الأحد 3 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات 35 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

نواف  الأحمد.. رحيل أمير التواضع والإنسانية

نواف  الأحمد.. رحيل أمير التواضع والإنسانية
17 ديسمبر 2023 01:11

أبوظبي (الاتحاد) 
اتسم بالخلق الرفيع، وسبقته سمعته الطيبة في كل المحافل، فعرف عنه طيبة القلب، وتعامل مع الجميع بمسطرة واحدة، فالكل أمامه أبناء وطنه، إنه الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، الذي رحل عن عالمنا عن عمر ناهز 86 عاماً قضاها في خدمة دولة الكويت الشقيقة، وعرفه الكويتيون خلالها أباً وأخاً وقائداً، أسهم في تحقيق نهضتها وتعزيز استقرارها. 
وأجمع شعب الكويت على أن أبرز ما ميّز الشيخ نواف الأحمد هو تواضعه، حيث تجلى حبه الكبير لوطنه، وسيظل الشعب الكويتي يذكر مقولته: «إنني بكل الفخر والاعتزاز أحني هامتي إجلالا وإكبارا لهذا الوطن العظيم وشعبه الوفي الكريم».
وعندما تولى دفة الحكم في الكويت يوم الـ 29 من سبتمبر 2020، حرص الشيخ نواف الأحمد على السير على النهج الحكيم الذي سار عليه أسلافه الحكام الكرام طوال العقود الماضية، في أداء دور فاعل في مسيرة الأمن والاستقرار في المنطقة ودرء الخلافات بين دولها، وتحقيق السلام في مجتمعاتها.
وحظي الأمير الراحل حين تولى دفة الحكم باعتباره الحاكم السادس عشر لدولة الكويت بتأييد شعبي ورسمي كبير، وتمت مبايعته بالإجماع من أعضاء السلطتين التنفيذية والتشريعية. ولطالما عرف الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد بحكمته وإخلاصه وتفانيه في خدمة الكويت وشعبها، محافظاً على مكانة متميزة للكويت في محيطها الخليجي والعربي والدولي.
وعندما تولى مقاليد الحكم، دشن الأمير الراحل عهداً تنموياً ومرحلة تاريخية في مسيرة البناء والعطاء عبر خطط تنموية حديثة تواكب مستجدات العصر وتطوراته.
وحقق الشيخ نواف الأحمد الصباح العديد من الإنجازات والنجاحات، شملت مختلف القطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والثقافية والصحية.
في 5 ديسمبر عام 2020، أجريت أول انتخابات برلمانية في عهده، وذلك بعد مرور أقل من 3 أشهر على توليه مقاليد الحكم، وفي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لأول مجلس أمة يُنتخب في عهده، تعهد بوضع برنامج إصلاحي شامل لمواجهة التحديات كافة. ورسم خريطة طريق لنجاح برنامج الإصلاح الشامل، وتمثلت ملامحها الأساسية في التعاون الفعال بين مجلس الأمة والحكومة، والحزم في تطبيق القانون، وتغليب الحوار الإيجابي المسؤول الذي يوحد ويجمع بين فئات الشعب الكويتي، ويحقق المصلحة الوطنية المشتركة.

