الإمارات.. دولة لها والسلام علاقة كما هي العلاقة بين الغيمة والمطر، وكما هي العلاقة بين الحلم ورموش العين، وكما هي العلاقة بين الجملة الشعرية وقواعد النثر. اليوم تبحر بلادنا باتجاه عالم أنهكته الحروب، وقيضت مضجعه الصراعات الأزلية، حاملة معها مشعل الأحلام الزاهية، محتضنة دفء المشاعر، والوعي بأهمية أن تحلق الطيور بأجنحة ريشها من خيوط الحرير. 
الإمارات اليوم تنعم بمدركات الواقع، وفهم المساعي نحو بناء علاقات مع العالم تسودها الحكمة، وتخطب ودها عزيمة لا تلين، وإرادة لا تتوقف أنهارها عن سكب الحياة في مهج أتعبتها البنادق، وأرهقها صدام المواعين الفارغة. الحرب بين روسيا وأوكرانيا أشقت، وأنهكت، ومزقت، وجعلت العلاقة بين الدولتين الجارتين طرائق قددا، ولكن للخيرين يد طولى في تخفيف حدة الألم، وللأوفياء دور في تحجيم حدة المعاناة، ولو تعمقنا قليلاً في المعاني وما بين سطور كل خطوة تخطوها الإمارات باتجاه أحلام العالقين في لجج الأسر سوف نجد أن لتحرك الإمارات نحو فك أسر أناس دخلوا الحرب ولا يعلمون نهايتها، وشائج مهنة وذات معان جليلة، فلنتصور كم هي الفرحة التي ستغمر قلب أم وجدت ابنها الجندي المأسور، قد عاد إلى أحضانها سليماً معافى، مشافى ينعم بالحرية، وابتسامة العودة إلى مثواه الحر، تملأ محياه. لنتصور كم هي البهجة التي ستغمر محيا امرأة ترى زوجها يقف أمامها ويقول لها لقد عدت، فلا تبتئسي، أيتها العزبة، ويضع قبلة الفرح على جبينها، ولنتصور الأبناء الذين يستقبلون أباً غاب بين غابة من دخان الحرب، الضارية، وطوق صغاره بين ساعدية، بدلاً من بندقية الموت. هذا ما تسعى إليه الإمارات في مساعيها الحميدة وفي جهودها الحثيثة في إطلاق الأسرى بين الجانبين الروسي والأوكراني. خطوات تنزل على قلوب الذين يهمهم الأمر كما هو الثلج والبرد على صدور الظامئين. 
هذا هو الدور الذي تقوم به الإمارات، وهذه الانبعاثات الحية من دولة آمنت بالسلام كطريق لبناء حضارة إنسانية ينعم بمنجزاتها الجميع، وتنمو على أثرها مشاعر الناس أجمعين، وتترعرع أعشاب الحب، وتخضر فيافي الصدور، وتزول الكراهية إلى غير رجعة، ويصبح العالم ويمسي على أغنيات الحب، والألفة، والتكاتف والتضامن من أجل مستقبل زاهر، مبهر، يشع منه بريق الانسجام بين شعوب العالم قاطبة، ويعمل الجميع على درء الأخطار، وردع الطموحات العبثية، وكبح جماح مركبات النقص.
ما بين روسيا وأوكرانيا، علاقات تاريخية عتيقة، ولدى الدولتين إمكانيات هائلة، في العقول، وفي الموارد الطبيعية، وهذه تكفي لأن تشجع الدولتين على التكاتف في رفد العالم بمصادر حضارية جديدة، تفرح كل محبي الحياة وكل عشاق السلام.