جمعة النعيمي (أبوظبي)
تشارك دولة الإمارات العربية المتحدة دول العالم في الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة المخدرات الذي يصادف 26 من شهر يونيو من كل عام، وتقام فعاليات موسعة والمنظمة من قبل وزارة الداخلية، في «دبي هيلز مول» خلال الفترة من 18 حتى 28 يونيو، ويقام الحدث العالمي لهاذ العام تحت شعار «أسرتي أكبر ثروتي»، وكان لدولة الإمارات وقيادتها الرشيدة، بصيرة يقظة جعلتها تعي خطورة المخدرات والأضرار التي يسببها انتشار تلك الآفة على كل الصعد الصحية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية وغيرها.
وتعتبر جرائم المخدرات من أكبر التحديات العالمية التي تواجه المجتمعات قاطبة في الوقت الراهن، وفي ظل الجهود المستمرة للحد من انتشار هذه الظاهرة الضارة، تأتي دولة الإمارات العربية المتحدة لتبرهن وللعالم وتبرز دورها وتصديها الفعّال والحازم لمكافحة جرائم المخدرات.
وتعتبر دولة الإمارات من الدول التي تفرض قوانين صارمة وتعمل على تطبيق عقوبات شديدة لمنع تعاطي وتجارة المواد المخدرة، الأمر الذي يجعل من دولة الإمارات أنموذجاً يحتذى به في هذا المجال. فقد تصدرت دولة الإمارات العديد من المؤشرات التنافسية العالمية في المجالات الأمنية ومكافحة المخدرات خلال السنوات الماضية، حيث تبين الأرقام والنتائج المنجزة على أرض الوطن، والتي تعتبر نتاج توجيهات القيادة الرشيدة وإشرافها المستمر، والجهود الوطنية التكاملية والاستراتيجية التشاركية على مدار سنين من العمل الدؤوب والجاد بروح الفريق الواحد.
الأمن والسلامة
ترتكز استراتيجية وزارة الداخلية (2023 - 2026)، الهادفة إلى أن تكون دولة الإمارات من أفضل دول العالم في تحقيق الأمن والسلامة والاستقرار، على التوسع في تبني أحدث وأفضل التقنيات والعلوم المتقدمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي، للعمل على إيجاد حلول استباقية للتحديات التي تواجه المؤسسة الشرطية.
فقد كشفت وزارة الداخلية عن عددٍ من المؤشرات التنافسية العالمية التي تبوّأت فيها دولة الإمارات المراكز الأولى، بحسب تقارير دولية صدرت عن عدد من المؤسسات العالمية، حيث تصدرت أفضل دول العالم في مؤشر الشعور بالأمن والأمان، وفي خفض معدل جرائم العنف، كما حققت الدولة قفرة نوعية في خفض عدد الجرائم المقلقة خلال الفترة من (2011 - 2023) من خلال نسبة خفض بلغت (67.5%)، كما تمكنت من خفض مؤشر عدد الوفيات بسبب حوادث الطرق بنسبة (70.5%)، واحتلت كذلك المركز الأول عالمياً في انخفاض حوادث الحرائق بنسبة (74.1%)، ومؤشر الوفيات بسبب الحرائق، كما حققت المركز الأول عالمياً في خفض عدد جرائم القتل والشروع في القتل.
خفض الطلب
وتهدف استراتيجية مجلس مكافحة المخدرات (2024 - 2026)، بشكل رئيس إلى خفض الطلب على المخدرات، وتقليل فرص عرضها، وذلك لحماية المجتمع وقائياً وصحياً واجتماعياً من خلال تقديم البرامج والمبادرات الصحية المتطورة، وتوفير خدمات إعادة التأهيل ودمج المتعافين في المجتمع، فضلاً عن منع تهريب وإدخال المخدرات إلى الدولة وضبط التجار والمروجين، وتعزيز التنسيق والتعاون الدولي، لضبط تجار المخدرات الذين يستهدفون دولة الإمارات.
