مطالبة وزارة التربية والتعليم أولياء الأمور الأخذ بزمام المبادرة، للاطلاع على نتائج أبنائهم دعوة تربوية ينبغي أن تلقى كل اهتمام وتجاوب من أولياء أمور الطلبة، وذلك لأهمية دورهم كشريك أصيل في العملية التربوية، إذ إن تعاون الأسرة مع المؤسسات التربوية ضروري لتحقيق المستهدفات التعليمية على أكمل وجه.
ويتعين على الآباء والأمهات الإشراف على تربية الصغار، ومعرفة بماذا يفكرون، بحيث لا يعيشون حياتهم بعيداً عن أعين أولياء الأمور. لأن التنشئة في البيت مهمة منوطة بأولياء الأمور، أولاً وأخيراً، لا أن يترك الصغار بين أيدٍ لم تأت لتربي، وليس هذا دورها، ولا مسؤولياتها. وفي حال وجود نقص في العلاقة بين أولياء الأمور والصغار تصبح العاملات في المنازل وكأنهن مربيات، ومدرسات، ومسؤولات عن كل شيء يتعلق بالأبناء، وهذا ما يجعل العلاقة بين الطرفين، كما هي العلاقة بين قطبي المغناطيس، وعندما يصبح الأمر على هذا النحو فما على العاملات إلا أن يصدقن أنفسهن أنهن يستطعن أن ينجزن ما يتوخاه بعض أولياء الأمور منهن.
ولكن وللأسف يكتشف أولياء الأمور عبر النتائج المدرسية، أن الابتعاد عن الأبناء بمختلف الأعذار، والمبررات، وتركهم بأيدي الغير ليس إلا خدعة بصرية لا بد أن تنكشف، وعلى ولي الأمر الصادق مع نفسه أن يثب، ويزيح عن كاهله غيمة اللامبالاة ويجلس أمام الأبناء بكل اهتمام، وقوة إرادة، وعزيمة، ويطلب منهم في كل يوم أن يفتحوا الكتب المدرسية، وأن يسمع منهم ما تمت دراسته في اليوم الواحد.
وهكذا تنتبه الأم الرؤوم، إلى الأبناء وتقوم برعايتهم، في الأكل والملبس، وتلقينهم القيم التي تعلمتها، والأخلاق التي نشأت عليها. وقبل كل ذلك على الوالدين أن يتخذا من الأبناء أصدقاء، لكي تنفتح النوافذ المغلقة؟ ويعرفوا ماذا تخفي الضلوع اللينة من هموم، وأسئلة، ويتم البحث عن وسائل ناجعة، تحمل في طياتها أساليب العناية بهؤلاء الصغار، عن قرب، وليس عبر «الأونلاين».
وهكذا نستطيع أن نحمي أبناءنا من أية رياح عاصفة قد تحمل في موجاتها غباراً وسعاراً، ونرتفع بالأبناء عن زلات قد تكون القشة التي تحطم ظهر البعير. وهكذا يمكننا أن ننقي قلوبهم، وعقولهم من الدنس، ومن بقع الزيت المحروق التي قد تشوه أخلاقهم، وتخدش مشاعرهم. ونستطيع أن نمنح مشاعر أطفالنا حقنة من الدفء، وهي حقنة الحياة التي يحتاج إليها كل طفل، قبل الأكل والشرب، وقبل الملبس، وأساليب الترف الأخرى.
الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي، فلنمنح هؤلاء الصغار ما يحتاجون إليه من حب، فإنه الترياق الذي يطوق أعناقهم فلا يدعها تنحني للزلل، ولا تنثني للخلف. بالحب وحده، تصبح جدران مشاعر الأبناء قوية متماسكة، صلبة، لا تخذلها رياح، ولا تكسرها أمواج. والحب وحده يغني الأطفال عن كل مترفات الدنيا، وملذاتها، ورفاهيتها، لأنه الغذاء الأشمل في فيتاميناته، والحلم الأوسع في فضاءاته، والخيال الأجمل الذي يوسع من مدركات الصغار، ويجعلهم كباراً في تصرفاتهم، عظماء في أخلاقهم، فصحاء في منطقهم، حصفاء في تدبيرهم، بلغاء في تعاطيهم للحياة، نابغين في إنجازاتهم الدراسية، والحياتية. الحب وحده يعلمهم كيف يحبون الحياة، وكيف ينتمون إليها، وكيف يرون في الوطن البيت الذي يتمسكون بجدرانه، ويحلمون به، موئلاً يحميهم من تحولات الزمن، كما يفْدونه بأرواحهم، ومصيرهم مرتبط بعافية الوطن، وصحة مكتسباته، وقوة منجزاته، وصفاء بوحه، وروعة فوحه.