تخبرني شقيقتي بأني أصبحت أبالغ في خوفي من الحسد، لا أنكر ذلك أبداً. كنت وسأبقى حذرة كثيراً حول أموري، ولكنّ هناك دواعي أخرى غير ما تعتقده ويعتقده الآخرون. في فرحي بأي من أموري، كنت لا أحتمل الصمت، كنت أشعر أن قلبي يفيض بشيء أجمل من أن أحتفظ به لنفسي. كنت على قناعة تامة أن السعادة تتكاثر عندما نتشارك بها مع من حولنا، وأنها تكتمل عندما نجد عيوناً تلمع لفرحنا، فيزهر كل شيء حولنا. فعندما أفرح لنجاح يخصني أبحث عن عيون تخبرني بأني مستحقة، وعن قلب يشاركني التحليق والاحتفال، أبحث عن يد تربت على كتفي مقدرة تعبي الذي بذلته لأحصل على هذا المُنجز، أو حتى من يصمت معي بسعادة.. امتناناً لله!
لم أعد كذلك، تغيرتُ وأعترف بذلك، ففي لحظة أذكرها جيداً أدركت معنى أن «كل شيء قابل للانتهاء في نفس اللحظة التي يولد فيها»، وذلك عندما حملت كل صدقي وحلقت كطفلة في غيمة بهجة فقابلتني عيون لا تشبه لحظتي التي أعيشها، عيون باردة تخفي شيئاً من الضيق والكدر.. شيئاً من الحسرة، أيقنت وقتها أن سعادتي المعلنة قد تؤذي أحدهم، وأنها عبء يذكر بعضهم بنقصه، رأيت ألماً خافتاً ولكنه حقيقي، وقتها عرفت أن فرحتي انتهت في اللحظة التي ظهرت فيها!
منذ ذلك الحين، وكأن نافذة فتحت أمامي فبدأت أصنف الناس، فوجدت عيوناً تنتفض وكلمات ترتجف وشفاهاً تهتز وكأنها تقول: لماذا أنت.. ولماذا الآن؟ أعلم أن هذا مؤلم، ولكنه حدث ويحدث، وأدركت مع نفسي أن هناك قلوباً لا تعرف كيف تفرح لغيرها.
علمت قلبي ألا ينتظر من الآخرين أن تضيء وجوههم لفرحي، وأن يتعامل بتجاهل مع تلك الشفاه الصامتة. تعلمت أن أحتفظ ببعض الفرح والسعادة لنفسي، وأن أكتفي بابتسامة داخلية، وهمس يقول لربي: شكراً لك يا الله على عطاياك.. أنا سعيدة وسأبقى سعيدة، حتى وإن لم يفرح أحد.