشارات الدماغ، مثل إشارات تخطيط كهربية الدماغ، تعمق فهم طبيعة دماغ الإنسان، وتساعد في التعامل مع حالات، مثل الصرع. كما تساعد هذه الخوارزميات، التي تتعامل مع الإشارات الفسيولوجية، الأشخاص على المحافظة على صحتهم، وتشجعهم على ممارسة التمارين الرياضية للبقاء في صحة جيدة.
وأضاف: يستخدم الذكاء الاصطناعي أيضاً في الشؤون المالية للتنبؤ بالسوق وتقييم المخاطر واكتشاف الاحتيال، ويستخدم كذلك في التصنيع في تطبيقات، مثل فحص المنتجات وتشخيص الأخطاء، وفي قطاع التعليم لتحديد الطلبة المحتاجين للدعم والمساعدة، والتعلم الشخصي، والتقييم الآلي، وإنشاء المحتوى، وغيرها الكثير. كما أحدث الذكاء الاصطناعي أيضاً ثورة في صناعة السيارات، ولاسيما مع خاصية القيادة الذاتية، إلى جانب استخدام الذكاء الاصطناعي في القيادة المساعدة أيضاً مثل المساعدة في تغيير المسار، والكشف عن العوائق، ومراقبة سلوك السائقين وغيرها. أما قطاع الاتصالات، فقد وظف الذكاء الاصطناعي هو أيضاً للتنبؤ بازدحام شبكات الاتصالات، وفحص حزم البيانات لوقف الاتصالات غير المصرحة وتشخيص الأخطاء. وفي قطاع الترفيه، تم توظيفه لإنشاء المحتوى ومراقبة انتهاكات حقوق الطبع والنشر، والتوصية بالمحتوى، وروبوتات الدردشة، وغيرها.
برامج شاملة
حول أهمية ومتطلبات طرح برامج متخصصة في الذكاء الاصطناعي في مؤسسات التعليم العالي، قال الدكتور عثمان طارق: يجب أن تكون برامج الذكاء الاصطناعي، التي تطرحها مؤسسات التعليم العالي، شاملة لتضم مواضيع متنوعة، مثل الرؤية الحاسوبية، والروبوتات، والتعلم الآلي، والإحصاء، والرياضيات، والبرمجة، ومعالجة اللغة الطبيعية، والتعلم المعزز، وتحليلات البيانات، وعناصر معالجة الإشارات.
علي المري: توافق مخرجات «البرامج» مع متطلبات سوق العمل ضرورة
أكد الدكتور علي المري، الرئيس التنفيذي لكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، أن الذكاء الاصطناعي (AI) يُعتبر من أهم التقنيات التي أحدثت ثورة في مختلف مجالات الحياة الحديثة، بفضل قدراته في تحليل البيانات الضخمة، واتخاذ القرارات الذكية، وتحسين العمليات. كما يُمكن للذكاء الاصطناعي أن يُسهم بشكل فعّال في تحسين الرعاية الصحية، وتعزيز الكفاءة في القطاع الصناعي، وتطوير الحلول المستدامة في مجالات الطاقة والبيئة، فضلاً عن أنه يفتح المجال أمام ابتكارات جديدة في قطاع التعليم، من خلال تقديم تعليم مخصص وتفاعلي، وفي القطاع المالي من خلال تعزيز الأمان والكفاءة في العمليات البنكية.
أضاف الدكتور علي المري: لا شك في أن الذكاء الاصطناعي يشكل عاملاً محورياً في تشكيل مستقبلنا.. لذا، فإن الاستثمار في التعليم والتدريب المتخصص في هذا المجال من خلال مؤسسات التعليم العالي، ليس فقط ضرورة حتمية لمواكبة التطورات التكنولوجية، بل هو أيضاً استثمار في مستقبل مشرق يمكننا من خلاله تحقيق نقلة نوعية في مختلف جوانب الحياة، فتمكين الجيل الجديد من اكتساب مهارات الذكاء الاصطناعي وتوظيفها بذكاء ومسؤولية سيضمن لنا مستقبلاً أكثر إشراقاً وازدهاراً.
