الأحد 17 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات 38 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

شخصيات إسلامية.. زينب بنت محمد

شخصيات إسلامية.. زينب بنت محمد
8 ابريل 2022 02:16

زينب بنت محمد صلى الله عليه وسلم، أكبر بنات النبي عليه الصلاة والسلام، ولدت قبل البعثة النبوية بعشر سنوات، تزوجها أبو العاص بن الربيع بن خالتها هالة بنت خويلد، وأنجبت زينب من زوجها أبي العاص ولداً وبنتاً، فأما الولد فاسمه علي مات وهو صغير والبنت اسمها أمامة تزوجها علي بن أبي طالب بعد وفاة فاطمة الزهراء، وتزوجها المغيرة بن نوفل بعد وفاة علي بن أبي طالب، وهي التي ورد في الحديث النبوي أن النبي صلى الله عليه وسلم حملها على عاتقه في صلاة الفجر، والسيدة زينب من السابقات، ولها مواقف نبيلة خلدها التاريخ، لتكون للنساء قدوة حسنة ومثلاً أعلى يحتذى به.
تزوجت السيدة زينب رضي الله عنها، قبل البعثة النبوية، بابن خالتها العاص بن الربيع ولما بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمت زينب وبقي زوجها على دينه، وجعلت قريش تدعو أبا العاص لمفارقة زوجته زينب، فكان يرد عليهم بقوله: لا والله، إني لا أفارق صاحبتي، وما أحب أن لي بامرأة امرأة من قريش، فبقيت زينب عند زوجها كل على دينه، وهذا الأمر كان قبل نزول آيات الفراق بين المؤمنة والكافر.
وعندما وقع أبو العاص في الأسر، بعد هجرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام إلى المدينة المنورة، خرج أبو العاص مع قريش محارباً ضد المسلمين في غزوة بدر، وبقيت زوجته زينب في مكة، ومع انتهاء الغزوة لصالح المسلمين  كان للسيدة زينب رضي الله عنها، موقف يجسد ارتباطها بزوجها وابن خالتها إذ   وقع أبو العاص أسيراً بأيدي المسلمين، ولمّا أرسل أهل مكة الأموال في فداء أسراهم أرسلت زينب في فدائه بقلادة كانت لها من أمها خديجة بنت خويلد رضي الله عنهما، وأبو العاص رجل وفِي كريم يستحق التكريم، فقد رفض تطليق زينب حينما أمرت قريش رجالها أن يطلقوا بنات النبي صلى الله عليه وسلم، بعد البعثة، فطلق ولدا أبو لهب عتبة وعتيبة زوجتيهما رقية وأم كلثوم بنتي النبي عليه الصلاة والسلام، بينما تمسك أبو العاص بزوجته وابنة خالته رغبة في عشرتها وإكراماً لها ولأبيها ولأمها حتى لو خالفهما في معتقدهما، فآن لزينب أن ترد الدين، فزينب كريمة بنت كِرام، فاختارت زينب أن ترسل في فداء زوجها أغلى ما تملك، وهو الشيء الذي لم تكن لتفرط فيه أبداً إلا فداء ووفاءً لمن تحب، فما أشبه الفرع النبيل بالأصل الكريم، فما أشبهها بأمها رضي الله عنهما، فأرسلت زينب تلك القلادة التي أهدتها إياها أمها من قلائدها يوم زفافها.
  تأثر النبي عليه الصلاة والسلام من موقف فداء ابنته زينب لزوجها، وقال لأصحابه الذين أثروه: «إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا»، الموضوع اختياري لكم، فأطلقوا سراحه، وردوا مالها، وقد كان عليه الصلاة والسلام قد اشترط على أبي العاص أن يخلِّي سبيلها ويأذن لها بالهجرة إلى المدينة المنورة، فوفى بذلك فبعد إطلاق سراح زوجها وعند وصوله إلى مكة أمرها زوجها باللحاق بأبيها في المدينة المنورة، وفاء بوعده.
وانتقلت السيدة زينب للعيش في المدينة المنورة وبقي أبو العاص مقيماً في مكة سنوات، وذهبت هي إلى المدينة المنورة وظل هو في مكة.
 وفي العام الثامن للهجرة قبل فتح مكة بقليل يحدث موقف آخر لأبي العاص حين كان خارجاً في تجارة له إلى الشام وفي طريق العودة تلقاه سرية لرسول الله عليه الصلاة والسلام، فتصيب ما معه من أموال، ولكنه يفلت من أيديهم، لقد فقد ماله ومال قريش، ولا سبيل إلى أن يرد الأمانات إلى أهلها، فماذا يفعل الآن، ماذا يفعل، لقد تذكر زينب التي بادلته الحب والوفاء، فدخل المدينة ليلاً وطلب منها أن تجيره وتعينه على رد ماله، فأجارته وأصبح الناس يسعون إلى المسجد، وكبّر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكبّر المسلمون، وإذا صوت يهتف من وراء جدار أيها الناس إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع، فهو في حمايتي وأمني، وكانت زينب هي التي تهتف، ثم دخل عليه الصلاة والسلام على ابنته، فحدثها وحدثته وأوصاها، قائلاً: أي ابنتي أكرمي مثواه ولا يخلص إليه فإنك لا تحلين له ما دام مشركاً، وأكبر النبي عليه الصلاة والسلام أن يرى في ابنته هذا الوفاء لزوجها الذي فارقته لأمر الله، وقطعت ما بينها وبينه من شهوات النفس لأمر الله، ثم بعث صلى الله عليه وسلم إلى السرية التي أصابوا مال أبي العاص، فقال: إن هذا الرجل منا حيث علمتم وقد أصبتم له مالاً فإن تحسنوا إليه وتردوا عليه ماله فإنا نحب ذلك وإن أبيتم فهو فيء الله الذي أفاء عليكم فأنتم أحق به، قالوا بل نرد عليه، فردوا إليه ماله كرامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإكباراً لزينب.
وهنا يعود أبو العاص إلى مكة بماله ومال الناس ونفسه تفيض بمشاعر شتى وبين عينيه صورة لا تفارقه، فكل ما أدى لكل ذي مال ماله وقف ثم قال يا معشر قريش هل بقي لأحد منكم مال قالوا: لا، قد وجدناك وفياً كريما، قال: فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، والله ما منعني من الإسلام عنده إلا تخوفي أن يظنوا أني إنما أردت أن آكل أموالكم فلما أداها الله إليكم وفرغت منها أسلمت، ثم خرج من مكة إلى المدينة مهاجراً وتلاقى الزوجان المتحابان مرة ثانية بعد فراق طويل، وبعد صبر وحسن ظن بالله تعالى فرحت زينب بإسلام زوجها الذي أحبته ووفت له بمقدار ما أحبها ووفى لها.
وبعد سنة من مراجعتها توفيت السيدة زينب في السنة الثامنة للهجرة، فبكاها أبو العاص بكاءً شديداً، وكان يقول للنبي صلى الله عليه وسلم، يا رسول الله ما عدت أطيق الدنيا بغير زينب، ومات أبو العاص بعدها بسنوات قليلة، وهنا نتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض