من أجمل القصص التي قدمتها الكاتبة القصصية مريم جمعة فرج، رحمة الله عليها، قصة (صرمة). قصة جميلة ومليئة بالرمزية، وتحتاج للقراءة أكثر من مرة، حتى تسبر غور تلك القصة القصيرة ذات الدلالات الكبيرة، وصرمة في اللهجة المحلية هي فسيلة النخل، التي لم تثمر بعد أو الصغيرة، وعند زراعتها هناك تقليد وطريقة يعرفها مزارعو النخيل وحدهم. تظل (الصرمة) مشروع نخلة، مأمول منها الثمار والعطاء بعد أعوام من زراعتها، تحتاج للعناية والري الجيد والمنتظم، خاصة في بداية غرسها، وأيضاً تحتاج إلى الصبر والعناية الكبيرة، حتى تكبر وتعطي الثمار، وعادة لا تغرس إلا الصرمة المختارة بعناية ومن أجود أنواع النخيل.
 مريم جمعة فرج قدمت أعمالاً جميلة كثيرة، ضمتها مجموعة «ماء وفيروز»، بل كل أعمالها جميلة ورائعة، ولعلها من أفضل كتاب القصة في الإمارات. أما قصة (صرمة) فإنها جميلة في طرحها ودلالاتها، وربما يظهر شيء من حياة الكاتبة وكفاحها في طلب العلم والثقافة والأدب، كذلك كفاح المرأة في الزمن البعيد عند بدء التعليم في الإمارات، وأهمها التحدي وطرق كل أبواب المعرفة وإثبات الوجود القوي للمرأة في التعليم والثقافة والأدب، تماماً كما هي صرمة النخيل التي تقهر ظروف الصحراء، وتصعد شامخة قوية، بل تجعل الحياة والعيش في الصحراء يعتمد عليها، خاصة في الزمن الماضي، وكذلك الحاضر.
هذا بالإضافة إلى رمزية كفاح المرأة في شؤون الحياة، وقهرها للظروف المختلفة التي تمر بها وعلى الخصوص في المجتمعات الصحراوية. قد تكون جربت زراعة (صرمة) أو نخلة أمام منزلك وجعلتها زينة أو تبرعاً بأن يكون ثمرها للمارة أو عابري السبيل/ الطريق. مريم جمعة فرج، تستحق الإشادة والتقدير، وكلما راجعنا الكتابة القصصية والأدبية أو مساهمة المرأة في الثقافة والأدب، فإن اسمها بالتأكيد لا يغيب، وهي من أوليات الكاتبات في الإمارات، بالإضافة إلى أسماء أخرى. وأجد من المهم ألا تغيب أسماء الرعيل الأول من الأدباء والمثقفين، وعلى الخصوص من رحلوا. هناك العديد من الأسماء المهمة قدمت لثقافة الإمارات الكثير وساهمت بالقلم والكلمة، والجميل الذي نشاهده الآن في الساحة الثقافية العودة إلى التذكير بتلك الأسماء الرائعة، وعليه لا بد من تقديم الشكر للمؤسسات الثقافية، التي تعيد طرح ومناقشة أعمال من رحلوا وعدم إهمال أعمالهم أو مساهماتهم في الحياة الثقافية والأدبية والتعليمية، هذا التقليد مهم لتذكير الأجيال الجديدة بأن هناك أسماء كانت رائعة.