هو صحابي جليل ورد في فضله مجموعة من الأحاديث، منها:
ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو يعدد مناقب بعض أصحابه-: «وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل»، (سنن الترمذي، 3790).
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن خرج معه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصيه ومعاذ راكب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي تحت راحلته، فلما فرغ قال: يا معاذ إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلك أن تمر بمسجدي هذا، وقبري» فبكى معاذ جشعاً، (جشعاً: أي فزعاً، وقد ورد في بعض الروايات: «خشعاً»، وفي بعضها: «جزعاً»)، لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم، (مسند أحمد، 22052).
اسمه: معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري رضي الله عنه، بايع النبي صلى الله عليه وسلم يوم العقبة الثانية، وأسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة، فهو من السابقين الأولين. لم يتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مشهد، وقد بلغ من الفقه والعلم المدى الذي جعله أهلاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم عنه: «أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل».
كان مستنير العقل، ذكياً، عالماً، فعن عائذ الله بن عبدالله: أنه دخل المسجد أول خلافة عمر وفي الحلقة شاب شديد الأدمة، وضيء، حلو المنطق، وهو أشبهم سناً، فإذا اشتبه عليهم شيء ردوه إليه (يعني: معاذ بن جبل).
وقال أبو مسلم الخولاني: دخلت مسجد حمص، فإذا فيه نحو من ثلاثين كهلاً من الصحابة، فإذا فيهم شاب أكحل العينين، بَرَّاق الثنايا، ساكت، فإذا امترى القوم، أقبلوا عليه، فسألوه. فقلت: من هذا؟ قيل: معاذ بن جبل. فوقعت محبته في قلبي.
وقال شهر بن حوشب: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تحدثوا وفيهم معاذ بن جبل، نظروا إليه هيبة له.
هاجر معاذ رضي الله عنه إلى الشام، وعاش فيها معلماً وفقيهاً، ثم ولاه عمر إمارتها، ولم يمض عليه في الإمارة سوى بضعة أشهر حتى انتقل إلى ربه مخبتاً منيباً.
كان معاذ رضي الله عنه سمح اليد، والنفس، والخلق، لا يسأل عن شيء إلا أعطاه، قضى حياته في طاعة ربه، حاملاً لواء العلم، كان يأتيه المال فيوزعه على المحتاجين.
كان يقول في قيام الليل: اللهم نامت العيون، وغارت النجوم، وأنت حي قيوم.
ومن أقواله المشهورة ما قاله عند موته: «مرحباً بالموت مرحباً، اللهم إني قد كنت أخافك، وأنا اليوم أرجوك. إنك لتعلم أني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لكري الأنهار، ولا لغرس الأشجار، ولكن لظمأ الهواجر، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء عند حلق الذكر».
مات رضي الله عنه في عهد عمر ولم يجاوز من العمر ثلاثاً وثلاثين سنة بعد أن أصيب بطاعون عمواس ودفن في غور الأردن.