وفي إطار أهمية طرح برامج متخصصة في الذكاء الاصطناعي من خلال مؤسسات التعليم العالي، قال الرئيس التنفيذي لكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، إن طرح برامج تعليمية متخصصة في الذكاء الاصطناعي من خلال مؤسسات التعليم العالي خطوة استراتيجية أساسية لتطوير الكفاءات الوطنية، وتلبية احتياجات سوق العمل المتزايدة في هذا المجال، فهذه البرامج ليست فقط فرصة لتأهيل الطلاب بمهارات تقنية متقدمة، بل هي أيضاً وسيلة لتهيئتهم لفهم التحديات الأخلاقية والاجتماعية المرتبطة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وضمان استخدام هذه التكنولوجيا بشكل مسؤول ومُستدام، إلى جانب ذلك، تساهم هذه البرامج في تعزيز البحث العلمي والابتكار، مما يدعم النمو الاقتصادي والتطور التكنولوجي في المجتمع.
وأكد الدكتور المري ضرورة توافق مخرجات برامج الذكاء الاصطناعي مع متطلبات سوق العمل، حيث يحتاج سوق العمل الحديثة مرونة وتخصصاً عالياً، خاصة مع التغيرات السريعة التي تطرأ على الوظائف والأعمال بفعل التطور التكنولوجي. ولتتوافق مخرجات برامج الذكاء الاصطناعي مع هذه المتطلبات، يجب تصميم هذه البرامج لتكون شاملة ومتعددة التخصصات، تدمج المعرفة التقنية العميقة والمهارات العملية والتطبيقية. كما يجب أن تتضمن مناهج التعليم التدريب على المشاريع الواقعية، والتعاون مع الشركات والمؤسسات لتعزيز الفهم العملي للتطبيقات الصناعية والتجارية للذكاء الاصطناعي. علاوة على ذلك، ينبغي على المؤسسات التعليمية إقامة شراكات مع القطاع الخاص لتوفير فرص تدريبية وتوظيفية لطلابها، وضمان أن يكونوا مستعدين لدخول سوق العمل بكفاءة وثقة.
وحول كيفية استفادة المؤسسات التعليمية من التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، أوضح الدكتور قائلاً: إن تقنيات الذكاء الاصطناعي تتيح فرصًا واسعة لهذه المؤسسات لتعليم طلابها كيفية اتخاذ القرار عبر تحليل البيانات بدقة وسرعة عالية، وتعريفهم بكيفية نمذجة السيناريوهات والتنبؤ بالنتائج المحتملة، منوهاً بضرورة أن تولي المؤسسات التعليمية اهتماماً كبيراً للتحديات الأخلاقية المتعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعي، مثل الخصوصية وإمكانية الانحياز في الأنظمة، وإيجاد آليات رقابة متينة لحماية الثقة العامة وضمان استخدام مسؤول وشفاف لهذه التقنيات. فضلاً عن ضرورة التعامل بمسؤولية عند دمج الذكاء الاصطناعي، بحيث يعزز هذا الاندماج الذكاء البشري ولا يستبدله. فاستغلال قوة خوارزميات التعلم الآلي يوفر فرصًا لفهم أفضل وأعمق للبيانات الكبيرة ويساهم في اتخاذ قرارات مبنية على دلائل ملموسة. وينبه إلى ضرورة تطوير إطارات حوكمة قوية وإرشادات أخلاقية لضمان استخدام أخلاقي ومسؤول لتقنيات الذكاء الاصطناعي في الحوكمة، بما يتوافق مع معايير الشفافية واحترام حقوق الإنسان، ويدعم استراتيجيات التنويع الاقتصادي والتنمية المستدامة.
تأهيل قادة المستقبل
وعن نوعية المنهجيات التعليمية المبتكرة التي تستخدمها كلية محمد بن راشد لتأهيل قادة المستقبل، قال الدكتور علي المري «نخطط لاستخدام منصات التعلم المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتخصيص التجربة التعليمية حسب احتياجات كل طالب، ونعمل على تبني بيئة تعليمية تفاعلية تشجع على التفكير النقدي والحل العملي للمشكلات، بالاعتماد على منهجيات، مثل التعليم القائم على الحالات، والمحاكاة، والمشاريع الواقعية».
