تحرص العديد من الجهات الرسمية التي تتولى مهام ترخيص الأنشطة الاقتصادية، التجارية منها والمهنية على اختلاف أنواعها، على تصنيف المنشآت التي تخضع لإشرافها ومتابعتها من حيث مستوياتها وجودة الخدمات التي تقدمها، كالفنادق والمطاعم وغيرها، ناهيك عن شركات الخدمات، وما إلى ذلك، وهو أمر مهم للغاية.
كما نجد أن ثقافة التصنيف ملموسة في المؤسسات والدوائر الحكومية التي تحرص على تطوير مراكز خدمات المتعاملين وإسعادهم من خلال بذل الجهود والمبادرات؛ لضمان وصولها إلى مراتب متقدمة في نظام «النجوم لتصنيف الخدمات» على المستويين الاتحادي والمحلي.
وهي تجربة تعود لنحو خمسة عشر عاماً مضت عندما أطلقت حكومة دولة الإمارات نظام النجوم العالمي لتصنيف الخدمات عام 2011، «بهدف إحداث طفرة في كفاءة الخدمات الحكومية ورفع مستواها لتتوافق مع المعايير العالمية. ويهدف هذا البرنامج إلى تصنيف مراكز الخدمة ابتداءً من نجمتين حتى سبع (7) نجوم اعتماداً على نتيجة التقييم والتدقيق المستقلين، ويتم تسجيل نتيجة التقييم في تقرير التدقيق الذي يُسلط الضوء على نقاط القوة والضعف في المركز».
وتخضع مراكز الخدمة للتقييم مرة كل عامين، بالإضافة إلى مسح لمستوى رضا المتعاملين ودراسات تقوم على منهج المتسوق السري، وبناءً على هذا التقييم يتم إصدار تقرير تقييم وتصنيف المركز.
وعندما امتدت التجربة إلى القطاع الخاص بمتابعة من دوائر البلديات والتنمية الاقتصادية، حققت الكثير من المزايا لصالح المتعامل والمستهلك في المقام الأول، في مقدمتها الثقة وجودة الخدمات المقدمة، بحيث أصبح المتعامل أو المستهلك يقبل على هذه المنشأة أو تلك بناءً على تصنيفها من الدائرة المختصة. وأصبح الكثير منها حريصاً على الالتزام بالمعايير والاشتراطات المطلوبة منه للوصول إلى النجاح، وتحقيق أهدافه في رفع مبيعاته ونجاح تجارته.
ورغم التوسع الكبير للتجربة، إلا أن هناك قطاعات لم تشملها رغم حيويتها، ربما بسبب التحديات الكبيرة التي قد تواجهها، على الرغم من ظهور مكاتب متخصصة في التصنيف. وقد نجحت بلدية أبوظبي ودوائر التنمية الاقتصادية والثقافة والسياحة في تصنيف الغالبية العظمى من المنشآت الاقتصادية التي تشرف عليها، وتبقى خارج التصنيف بعض الأنشطة الخاصة بالمشاريع الصغيرة التي تقدم خدمات حيوية، كورش تصليح السيارات، والأخرى لتصليح الأجهزة الكهربائية المنزلية وغيرها، والتي يقبل عليها شرائح واسعة من الجمهور لرخص أسعارها، ولكن دون ضمان لجودة خدماتها أو الثقة في كفاءة فنييها. وكانت بلدية أبوظبي قد أعلنت منذ سنوات أنها بصدد تقييم هذه الورش، ونتمنى أن تكون قد انتهت من المشروع لما فيه الصالح العام، وحتى يكون المستهلك مطمئناً لسلامة الخدمة المقدمة.