هكذا تبدو البداية، وهكذا يبدو الذكاء الاصطناعي، وكأنه الجناح بالنسبة للطير، والإنسانية اليوم تغادر وكرها القديم، للانضمام إلى نسور الآفاق، وصولاً إلى مجد العقل البشري الذي طالما فكر، وتبصر، واختبر قدراته، لتحقيق الذات، والسير بعيداً في المعرفة، معرفة العالم، ومعرفة ذاته، ولم تزل الطريق مفتوحة على مصاريعها، لأنه طالما أن التفاؤل موجود، وطالما أن المعنى في الحياة يكبر كلما توسعت حدقات العلم، واتسعت معارف العقل، وكبرت كفوف العقل، يصبح الوعي بالمعنى أكبر، وأعظم، وأفخم، مما يجعل الإنسان يسهر على قراءة التاريخ بعيون الجغرافيا المفعمة بقدرات وإمكانيات وتطلعات، وطموحات.
وفي الإمارات أصبحت شجرة الوعي بحجم التضاريس الإماراتية، وصار للإنسان وكراً عظيماً على قمة هذه الشجرة، نسميه اليوم المنجز الحضاري المدهش، ومن يعد إلى الوراء، وينظر إلى التاريخ وما كتبه عن هذه الدولة الشابة، يجد الفارق ما بين الأمس واليوم، فاليوم نحن نجلس على مقعد الدراسة بدءاً من الابتدائي وحتى الجامعي، نلاحظ كيف جرت المياه، وكيف تحركت، وكيف غسلت الرموش بماء الوعي، واستتباب العقل على معارف وأفكار، جعلت منه موجة تحرك الضفاف الروحية لدى إنسان الإمارات، وتملؤها بحوافز وثمرات، هي اللقمة السائغة في صناعة وجود إنسان تعلم على المشي قدماً، وتدرب على اختراق مشيمة المألوف، والذود عن حقه في اكتساب المعرفة بطرق ووسائل شتى، أهمها أنه صار ينكب على معارف الدنيا بنهم، وأصبح يفتش عن المعلومة أينما كانت، حتى ولو مكث في غضون المعضلات سنوات طوالاً، كل ذلك لا يهم، المهم في الأمر أن يقطف من شريان تعبه ما يتسرب في دمائه، وما يغذي عروقه بمزيد من التطور والرقي في مختلف المجالات، وهذا ما يجعل الإمارات اليوم تتقدم الدول في مجال الثورة الصناعية، وهي الزخ المطير من طموحات، كما أنها تخضع للمزيد من المؤسسات والجامعات التي أصبحت اليوم تعمل بطاقة الذكاء الاصطناعي إيماناً من القيادة الرشيدة، بأنه لا يمكن النظر إلى الخلف، دون التركيز على النجمة الراقصة في السماء، ودون التعرف على تعاريج الطريق، لتفادي الوقوف طويلاً، بينما العالم يسير بسرعة الضوء، لتحقيق أكبر قدر ممكن من النجاحات في مجال هذا الكائن السحري، وهو الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي إبهار في المعنى، عندما تكون الحياة سليلة معانٍ تبدأ من سؤال الإنسان من أنا، فيجيب العقل، قائلاً: أنت تلك القوة العظمى التي أخذت سيطرتها وسطوتها، تتعاظمان منذ أن اكتشف الإنسان عقلك في طيات خيال، صار ينمو ويكبر حتى بلغ مبلغ الشمس، وحتى طال عنق النجمة في السماء وجيدها ونحرها، واليوم هو يتجاوز خياله البدائي، ويحقق مطلبه في التفوق على كامل المخلوقات التي تعيش معه على الأرض، ويحقق ذاته بفيض من الإبداعات المذهلة.