تستهويني صور الوطن القديمة، تلك اللقطات للناس وهم في حياتهم اليومية، صور الصغار والنساء والشوارع البسيطة والشاطئ النقي، وبيوت العريش المتناثرة. صور كلما تأملتها أكثر يزداد جمال الحاضر، وتتألق ألوانه، وتبرق تفاصيله بجلالة.. أكثر.
في الإمارات بالذات تبدو الصور هنا فارقة ومؤثرة كوننا لا نحكي عن ماضٍ سحيق، فخمسة عقود لا تعد فارقة في عمر الشعوب، ولكنها هنا في أرض زايد وراشد شكلت معجزة في عمر يشبه قرناً في دول أخرى.
لا تأتي معجزة المكان الحقيقية في ذلك التغيير الذي حلّ بالأرض والعمار والزرع، وإنما بقدرة إنسان هذا المكان في إحداثه، في القدرة التي ظهرت عبر جيلين في تغير عقول، وتطوير أفكار، وتطويع تقاليد كانت ترسخت منذ قرون، وفي استجابة أهل المكان لهذا التحوّل.
يميل بعضهم إلى التقليل من التطور العمراني، والإشارة إليه أنه لا يقدم دلالة على تطور الإنسان، وأن المهم والحقيقي لم يحدث، في حين أن أي تأمل صادق لتلك الصورة لا يمكن أن يؤمن بحدوثها إلا بوجود إنسان واعٍ ومقدر لموارده، ومبتكر وفاعل على إنتاج ذلك، ومن ثم قادر على حمايته وتكرار فعله.
من لم يزر الإمارات، واكتفى بمشاهدة صورها الحديثة، لن يعرف قيمة الإنسان الذي سكن هذه الأرض قبل وبعد تأسيس الدولة الاتحادية، من وضع قدمه على هذه الأرض يعلم تماماً أن إرادة أبناء الإمارات، وإصرارهم على الفعل والاستمرار.. هو المعجزة الحقيقية. فلا الأطول، ولا الأكبر، ولا الأغلى هو المعجزة.. إنما حالة الإنسان الإماراتي بإرادته واتحاده وتفانيه وحبه، ورغبته الجادة في إثبات نفسه هي المعجزة. إننا نحتفل اليوم بذكرى زايد وراشد.. ذكرى قادة تحابوا واتحدوا، وأصروا، وفعلوا، وأبهروا العالم.
- من تواريخ الصور القديمة:
- في 19 مايو عام 1972 تم استكمال 55% من الطريق الممهد بين أبوظبي ودبي.
- في 18 مايو عام 1972 تم إعلان قرار إلزامية التعليم في الدولة.
- في 30 ديسمبر عام 1972 تم الإعلان من انتهاء بناء 120 مدرسة لمختلف المراحل، و50 مركزاً لتعليم الكبار.
- في 7 مارس عام 1973 وضع حجر الأساس لمصنع أسمنت، وكان بذلك أول مصنع يقام في ظل دولة الاتحاد.
* في 9 يوليو عام 1974 استقبل حاكم دبي المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، خبراء البلديات من بعض دول العالم، للمشاركة في التحكيم الدولي الذي قرر اختيار مشروعات ضخمة لتحويل دبي إلى مدينة عالمية.