وأشار الرئيس التنفيذي لكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية إلى أنه بالشراكة مع مكتب الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد في دولة الإمارات العربية المتحدة، نظمت الجمعية المهنية للمعايير (IEEE SA) وكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية دورة تدريبية رائدة في مجال التعليم التنفيذي، حضرها 43 متدرباً من 33 جهة، وتناولت كيفية معالجة أخلاقيات الذكاء الاصطناعي والمسؤولية الاجتماعية في الأنظمة الذكية المستقلة (AIS)، مع تعزيز نماذج الأعمال الحالية لكل من الحكومة والقطاع الخاص. كما سعت إلى إكساب المشاركين كيفية الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي. كما وقّعت الكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، ودائرة الموارد البشرية لحكومة دبي، اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع بحثي لتعزيز تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي في حكومة دبي، وتطوير قدرات حكومة دبي في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، واستخدام تطبيقاتها لمستقبل العمل الحكومي، مشيراً إلى أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكنها تحسين إنتاجية وكفاءة المؤسسات الحكومية بشكل جذري، مع تحفيز الابتكار والإبداع في المؤسسات إن تمت إدارتها بشكل مسؤول وأخلاقي.
وقال: إن كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية وقعت مذكرة تفاهم مع «مختبر آبكو للذكاء الاصطناعي لتطوير الاتصال»، للعمل على تطوير مساقات تدريبية في مجالات تقديم الاستشارات بالاستفادة من الذكاء الاصطناعي التوليدي، وتعزيز توافق المؤسسات مع متطلبات التحول الرقمي، والارتقاء بتجربة الموظفين بناءً على البيانات وتحديث قنوات الاتصال الداخلي، والذكاء الاصطناعي وحوكمته والسياسات المنظمة لهذا القطاع، وأساليب التدريب والتعليم المستندة إلى الذكاء الاصطناعي، وجمع وتحليل المعلومات الإعلامية من خلال الذكاء الاصطناعي.
مشروع
أطلقت الكلية مشروعاً بحثياً إقليمياً بالتعاون مع مؤسسة «جوجل دوت أورج» Google.org، وذلك ضمن اتفاقية تعاون بحثي واسعة بينهما تحت مظلة مشروع «جوجل» للمستقبل الرقمي. ويهدف المشروع إلى فهم التحديات والفرص التي تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة في مجال الذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويعمل فريق الكلية البحثي في مجال حوكمة الذكاء الاصطناعي على تقييم سياسات وتوجهات إدماج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنحو أفضل ضمن المنظومة العالمية لحوكمة الذكاء الاصطناعي، مما يدعم صنّاع القرار في تطوير حوكمة فعالة للذكاء الاصطناعي.
أتمتة المهام
وقالت الدكتورة سلام ضو، أستاذة مشاركة في علوم وهندسة الحاسوب بكلية الهندسة في الجامعة الأميركية بالشارقة: يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً فعالاً في تطوير مختلف المجالات. حيث يساهم في أتمتة المهام وتحليل البيانات واستخلاص المعارف والرؤى واتخاذ القرارات وتخصيص التجارب ما يساهم في تطوير مختلف المجالات، وفي جعل العمليات أكثر كفاءة وفعالية واستجابة لاحتياجات الإنسان.
وحول أهمية طرح برامج متخصصة في الذكاء الاصطناعي من خلال مؤسسات التعليم العالي أوضحت: يتطلب تطوير البرامج المتخصصة بالذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم العالي تخطيطاً استراتيجياً دقيقاً لضمان فعاليتها وتحقيق الأهداف المرجوة منها. وتتضمن هذه الاستراتيجيات تصميم منهج دراسي شامل، وحديث يغطي المفاهيم الأساسية والمتقدمة في الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى موضوعات غير تقنية مثل أخلاقيات واعتبارات الذكاء الاصطناعي المسؤولة وغيرها. كما يجب أن توفر هذه البرامج أيضاً التعلم العملي والتطبيقي من خلال المشاريع والتدريب الداخلي لمنح الطلبة فرصة تطبيق مفاهيم الذكاء الاصطناعي وتقنياته في حل مشكلات العالم الملحة، من خلال التعاون مع المؤسسات وشركاء الصناعة في المشاريع التي تعالج التحديات الحالية.
وأضافت: يجب أن توفر البرامج أيضاً فرصاً بحثية في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال المشاريع والشراكات التي تقودها هيئة الجامعة التدريسية، التي تشجع الطلبة على نشر أبحاثهم في المؤتمرات والمجلات البحثية العالمية المرموقة. كما يتعين أن تأخذ مؤسسات التعليم العالي على عاتقها مسؤولية تعزيز التعاون متعدد التخصصات بين أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعة وخبراء الصناعة من مختلف المجالات، لضمان فعالية هذه البرامج، وتوسيع نطاقها، وإعداد الطلبة لتطبيق المفاهيم النظرية في المجالات ذات الصلة. ومن واجب مؤسسات التعليم العالي أيضاً تحديث البرامج المتخصصة في الذكاء الاصطناعي باستمرار، وتحسينها مع الأخذ في الاعتبار متطلبات سوق العمل، وملاحظات وتجارب الطلبة، وأعضاء الهيئة التدريسية والخريجين، للحفاظ على جودة البرامج والتحسين منها.
