سامي عبد الرؤوف (دبي)
تشارك دولة الإمارات العربية المتحدة، العالم بالاحتفال بيوم العمال العالمي، الذي يصادف الأول من مايو من كل عام، لتجسد اهتمامها بالعمال وحقوهم وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم ولأسرهم، باعتبارهم أحد أهم مكونات التنمية والتقدم الذي تحققه الإمارات.
وتأتي مشاركة الإمارات في هذا الحدث العالمي، تقديراً لدور العمال في المجتمع وجهدهم الفاعل في العمل والبناء والإنجاز، والتأكيد على إسهاماتهم وعطائهم المتواصل لخدمة المجتمع.
وتنظم العديد من الجهات المختصة، بهذه المناسبة، حزمة من الفعاليات على مستوى الدولة بمناسبة اليوم العالمي للعمال، حيث تتضمن توعية العاملين بحقوقهم والتزاماتهم القانونية وتوزيع الهدايا العينية والتذكارية على العاملين، وغيرها من الفعاليات.
كما تتضمن الفعاليات توزيع وجبات جاهزة للعمال وتقديم الهدايا الرمزية لهم بهذه المناسبة، إضافة إلى الملابس ومستحضرات العناية وحقائب الإسعافات الأولية، وسط إجراءات وتدابير احترازية للحد من انتشار فيروس «كورونا» المستجد.
ويهدف يوم العمال العالمي إلى الاهتمام بجميع فئات العمال باعتبارهم طرفاً رئيسياً في عملية الإنتاج وشريكاً في التنمية التي تشهدها الدولة.
وتواصل الإمارات إصدار التشريعات والقوانين من أجل صون حقوق الموظفين والعمال، والحفاظ على صحتهم وسلامتهم في بيئة العمل، لتعزيز سجل الدولة الذي يحفل بإنجازات بارزة في مجال حفظ حقوق الموظفين والعمال، مع مراعاة سلامتهم وصحتهم المهنية، بما ينعكس على دفع عجلة التنمية المستدامة لضمان تحقيق ميزة تنافسية للدولة واستدامة النتائج. وتولي الجهات الحكومية سواء الاتحادية أو المحلية بدولة الإمارات، اهتماماً كبيراً بتعزيز مفهوم الصحة والسلامة المهنية في بيئات العمل المختلفة على مستوى الدولة.
وتتضافر جهود الجهات المعنية في إطار المعيار الوطني لنظام إدارة السلامة والصحة المهنية، وفق استراتيجية متكاملة وفي إطار القواعد الإرشادية، حيث تطبق أفضل الممارسات العالمية في مجال صحة وسلامة المتعاملين والموظفين واستخدام أحدث التقنيات الخاصة ببيئة العمل، وتوفير التدريبات اللازمة للعاملين في جميع مقراتها، بهدف توفير مكان عمل صحي وآمن، وذلك بتقديم منظومة متكاملة للوقاية.
وتعمل وزارة الصحة ووقاية المجتمع مع الجهات المعنية لتطوير نظام حديث للإبلاغ عن حوادث وإصابات العمل والأمراض المهنية، وتوثيقها، وتحليلها، وإعداد تقارير دورية حولها على المستوى الوطني.
كما تعمل على فتح قنوات الاتصال بين الجهات المعنية لتعزيز صحة العاملين في المنشآت، سواء الجسدية أو النفسية، وصولاً لدرجة السعادة المهنية، من خلال تطوير النظام الوطني لتوثيق حوادث وإصابات العمل والأمراض المهنية، بالتعاون مع المنظمات العربية والدولية ذات الصلة.
وتمثل الصحة والسلامة المهنية التزاماً أخلاقياً وحضارياً واقتصادياً في الإمارات، حيث صادقت الدولة على عدة اتفاقيات رئيسية لمنظمة العمل الدولية ذات صلة بحقوق العمال، واعتمدت العديد من القوانين لحمايتهم، بما في ذلك القوانين الخاصة بمجالات التوظيف والأجور والسكن والصحة والسلامة المهنية.