وأولى الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، خلال فترة حكمه، ملف الوحدة الوطنية عناية خاصة، وفي أكثر من مناسبة، دعا إلى وحدة الصف وتضافر جهود أبناء الكويت جميعاً لتجاوز التحديات والصعوبات، حيث أكد أنه لا سبيل لتجاوز التحديات والنجاة من عواقبها إلا بوحدة الشعب.
وفي كلمته، خلال افتتاح دور الانعقاد التكميلي للفصل التشريعي الخامس عشر لمجلس الأمة، أكد الأمير الراحل على ضرورة الالتزام بالدستور، ودولة القانون، والتمسك بالثوابت الوطنية الراسخة، وفي مقدمتها الوحدة الوطنية والتعاون كأسرة واحدة.
نجاحات اقتصادية
اقتصادياً، سعى فقيد الكويت إلى تحفيز القطاعات الاقتصادية المختلفة وتطوير منتجاتها وخدماتها، وعمل على خلق فرص استثمارية تنافسية، وفي هذا الشأن جاءت الكويت في المرتبة الأولى عربياً والثالثة عالمياً في قيمة أصول الصندوق السيادي التي ارتفعت إلى 738 مليار دولار بعد أن كانت 270 ملياراً في عام 2011، ليسجل رقماً قياسياً وغير مسبوق بزيادة ثلاثة أضعاف قيمته في 10 سنوات فقط.
وحرص الأمير الراحل على تعزيز دور القطاع الخاص باعتباره أحد روافد الاقتصاد الوطني، ويلعب دوراً مهماً في تنويع مصادر الدخل، إضافة إلى حرصه على مواكبة التطورات الاقتصادية المتلاحقة في العالم في ظل ما يشهده الاقتصاد العالمي من صعوبات وتحديات.
وفي أكتوبر من عام 2022، أكد صندوق النقد الدولي أن الكويت تتجه لتحقيق القفزة الأعلى بين دول الخليج من حيث النمو الاقتصادي هذا العام الذي سيبلغ 8.7%، وتوقع زيادة الرصيد المالي للكويت خلال عام 2023 بنحو 23%، مقابل 29.1 في عام 2022، و16.3 في عام 2021.
وكان المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أصدر في أواخر عام 2021 تقريراً إحصائياً يتضمن أبرز المؤشرات الإحصائية التي تعكس الإنجازات التي حققتها دولة الكويت في مسيرتها التنموية، وكشف عن ارتفاع مستوى معيشة المواطنين ومستوى الرفاه، وهو ما يظهر جلياً في مستوى الدخل الفردي المرتفع للمواطنين، بالإضافة إلى تمتعهم بأحدث الخدمات في مجالات الصحة والتعليم والاتصالات والأنشطة الاقتصادية.

مشروعات تنموية 
تواصلت جهود القطاعات الكويتية المختلفة خلال فترة حكم الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح لتنفيذ العديد من المشروعات التنموية العملاقة، أبرزها المشروعات النفطية، مثل التشغيل الكامل لمشروع الوقود البيئي الذي يعزز مكانة الكويت العالمية في مجال صناعة تكرير النفط وإنتاج المشتقات النفطية عالية الجودة والأكثر أماناً للبيئة. ويخدم مشروع الوقود البيئي رؤية الكويت 2035، ويساعد في خلق فرص عمل جديدة للكويتيين، ويسهم بشكل فعال في تعزيز الاقتصاد الكويتي بنسبة 11.5%.
وخلال فترة حكمه، نجح قطاع النفط في تحقيق العديد من الإنجازات خلال عام 2021، حيث حققت شركة نفط الكويت العديد من النجاحات خلال هذا العام، منها توقيع عدد من العقود المهمة لتطوير إنتاج النفط والغاز، مثل عقد إنشاء وتشغيل محطة الإنتاج الجوراسي 4 و5.
كما تم تدشين أول عملية بحرية في ميناء الزور، وبدء التشغيل الآمن لمركز التجميع 31 الاستراتيجي الذي يساهم في إنتاج 100 ألف برميل نفط، و62.5 مليون قدم مكعبة من الغاز المصاحب يومياً، إضافة إلى 240 ألف برميل من المياه المعالجة، ويضم خطاً لتصدير النفط الخام، وخطاً آخر لتصدير الغاز متصلاً بمحطة تعزيز الغاز 132، فضلاً عن خط ثالث لتصدير المياه المنتجة إلى محطة معالجة المياه. وتواصلت جهود تنفيذ مشروع مبنى الركاب الجديد في مطار الكويت الدولي الذي يمثل نقلة نوعية في مجال النقل بالكويت، ويؤهلها لتكون محوراً إقليمياً رئيسياً في منطقة الشرق الأوسط.
وفي القطاع الصحي، تم استكمال إنشاء وتسليم مركز التطعيم بجسر جابر، وإطلاق العمل في وحدة أطفال الأنابيب بمستشفى الأحمدي، والقيام بأول عملية ولادة لطفل أنابيب في مايو من عام 2021.
حظيت فئة الشباب باهتمام كبير من قبل الأمير الراحل، الذي وجّه مؤسسات وأجهزة الدولة إلى العمل على رعاية الشباب وتأهيلهم بأفضل الوسائل العلمية والأكاديمية، الأمر الذي جعل الكويت تأتي في المرتبة الأولى عربياً والـ 27 عالمياً في مؤشر تنمية الشباب لعام 2021 من أصل 181 دولة. وفي هذا الشأن أيضاً، صُنفت دولة الكويت في خانة تنمية الشباب العالية جداً، وهو التصنيف الأعلى عالمياً، وتضم هذه القائمة 34 دولة فقط، من بينها الكويت واليابان وفرنسا.

