الوالدان هما سبر البناء وجذر الانتماء، هما حصن الحياة، وحضن الوجود، بجودهما ترعرعت الأغصان، وبوجودهما نمت شجرة الأبناء، وطالت عنان السماء، وبهما أمطرت الغيمة قطرات الفرح، وتسامت الجباه حتى عانقت شغاف النجمة.
واليوم، وقد بلغت الدولة مبلغ الذروة القصوى في الاهتمام بمن رعوا، وربوا، واعتنوا، واحتضنوا، وحصنوا، وملأوا جعبة الأيام حنيناً وحناناً، وسكبوا من دماء القلوب رحيقاً يشفي بكاء الصغار، ويمنحهم بريق النضارة، وهم يتربعون على عرش السعادة، بوجود والدين يمنحون حياتهم فداءً لعيش هانئ لفلذات الأكباد.
يأتي تكريم رجل الإنسانية، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، للمؤسسات التي توفر بيئة عمل داعمة للوالدين، إيماناً من القيادة بضرورة دعم الاستقرار الأسري.
هذه هي سجية بلد عرف طريق الحياة، من أنه يبدأ من أحضان الوالديْن، وعرفت أن أُس الحياة هي تلك العيون التي لاحقت خطوات من أنجبت، وسواعد طوّقت أجساداً بنعومة القطنة البيضاء، بلد له من العرفان منازل، وله من الحب موائل، وله من الحنان بيوت العز والشرف.
تكريم جاء من مكمن الكرامة، وبلسم الشهامة، «بوخالد» بكفٍّ بيضاء من غير سوء، يصافح ذوي الفزعة الحليمة، والنزعة الكريمة، هؤلاء أبناء الإمارات الذين استوعبوا درس الأحلام الزاهية، فهبوا جميعاً، وهم يرأسون مؤسسات، تحوّلت إلى أحضان دافئة، تحوي وتحمي من لهم دور في شد أجنحة الطيور التي حلقت اليوم، ورفرفت، وجابت فضاءات الدنيا برحابة صدور، ونقاء سرائر، وفيض حب.
الإمارات باسم صاحب العزم القوي، والعزيمة الفياضة، تضع الوالدين بين الرموش، وتمنحهم روح الحياة، والتفاؤل، والثقة بأن العمر ليس إلا رقماً، وما يتجسد في الحياة هو ذلك التاريخ الممتلئ بأحلام كأنها الدر النفيس، وطموحات لا ينضب معينها، وتطلعات مثل سلسال الذهب، تشد حبيباته بعضها بعضاً، وتمضي القافلة ريانة بالآمال، تمضي الركاب خبباً باتجاه الأفق.
هكذا أصبحت اليوم الإمارات، لها في العلاقة بين الوالدين والأبناء، كما هي العلاقة بين الشريان والوريد.
هكذا هي بلادنا اليوم بفضل قيادة آمنت أن الحب ناموس حياة، وقاموس بلاغة في تحقيق منجز وطني، يتحدى العواقب بقلوب عرفت أن الحُبّ بيت الحكمة، وأن الود منزلة الفطنة، وأن الوفاء ترياق وجود، وأن الانتماء هو أصل الهوية، ودفتر ملاحظاتها، وذاكرة أيامها، وسر بقاء القوة في ضمير العشاق.
بلد تدير دفته قيادة سابقت الزمن في تحقيق التطلعات، يستحق الحياة بكل جمالها، وحسن خصالها، ورونق كمالها، فشكراً لعشاق الحياة، شكراً لكل من يعطي ولا ينتظر الثواب، سوى أنه يسعد عندما يجزل بالعطاء.