تحت الغيمة، فوق الأرض، تسفر الإمارات في صباحها المكلل بالتظاهرة العالمية الموشومة بجناحي البر، والبحر، وملاءة الازدهار المبهر، الذي تشهده الإمارات في عصرها الذهبي، متوجة بالحب، مطوقة بالطموحات واسعة الأشرعة، والتطلعات إلى ما بعد النهائي، في عالم تسبقه خطواته نحو التآلف رغم التشققات التي تملأ معطف العلاقات.
وربما يكون لهذه الخفقات على بساط الأرض، من عبرة تؤكد أن هناك دولة في هذا الكون المحتدم، تستطيع أن ترفع اللحاف عن عقل استطاع خلال خمسة عقود من الدأب، والحدب بأن يحقق ما لم تستطع دول تحقيقه عبر قرون، لماذا؟ لأن العقل والقلب في الإمارات رافدان لنهر واحد، نهر الوعي الذي تشكل منذ البدء، بدء التكوين، حيث الحياة هنا تسيرها العلاقة الوطيدة جداً ما بين الإحساس بأهمية أن نتطور، وكذلك الشعور بأننا جزء من عالم تلطمه أمواج الشوفينية، وهذا ما يستدعي بأن يصبح الوعي حقلاً واسع التضاريس، مملوءاً بأزهار الحب قبل كل شيء، ففي الحب ينشأ الولاء، ومن حضن الولاء تبزغ شمس الانتماء، ومنهما تشرق قافلة الوفاء، على أثر هذا الترياق، تمضي ركاب الخير، وتثب جياد الشجاعة، نحو مرافئ العطاء، لتروي عطش عشاق المجد، وصانعي البهجة، ومبدعي السعادة.
في الإمارات قيادة آمنت بأن الحب الصورة المثالية لصياغة واقع، نقي من الشوائب، ورسم صورة الإنسان الكامل، وبناء جسور التواصل مع العالم على أسس الاحترام المتبادل، والثقة بقدرات الإنسان من استمطار غيمة الرقي، السير قدما نحو سماوات زرقاء نجومها رجال من هذا الوطن، صنعوا رغيف الحياة من إدراك بأن تكون الحياة نخلة، ونحن عناقيدها، الأمر الذي فرض احترام الجميع في هذا الوجود لبلد احترم الآخر، فاستجابت له الجهات ملبية لهذه الأخلاق الصحراوية الفريدة، هذه السمات الخضراء كأنها الحقول الثرية بماء المكرمات الربانية.
هذه الإمارات، اليوم إذ تحتفي بالعالم بمعرضين يخصان الدفاع عن القيم، والذود عن الشيم، للم شمل المشاعر تحت شرشف ذهنية عرفت طريقها إلى الحياة الصحيحة بسلاح الود، اتخذت من القوة وسيلة لفرض السلام، ومن المكانة أسلوب تعاطي الحرية، ومن التواصل مع الآخر، نافذة على المصالح المشتركة، والقواسم الموحدة.
هذه هي الإمارات، وهذه هي مبادئها، وهذه هي الصورة التي علقتها على جدران الواقع الإنساني، وهذه ما أكسبها كل هذا البعد في التسامي، وهذا السرد الحكائي في تراكم تاريخي جميل، وناعم كأنه الحرير، وكأنه القطرات الندية على صفحات الوريقات الناعمة، هذه هي الإمارات تتفوق على نفسها، وترغم المستحيل كي ينيخ بعيره عند مضارب إرادتها، وتمضي في العطاء، تمضي في تقديم ما يدهش، وما يملأ الوجدان بشارات، تتلوها بشارات، والمطر الإماراتي لا يوقف عزفه، والموج الإماراتي لا يكف عن دوزنة أوتار قيثارة الأمل، ولا يجف ريق البحر، طالما بقيت هناك في السماء سحابة تحرس زعانف الفرح، وتحمي العيون من الغبش.
في آيدكس، وفي نافدكس، شراعان والسفينة تبحر نحو الغد، بسواعد كأنها الأجنحة العملاقة، وعقول تنفتح على المستقبل بلذة المراحل المتوالية، وهذا هو الديدن، هذا هو الزمن الذي يتخلق أمام الأعين، والرؤية واضحة كأنها الشمس، والإصرار كجلمود صخر، تتكسر على كاهله كل العقبات، وكل المعضلات لأن الإنسان القوي أقوى من الظروف مهما بلغت من الصعوبة.