وأضافت الدكتور سلام ضو: يجب أن تتماشى البرامج المتخصصة في الذكاء الاصطناعي مع المتطلبات المتطورة لسوق العمل، والتغيرات المستمرة في الصناعات المختلفة. فقد أظهر استطلاع رأي أجراه قسم علوم وهندسة الحاسوب في الجامعة الأميركية في الشارقة أن العديد من المؤسسات في دولة الإمارات العربية المتحدة إما تستخدم الذكاء الاصطناعي في أنظمتها، أو تخطط لاستخدامه في المستقبل القريب. ويتمثل دور البرامج المتخصصة في الذكاء الاصطناعي في تزويد الخريجين بالمعارف النظرية المتقدمة والخبرات العملية.
برامج
يتعيّن أن تركز البرامج المتخصصة في الذكاء الاصطناعي أيضاً، في ظل التطور السريع في هذا المجال، على التعلم مدى الحياة من خلال تشجيع الخريجين والطلبة على الانخراط في التعليم المستمر، من خلال ورشات العمل والندوات والدورات التدريبية عبر «الإنترنت»، للبقاء على اطلاع دائم بتطورات الصناعة. فمن خلال دمج هذه الاستراتيجيات في المناهج الدراسية، يمكن للبرامج المتخصصة في الذكاء الاصطناعي إعداد الطلبة وضمان جاهزيتهم.
%100 الاعتماد على التقنيات الرقمية في تقديم الخدمات خلال الأعوام المقبلة
الكفاءة والإنتاجية
أكد الدكتور طلال بني، الأستاذ المشارك في قسم هندسة الحاسوب بكلية الحوسبة والمعلوماتية في جامعة الشارقة، أن الذكاء الاصطناعي أصبح محوراً أساسياً في التطور التكنولوجي والاقتصادي. ويشير الذكاء الاصطناعي إلى الأنظمة والبرامج التي تستطيع أداء مهام تتطلب عادةً قدرات بشرية، مثل التعلم، والتفكير، وحل المشكلات. وتزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يبرز الحاجة الملحة إلى تقديم برامج تعليمية متخصصة في هذا المجال من خلال مؤسسات التعليم العالي، لتلبية متطلبات سوق العمل المتغيرة باستمرار.
وحول دور مؤسسات التعليم العالي في طرح برامج متخصصة قال الدكتور طلال بني: تلعب مؤسسات التعليم العالي دوراً حيوياً في إعداد الأجيال القادمة لمواجهة تحديات المستقبل ويتم ذلك من خلال، تطوير المناهج الدراسية، وتتطلب برامج الذكاء الاصطناعي المتخصصة مناهج دراسية شاملة ومتجددة تشمل أحدث التطورات في هذا المجال. ويجب أن تتضمن المناهج مواضيع مثل التعلم الآلي، والتعلم العميق، وتحليل البيانات، والروبوتات، والرؤية الحاسوبية. ومن المهم كذلك أن تكون هذه المناهج مرنة، بحيث يمكن تحديثها بانتظام لتعكس الابتكارات والأبحاث الجديدة، وعن طريق التعلم العملي والتطبيقات، إذ إنه إلى جانب الدراسة النظرية، يجب أن تركز البرامج على التعلم العملي والتطبيقي.
وفي جانب التوافق مع متطلبات سوق الأعمال، قال الدكتور طلال بني: لكي تتواءم مخرجات البرامج التعليمية مع متطلبات سوق العمل، يجب أن تتبنى المؤسسات التعليمية نهجاً عملياً وتفاعلياً في التدريس. ويتطلب هذا التعاون المستمر مع الشركات ومختلف القطاعات لفهم احتياجاتهم ومتطلباتهم من المهارات والمعرفة في مجال الذكاء الاصطناعي. ويمكن أن يشمل ذلك تنظيم برامج تدريبية، وشراكات أكاديمية مع شركات التكنولوجيا.