وأكدت وزارة الداخلية حرص دولة الإمارات في تحقيق نتائج متميّزة وريادية عالمياً في مجال مكافحة المخدرات، فقد جاءت في المركز الأول عالمياً في انخفاض معدل جرائم المخدرات، وفق مؤشر Eurostat، والأولى في إجمالي تقليل عدد بلاغات المخدرات والوفيات الناجمة عنها، كما حققت زيادة بنسبة (103%) في إجمالي عدد التجار والمروجين المضبوطين في جرائم المخدرات، وتمكنت من ضبط أكثر من (78) طناً من المخدرات على الصعيد المحلي خلال السنوات الخمس الماضية.
مكافحة غسل الأموال
على الصعيد الدولي، فقد أسهمت الدولة في ضبط (179) متهماً في (196) عملية دولية، ومصادرة (6.9) طن من المخدرات خلال عامي (2022 - 2023)، كما أسهمت الجهود المبذولة في مكافحة غسل الأموال المتحصلة من جرائم المخدرات خلال (2022 - 2023) في تجميد (1881) حساباً بنكياً، وضبط (173) متهماً.
كما استعرضت وزارة الداخلية، مؤخراً، الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات بدولة الإمارات، وجهود مجلس مكافحة المخدرات ووزارة الداخلية محلياً ودولياً في مواجهة التحديات، والتصدي لجرائم المخدرات والترويج لها، وذلك عبر تبني السياسات والأساليب المبتكرة، والطرق الحديثة وأفضل الممارسات، والتي تأتي ضمن منظومة عمل دولية متكاملة.
الأساليب المستحدثة
كما حذرت وزارة الداخلية من الأساليب المستحدثة التي تتبعها عصابات ترويج المخدرات من خارج الدولة، عن طريق استغلال تطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي للترويج لسمومهم بين فئات المجتمع، حيث ترصد الوزارة هذه الأساليب، وتقف لها بالمرصاد، وتعمل مع شركائها الاستراتيجيين وشركات مواقع التواصل الاجتماعي لمنع وصول رسائل عصابات المخدرات عبر تطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي إلى أفراد المجتمع.
تحديات
تعتبر جرائم المخدرات من الجرائم المتطورة ويتغير نمط تهريبها وترويجها باستمرار، وذلك يؤثر في اتجاهات الجريمة بشكل عام واتجاه التعاطي بشكل خاص، حيث اتجهت العصابات إلى أساليب مستحدثة لتهريب المخدرات، وأصبح التسويق الإلكتروني للمخدرات والترويج لها تحدياً تم التعامل معه بكل حزم.
وتشير التقارير العالمية إلى تزايد التحديات إقليمياً ودولياً التي تواجه دول العالم حالياً بشأن انتشار وترويج المخدرات عبر شبكة «الإنترنت»، حيث يتم استغلال تطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي في تطوير الجريمة وإغراق المجتمعات بالمواد المخدرة، وإلى أن التقارير الدولية تؤكد زيادة حجم تداول المخدرات على مستوى العالم.
الترويج «عن بُعد»
كما أن من أبرز التحديات التي تواجه أجهزة مكافحة المخدرات في العالم التحول إلى ترويج المخدرات عن ُبعد، من خلال استغلال مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على ترويج المخدرات بسرعة أكبر، وهذا ما حذرت منه دولة الإمارات في الاجتماع الدولي الأخير للجنة المخدرات التابعة لمنظمة الأمم المتحدة في فيينا، فالإمارات واجهت هذا التحدي عبر ضبط الرؤوس الكبيرة التي تدير هذه الشبكات في بلادهم بالتنسيق مع الأجهزة المعنية في تلك الدول. وتابع أن أجهزة مكافحة المخدرات في الدولة، رصدت خلال الفترة الماضية، توجه تجار ومروجي المخدرات إلى منصات التواصل الاجتماعي لبيع المخدرات، وتعاملت الأجهزة الأمنية مع هذه العصابات بحزم، وضبطت شبكات لترويج السموم، كما حظرت الحسابات التي تروج للمخدرات على مواقع التواصل الاجتماعي، وكشف عن أن عدد المواقع الإلكترونية وحسابات التواصل الاجتماعي المحظورة خلال الثلاث سنوات الماضية بلغ 2852 موقعاً وحساباً، وتم ضبط عدد 36 متهماً من الرؤوس الكبيرة التي تدير تلك الشبكات من الخارج.
