دينا جوني (دبي)
كيف تحول برج خليفة الذي يبلغ ارتفاعه 829.8 متر، (2.722 قدماً)، من أعلى بُرج شيده الإنسان على الكرة الأرضية، إلى برج لا يتعدى طوله 8 ميليمترات فقط، ولا يمكن رؤية تفاصيله إلا عبر كاميرا مكبّرة؟.
الإجابة عن هذا السؤال تجدها في جناح ليتوانيا في إكسبو 2020 دبي، والتي تقدّم صفوة ابتكاراتها في صناعة أنظمة الليزر عبر تقديمها أنموذجاً زجاجياً لبرج خليفة يعتبر الأصغر في العالم، ولا يتعدى طول الهيكل المعروض داخل جناح ليتوانيا في منطقة الاستدامة ثمانية ميليمترات، وتمّ تثبيت كاميرا مكبّرة لنقل صورة للهيكل على شاشة وضعت إلى جانبه للتأمل في التفاصيل الدقيقة للبرج التي أمكن نقشها على الزجاج، لإنتاج منمنمة هي الأصغر في العالم لأعلى برج في العالم.
استخدمت الشركة المصنّعة تقنية النقش بالليزر الانتقائي لتصنيع هيكل برج خليفة الزجاجي. وأُنجز العمل في خطوتين، أولاً بالمعالجة عبر تعديل حجم الزجاج بإشعاع ليزر قصير جداً، وثانياً عبر حفر الزجاج المعدل كيميائياً. وتمكّن هذه الطريقة المستقرة ميكانيكياً وبشكل مستمر، من إنشاء الهياكل الدقيقة من الزجاج. وتشهد المنصة التي تعرض أصغر برج خليفة في العالم حضوراً كبيراً من زوار إكسبو لاستكشاف دقة وأهمية التقنيات التي يعرضها الجناح.
وشرح بوفيلوس جيميكس، الدليل العلمي داخل الجناح، إن تقنية الليزر المستخدمة في إنتاج مجسّم «ميكروسكوبي» لبرج خليفة، هي نفسها المستخدمة في القطاع الصحي خصوصاً في ما يتعلق بمعالجة جلطات الدم.
وقال، إن هذه التقنية، من المعدات إلى الاستخدامات، تعدّ من الصناعات الرئيسة في ليتوانيا، مما يسمح للبلاد بترك بصمتها على المستوى الدولي، إذ يتم تصدير أنظمتها ومعداتها من الليزر إلى أكثر من 100 دولة، منها الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية وأستراليا وكذلك دول آسيا نطاق واسع.
وفي عام 2019، ابتكرت اثنتان من كبرى شركات الليزر في ليتوانيا نظاماً هو الأقوى في العالم، وهو وليد فكرة الفائز بجائزة نوبل في الفيزياء العالم الفرنسي جيرارد مورو الذي افتتح بنفسه حفل التدشين. وقال، إن حوالي 90 جامعة من بين أفضل 100 جامعة في العالم حالياً تستخدم أنظمة الليزر الليتوانية، كما اختيرت منتجات الليزر الليتوانية من قبل وكالة ناسا و«سيرن» والشركات العالمية الأخرى منها «آي.بي.أم»، «هيتاشي»، «تويوتا»، و«ميتسوبيشي». وتسيطر ليتوانيا على 70 في المئة من السوق العالمي في مجال تكنولوجيا الليزر، كما تمثل أكثر من نصف السوق العالمية في التحليل الطيفي بالليزر، ومن أكثر تطبيقات الليزر شيوعاً في البلاد النقش والعلامات والآلات الدقيقة ودراسات البلازما، وعلم الأحياء الضوئية، والكيمياء الضوئية، والاستئصال، والتخصيب في المختبر.
وذكر أن ليتوانيا تبنت جملة من الإصلاحات قبل أكثر من 10 سنوات لتتمكن من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وقد كان الاقتصاد مبنياً على القطاعات التقليدية وهى الصناعات الغذائية وتكرير البترول والأثاث، لتجري ليتوانيا تحولاً إلى اقتصاد التكنولوجيات المتقدمة في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتكنولوجيا الحيوية، وصناعة الأجزاء الصغيرة في الأقمار الصناعية، بالإضافة طبعاً إلى تقنيات الليزر.