التشريعات والقوانين
واستطاعت دولة الإمارات، تحقيق إنجازات كثيرة لضمان حقوق العمال بالدولة، أبرزها توفير حزمة متميزة وممتازة من التشريعات والسياسات والإجراءات، لصون وضمن حقوق العمال في الدولة، وتوفير بيئة عمل نموذجية في إطار ضمان مصالح طرفي الإنتاج، وتوفير الحماية للعملية التعاقدية وفقاً للتشريعات الوطنية. وتعد دولة الإمارات من الدول التي حازت مكانة مرموقة في الحفاظ على حقوق العمالة وتحقيق المساواة الكاملة، وقد جاءت تشريعات تنظيم علاقات العمل بالدولة منسجمة مع المبادئ والمعايير المضمنة في مستويات منظمة العمل الدولية، حيث اتسمت بشمولية التشريع وتغطية جميع الجوانب العمالية التي تقتضي تدخل المشرع. وقد حققت الإمارات، إنجازات كبيرة وغير مسبوقة، جعلتها تقود عن جدارة واستحقاق، جهود ترسيخ حق الإنسان في العمل من خلال القوانين المتطورة التي تسنها، وما قامت به الهيئات والوزارات المختلفة التي تعمل على ضمان سعادتهم وراحتهم وحصولهم على كافة حقوقهم المالية والمعيشية. وتقوم قيم المجتمع على التكافل والتعاضد واحترام إنسانية الإنسان، وهذه القيم تدعمها القيم الإنسانية الأصيلة للمجتمع والتشريعات التي تصون كرامة الإنسان وتكفل حقوق العامل وتتضمن حريته وتقدر عمله، بالإضافة إلى المساواة، والعدالة الاجتماعية، وتوفير الأمن، والطمأنينة.
حماية الأجور
وتطبق الإمارات حزمة من السياسات والمبادرات، وذلك في إطار ضمان مصالح طرفي الإنتاج، وتوفير الحماية للعمالة التعاقدية المؤقتة وفقاً للتشريعات الوطنية. ومن الإجراءات التي عززت حقوق العمال بالدولة، مراقبة جودة السكن ليطابق العيشة الإنسانية الكريمة، وكذلك إلزام رب العمل بكفالة إحضار العامل والتكفل بجميع مصاريفه بدءاً من تذكرته وانتهاء بمصاريف ورسوم إقامته، وسكنه ومأكله وعلاجه. ويعتبر نظام حماية الأجور واحداً من أبرز تلك المبادرات الهادفة إلى حماية حقوق العمال وضمان حصولهم على أحورهم في المواعيد المحددة، من خلال النظام الذي أثنت عليه منظمة العمل الدولية، في وقت طلبت فيه العديد من الدول الاطلاع على آلية عمله لتطبيقه في أسواق العمل لديها. وتتخذ وزارة الموارد البشرية والتوطين، إجراءات صارمة بحق المنشآت التي تتخلف عن سداد الأجر الذي يعتبر أساس علاقة العمل التعاقدية.
صون الحقوق
ونظم المشرع الإماراتي وضمن حقوق العامل قبل مجيئه إلى الدولة وحتى انتهاء العلاقة العمالية، مشيراً إلى أن الدولة خصصت دوائر عمالية في محاكمها، حتى أن مقار الدوائر العمالية فيه نوع من الاستقلال في بعض المحاكم.
ويتم النظر في القضايا العمالية بأسرع وقت ممكن لصون حق العامل وضمان استمرارية حياته بشكل طبيعي، موضحاً أن حماية حقوق العمال لم يقتصر على الجهات الحكومية، بل امتد إلى جمعيات النفع العام مثل جمعية الإمارات لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى الإدارة العامة لحقوق الإنسان بشرطة دبي، التي نجحت خلال السنوات الماضية بالتواصل مع أصحاب الشركات لصون حقوق العامل.
وتطبق دولة الإمارات اشتراطات للصحة والسلامة في مساكن العمال ومواقع العمل، فضلاً عن تحديدها ساعات للتوقف عن العمل وقت الظهيرة في فترة الصيف.
الحماية المجتمعية
أبرز المزايا التي تتميز بها دولة الإمارات في التعامل مع العمال، اهتمام مجتمع الإمارات بتقديم رعاية منقطعة النظير للعامل، بما في ذلك العمالة المساعدة وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم، بالإضافة إلى الاهتمام الحكومي.
ومن أبرز التشريعات الحديثة لصالح العمال، القرار الوزاري لوزارة الموارد البشرية والتوطين، رقم 279 لسنه 2020 في شأن استقرار العمالة بمنشآت القطاع الخاص خلال فترة تطبيق الإجراءات الاحترازية واحتوى على مزايا وضمانات للعامل وبشكل يحقق مصلحة كلا الطرفين.
وجمع القرار بين حق العامل في أدائه العمل والحصول على أجره، وحق صاحب العمل في الحفاظ على مشروعه قائماً خلال تلك الفترة حتى لا يتعرض للإفلاس وتتأثر المنشأة وعاملوها.