مسؤوليات
حثت وزارة الداخلية على المسؤولية الجماعية في مكافحة المخدرات بدءاً من الفرد والأسرة والمجتمع، والشركاء الاستراتيجيين لوزارة الداخلية من الوزارات والهيئات الاتحادية والمحلية، منوهة بما حققته دولة الإمارات في تفعيل الشراكة المجتمعية من منطلق المسؤولية المشتركة لمكافحة المخدرات. وأكدت أهمية تحمل الأسر مسؤوليتها تجاه أبنائها، وتوعيتهم من الرسائل الإلكترونية المجهولة التي تصلهم من أرقام هاتفية خارج الدولة عبر تطبيق «واتساب»، وعدم التفاعل مع هذه الرسائل، وتتبع إجراءات الإبلاغ (Report)، ومن ثم الحظر (Block)، حيث سيترتب على ذلك الحظر الذاتي للحسابات المروجة للمخدرات باستخدام الذكاء الاصطناعي.
برامج وأنشطة التوعية
تعتبر دولة الإمارات من ضمن الدول السباقة في نشر برامج وأنشطة التوعية بمكافحة المخدرات ليس من خلال هذه المناسبات التي نجدد فيها دعواتنا المتكررة بضرورة الوقاية من براثن هذه السموم، وإنما انطلاقاً من نهجها الراسخ وبفضل سياسة قيادتنا العليا يتم التركيز دائماً على الأسرة، باعتبارها اللبنة الأساسية للمجتمع وعملت الدولة على توفير إمكانات متطورة للاهتمام بها وبأفرادها وحمايتها ووقايتها بالعديد من الأنشطة والفعاليات المجتمعية والأمنية حتى أصبحت من ضمن أولويات استراتيجيات الدولة التي ترى الإنسان بمعناه الشمولي هو الثروة الحقيقية للوطن فعملت على توفير المقومات والإمكانات كافة من أجل سعادته ورفاهيته. وحذرت وزارة الداخلية من استغلال الشبكات الإجرامية لتطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي في ترويج المخدرات، لافتة إلى أن رجال مكافحة المخدرات رصدوا ظاهرة إرسال الرسائل العشوائية عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي، والتي كانت تحتوي صوراً ومقاطع فيديو ورسائل صوتية لترويج المخدرات وتدعي قدرة العناصر الإجرامية على إيصال المخدر لأي مكان في الدولة.
أرقام الهواتف الدولية
أوضحت وزارة الداخلية أن زعماء عصابات المخدرات يستخدمون أرقام الهواتف الدولية لنشر الدعايات بشكل عشوائي لترويج المواد المخدرة، وقد تمكن رجال مكافحة المخدرات من الإطاحة بمروجين مقيمين داخل الدولة أثناء محاولتهم وضع المخدر في مواقع متفرقة للتسليم لتوجه لهم شرطة أبوظبي ضربة موجعة قصمت ظهور المروجين وتجار المخدرات، وتم ضبطهم متلبسين بالجرم المشهود وإحالتهم للجهات القضائية.
وأكدت الوزارة تواصل التثقيف بأخطار المخدرات في جميع الأوقات والمناسبات على مدار العام، لافتة إلى أن محاربة هذه الآفة الخطرة مسؤولية جماعية مشتركة لسد أي ثغرة يمكن أن تنفذ منها تلك السموم إلى أفراد المجتمع. وشددت على دور الأسرة في بناء المجتمع والحفاظ على سلوك أفراده، للحيلولة من دون وقوع الشباب والمراهقين في براثن الإدمان على المخدرات.
وناشدت وزارة الداخلية أفراد المجتمع بجميع شرائحه أهمية توعية الشباب والأبناء بعدم التعاطي مع الرسائل المجهولة التي قد تردهم عبر تطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي، والتي تستهدف ترويج ونشر المخدرات، حيث يجب على الأسر والأهالي تعزيز مستوى الوعي والجانب الثقافي لدى أبنائهم، وعدم التردد في إبلاغ الجهات المعنية عن هذه الرسائل، مشددة على أهمية تضافر وتكامل وتكاتف الجهود الحثيثة بين الأسرة والمدرسة والمؤسسات والجهات المعنية، للحد من خطر تعاطي المخدرات، وتشجيع النشء والشباب على استغلال أوقاتهم وشغلها في مجالات تفيدهم وتعود عليهم بالنفع على وطنهم ومجتمعهم في آنٍ واحد.