مسند الإمارة
يستذكر الكويتيون بكل فخر الأدوار التي اضطلع بها كمحافظ لمحافظة حولي، ثم وزيراً للداخلية، ثم وزيراً للدفاع فوزيراً للشؤون الاجتماعية والعمل، ثم نائباً لرئيس الحرس الوطني، فنائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للداخلية.
وكانت محطته الأخيرة قبل توليه مسند الإمارة هي ولاية العهد وفقاً للأمر الأميري الذي أصدره الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه في السابع من فبراير عام 2006 بتزكية الشيخ نواف الأحمد لولاية العهد لما عهد فيه من صلاح وجدارة وكفاءة تؤهله لتولي هذا المنصب، واستمر فيه 14 عاماً سنداً أميناً للأمير الراحل ومشاركاً في اتخاذ القرارات التي تسهم في تطور البلاد والمحافظة على استقرارها.
وقد ولد الأمير الراحل في 25 يونيو 1937 وكان الابن السادس من الأبناء الذكور للأمير الراحل الشيخ أحمد الجابر الصباح أمير الكويت العاشر طيب الله ثراه الذي تولى الحكم في الكويت ما بين عامي 1921 و1950 وكان القدوة لأبنائه وللحكام الذين أتوا بعده.
ومنذ استقلال البلاد كان لسموه بصمة في العمل السياسي ففي 12 فبراير عام 1962 عينه الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح طيب الله ثراه محافظا لحولي وظل في هذا المنصب حتى 19 مارس عام 1978 عندما عين وزيراً للداخلية في عهد الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه حتى 26 يناير 1988 عندما تولى وزارة الدفاع.
وبعد تحرير الكويت عام 1991 تولى سمو الشيخ نواف الأحمد حقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في 20 أبريل 1991 واستمر في ذلك المنصب حتى 17 أكتوبر 1992.
وفي 16 أكتوبر 1994، تولى الأمير الراحل منصب نائب رئيس الحرس الوطني واستمر فيه حتى 13 يوليو 2003 عندما تولى وزارة الداخلية ثم صدر مرسوم أميري في 16 أكتوبر من العام ذاته بتعيين سموه نائبا أول لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للداخلية وبقي في هذا المنصب حتى تعيينه وليا للعهد في عام 2006.
تميز فقيد الكويت بالحرص الشديد على تعزيز الفضائل والقيم وآمن بأهمية وحدة وتكاتف أبناء الكويت، باعتبار أن قوة الكويت في وحدة أبنائها، وأن تقدمها وتطورها مرهون بتآزرهم وتلاحمهم ووحدتهم وتفانيهم وإخلاصهم في أعمالهم.

دفع التنمية
شغلت القضايا المحلية الاهتمام الأكبر لدى الشيخ نواف الأحمد خلال الأعوام الثلاثة التي قضاها في الحكم، نظراً لما عرف عنه من اهتمام بالغ بالتفاصيل التي تتعلق بشؤون الوطن وأمور المواطنين لاسيما ما يتعلق بالأمور الخاصة بالسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.
وكان يقدم الدعم للجهات المعنية للعمل على كل ما يسهم في دفع عملية التنمية في البلاد. واستمر الأمير الراحل في النهج الذي سارت عليه الكويت فيما يخص علاقاتها مع أشقائها العرب فكان يحرص على التنسيق مع القادة العرب في كل ما يخص القضايا العربية والتعاون البناء معهم لحل المشكلات التي تواجه الأمة العربية.
رفعة وازدهار
سار في علاقات الكويت مع دول العالم على النهج الذي دائماً عهدته الكويت طوال العقود الماضية، لاسيما احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية والتمسك بالشرعية الدولية والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين وحل وتسوية النزاعات بين الدول عبر الحوار والطرق السلمية.
وإذا كانت البلاد قد عاشت تحت قيادته خلال الأعوام الثلاثة الماضية رفعة وازدهاراً واستقراراً، فقد سبقتها عقود من العمل الرسمي تبوأ خلالها عدداً من المناصب أسهم من خلالها في تعزيز مسيرة بناء الوطن. 
وقبل توليه مقاليد الحكم في سبتمبر عام 2020، قضى فقيد الكويت نحو 58 عاماً من العطاء في مناصب عدة خدم خلالها الكويت.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض