العز بن عبدالسلام من كبار علماء المسلمين، جمع بين العلم والعمل، ولد بالشام ودفن في مصر، وكان قدوة في الورع والتقوى والتحري في الفتوى، هو عبدالعزيز بن عبدالسلام بن أبي القاسم بن الحسن السلمي، الدمشقي، الشافعي، شيخ الإسلام ولد سنة سبع وسبعين وخمسمئة.
تفقه على الإمام فخر الدين بن عساكر، وقرأ الأصول والعربية، ودرس وأفتى وصنف، وبرع في المذهب الشافعي، وبلغ رتبة الاجتهاد، وقصده طلبة العلم من أرجاء البلاد الإسلامية، وتتلمذ على يديه أئمة كشيخ الإسلام ابن دقيق العيد، والإمام علاء الدين أبي الحسن الباجي، والشيخ تاج الدين بن الفركاح، والحافظ أبي محمد الدمياطي، وأبي شامة، وغيرهم.
والعز بن عبدالسلام كان إماماً، ناسكاً، ورعاً، عابداً، وكان جامعاً لفنون متعددة، عارفاً بالأصول والفروع والعربية، إضافة إلى ما جبل عليه من ترك التكلف، مع الالتزام بالدين.
سافر من الشام إلى مصر، فلما قدمها تلقاه واليها الصالح نجم الدين أيوب وبالغ في احترامه، وتولى العز بن عبدالسلام بمصر القضاء والخطابة، وأكرمه حافظ الديار المصرية وزاهدها الإمام عبدالعظيم المنذري وامتنع من الفتيا وقال: كنا نفتي قبل حضور الشيخ عز الدين، وأما بعد حضوره فمنصب الفتيا متعين فيه.
وكان ورعاً متحفظاً في الفتوَى، أفتى مرّة بشيء ثم ظهر له أنه خطأ، فنادى في مصر والقاهرة على نفسه، من أفتى له فلان بكذا فلا يعمل به فإنه خطأ.
وكان لا يحمل في قلبه على أحد، حتى من تعدى عليه وظلمه، قال رحمه الله: إني كل ليلة أحالل الخلق وأبيت وليس لي عند أحد مظلمة، وأرى أن يكون أجري على الله تعالى ولا يكون على الناس، عملاً بقوله تعالى: (... فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ...)، سورة الشورى: الآية 40»، وأن يكون أجري على الله ولا يكون على خلقه أحب إليَّ.
ومن مؤلفات الشيخ عز الدين «القواعد الكبرى»، وكتاب «مجاز القرآن»، وهذان الكتابان شاهدان بإمامته وعظيم منزلته في علوم الشريعة، وله كتاب «شجرة المعارف» حسن جداً، وكتاب «الدلائل المتعلقة بالملائكة والنبيين عليهم السلام والخلق أجمعين»، و«الإمام في أدلة الأحكام»، و«الفتاوى الموصلية»، و«الفتاوى المصرية، مجموع مشتمل على فنون من المسائل والفوائد، وغيرها.
توفي في العاشر من جمادى الأولى سنة ستين وستمئة بالقاهرة ودفن بالقرافة الكبرى، رحمه الله تعالى.