«مجلس مُكافحة المخدرات»
الجدير بالذكر أن مجلس الوزراء برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، قد أقرّ تشكيل «مجلس مُكافحة المخدرات» برئاسة الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، وذلك في إطار الجهود الوطنية المبذولة في هذا الجانب، ويتولى المجلس ضمْن اختصاصاته، وَضْع استراتيجية وطنية متكاملة لمكافحة المخدرات، تشمَل الوقاية منها، والتوعية بأضرارها، وتعزيز سُبل الكشف المبكر عن تعاطيها، وتوفير خدمات العلاج الطبّي والتأهيل النفسي من الإدمان عليها، وتعزيز آليات الدمج المجتمعي والوظيفي للمتعافين منها، وتحقيق التكامل المؤسسي الاتحادي والمحلّي لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمواد المخدرة والمؤثرات العقلية، ومواجهة جرائم غسْل الأموال، وتعزيز دور الوزارات والهيئات الحكومية الاتحادية والمحلية المعنيّة بمكافحة المخدرات.
تدابير التصدي
وذكرت الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات لعام 2023، بأن تدابير التصدي الممكنة لمكافحة المخدرات تعتبر من الأهمية بمكان الحد من أوجه عدم المساواة والفجوة في الحصول على العلاج والخدمات الشاملة للتقليل إلى أدنى حد من العواقب السلبية على الصحة العامة والعواقب الاجتماعية لتعاطي المخدرات في سلسلة متصلة من الرعاية المقدمة للأشخاص الذين يتعاطون المخدرات، لا سيما الفئات الضعيفة والمهمشة. ويمكن أن يساعد التنظيم المدروس جيداً في تشكيل مشهد المخدرات من أجل الحد من التسريب وتقليص الأسواق غير المشروعة وتقليل الأضرار التي تلحق بالصحة العامة، عندما تنظر الولايات القضائية في توسيع نطاق الوصول إلى المؤثرات النفسية بالنسبة لمجموعة متزايدة من العلاجات، حيث تشير مجموعة متزايدة من الأدلة إلى نتائج متنوعة ترتبط بطبيعة تنظيم الحصول على القنب للأغراض الطبية. ويبدو أن السياسات الرامية إلى التحكم في نوع المنتج المبيع من أجل حالات معينة تنجح أكثر في الحد من إمكانية الوصول للمواد لأسباب غير طبية أو ترفيهية مقارنة بالسياسات التي تأخذ في الاعتبار المصالح التجارية. مع تقديم الأبحاث التي تتعلق بمواد مؤثرة على الإدراك، ستكون اللوائح والسياسات التي توجه الاستعمال المناسب للعلاجات الجديدة مهمة في منع العواقب غير المقصودة للاستعمال غير الخاضع للإشراف أو التسريب.
109 آلاف استفادوا من التوعية بمخاطر المخدرات في أبوظبي خلال 2023
استفاد 109 آلاف و309 أشخاص من 248 فعالية ومحاضرة توعوية نفذتها مديرية مكافحة المخدرات بشرطة أبوظبي خلال عام 2023، استهدفت جميع شرائح المجتمع، وركزت على التعريف بالمواد المخدرة، وأسباب التعاطي، والأضرار الصحية والجسدية، وعوامل الخطورة، وكيفية الوقاية من مخاطر هذه السموم. وأكدت مديرية مكافحة المخدرات في قطاع الأمن الجنائي، اهتمام شرطة أبوظبي بتطوير وتقديم مختلف برامج التوعية المجتمعية والأمنية، لمواجهة آفة المخدرات وتأثيراتها على الفرد والمجتمع. كما وتحرص المديرية على إطلاق مبادرات وحملات لترسيخ القيم المجتمعية حول رفض المخدرات وآفاتها، والتعريف بمرض الإدمان، وفهم طبيعته، لتقديم الدعم اللازم من قبل الأسرة والمجتمع، والتوعية بالوقاية من خطر التعاطي.