هدى الطنيجي (أبوظبي)
سرطانات الدم مجموعة من الأورام الخبيثة التي تؤثر على الدم ونخاع العظم والجهاز اللمفاوي، وتمثل تحدياً صحياً كبيراً على مستوى العالم. ووفقاً لتقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية في عام 2020، يعتبر السرطان سبباً رئيسياً للوفاة حول العالم، حيث حصد المرض حياة نحو 10 ملايين شخص في ذاك العام لوحده، في حين أشارت دائرة الصحة – أبوظبي إلى أن سرطانات الدم بين أكثر 5 أنواع من السرطان مسببة للوفاة. ويبرز سرطان الدم كأكثر أنواع الأورام الخبيثة تعقيداً، نظير ما يمتلكه من سمات مرضية خاصة. وحول ذلك، استطلعت «الاتحاد» رأي عدد من الأطباء والمختصين في هذا المجال، وذلك بالتزامن مع اليوم العالمي للتوعية بسرطان الدم في شهر سبتمبر من كل عام، حيث قدم الدكتور وسام أحمد، رئيس قسم أمراض الدم والأورام الطبية وزراعة نخاع العظام في معهد الأورام في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، معلومات حول أنواع سرطان الدم وأسسه الجينية، حيث قال: «تؤدي التغيرات الجينية في خلايا الدم إلى تعطيل عملها الطبيعي، مما قد يسبب الإصابة بأورام الدم الخبيثة».
وأضاف: «هناك ثلاثة أنواع رئيسية لأورام الدم الخبيثة وهي ابيضاض الدم (لوكيميا)، والورم اللمفاوي (لمفوما) والورم النقوي المتعدد (ميلوما). ويحدث ابيضاض الدم في حال الإنتاج غير الطبيعي لخلايا الدم البيضاء، والورم اللمفاوي عند إنتاج الخلايا اللمفاوية بشكل لا يمكن السيطرة عليه، بينما يُعزى الورم النقوي المتعدد إلى خلايا بلازما نخاع العظم. وعلى الرغم من أن المسببات الجينية لا تزال غير واضحة بشكل دقيق، إلا أن عوامل مثل التعرض للإشعاع والمواد الكيميائية والالتهابات وخلل الجهاز المناعي قد تساهم في حدوث هذه الأمراض».
دقة تشخيص
من جهته، قال الدكتور شيرجيل سنا، طبيب استشاري في قسم الأورام الطبية بمستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي: «أحدث التقدم التقني الطبي نقلة نوعية في التشخيص المبكر لأورام الدم الخبيثة وعلاجها. وساهم التقدم الحاصل في التقنيات الطبية في تحسين دقة تشخيص وعلاج هذه الأورام. ومكنتنا الابتكارات السباقة على غرار الجيل الجديد من التسلسل الجيني من إجراء تحليلات وراثية شاملة، والتعرّف على الطفرات الجينية المسؤولة عن الإصابة بالأورام الخبيثة. ومن ناحية أخرى، منحنا الاختبار الجزيئي القدرة على الكشف المبكر ومراقبة الاستجابة للعلاج من خلال تحليل التغيرات الجينية في الدم».
وأضاف: «على مستوى العلاج، ظهر العلاج المناعي والعلاجات الخلوية الجديدة كمنهجية ثورية أحدثت نقلة نوعية في المنهجيات العلاجية، حيث يسخر هذا العلاج النظام المناعي في سبيل محاربة الخلايا الخبيثة بكفاءة عالية. ويعتبر علاج رابط الخلايا التائية للجسم المضاد ثنائي الخصوصية (Bispecific T-cell Engager) مثالاً حياً عن ذلك، إذ يوحد تلك المنهجيات العلاجية لمكافحة خلايا الورم الخبيث، ويعمل على تفعيل الاستجابة المناعية ضد الخلايا الخبيثة».
مركز فاطمة بنت مبارك
وأشار إلى أن مركز فاطمة بنت مبارك في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، يتبنى منهجية شاملة ومتعددة التخصصات لرعاية الأورام، ويضع التشخيص المبكر والوقاية والعلاجات المصممة حسب الطلب كأولوية قصوى، ويحرص على التعاون مع كليفلاند كلينك الولايات المتحدة في هذا الإطار. ومن خلال الاستفادة من التقنيات المتطورة، يمضي المركز قدماً نحو تحسين جودة رعاية مرضى أورام الدم في دولة الإمارات وخارجها. واختتم الدكتور سنا بالقول: «تواصل التكنولوجيا الطبية تطورها يوماً تلو الآخر، وستكون دائماً حاضرة للارتقاء بسبل علاج أورام الدم الخبيثة، وتعزيز دقتها، ومنح المزيد من الأمل للمرضى».
سرطان الأطفال
أكد الدكتور محمد فهد عبدالله، استشاري أمراض الدم والأورام عند الأطفال بمدينة برجيل الطبية في أبوظبي، أن معدلات الشفاء في سرطانات الأطفال أعلى بنسبة كبيرة مقارنة بالسرطانات التي تصيب البالغين، ويصيب سرطان الدم الأطفال بشكل أكثر شيوعاً من بقية أنواع السرطانات، يليه سرطان الدماغ، ثم الأنواع الأخرى بنسبة أقل، موضحاً أن سبب الإصابة بسرطان الدم هو وجود استعداد جيني في نخاع العظم وخلل في الخلايا المكونة للدم، ما يؤدي لحدوث السرطان عند الأطفال، وأوضح أن سرطانات الأطفال ليست لها علاقة بالعوامل البيئية كالبالغين إنما لها علاقة بشكل أكبر بالاستعداد الخلقي للإصابة بالسرطان، وهذا لا يعني أنه مرض وراثي، لأن قسم كبير من سرطانات الأطفال يكون سببها الحقيقي مجهولاً.