كنت في مدينة سينسيناتي بولاية أوهايو، أقدم ورقة عمل في مؤتمر يتناول ارتباط ثقافتنا غير المادية بالعادات والممارسات اليومية. غمرتني حينها راحة النوم العميق، فيما يُعرف بـ «سابع نومة». الرقم سبعة، كما في ثقافتنا، يُعتبر رمزاً للكمال: سبع سماوات، سبع قارات، سبعة أيام في الأسبوع، وحتى «المسبوعة» المكونة من سبع شايات من الأعشاب تلك التي كنا نحتسيها بديلاً للحلول، كلها تشير إلى هذا الرقم المثالي. لكن نومي لم يكتمل فقد هجرته بمراحله الثمانية بدءاً بالنعاس، الوسن، الترنيق، الكرى، التغفيق، الإغفاء، التهويم، فهجرت الرقاد وفتحت حاسوبي المحمول لقراءة الأخبار.
انهال علي وابلٌ من الرسائل، ومنها رسالة كان عنوانها «وسام الإمارات للثقافة والإبداع» فتحتها فإذا بها تفيد بحصولي على «وسام الإمارات للثقافة والإبداع»، وثبت من مكاني وقفزت من عيني دمعتان للفرح، فسجدت في ركعتين لشكر الله وحمده، ورفعت يدي بدعاءين، أحداهما لأمي والآخر لأبي، وأقسمت قسمين، أولهما لطاعة أولى الأمر، والقسم الثاني للعمل بجدٍ واجتهاد لخدمة الوطن.
رحلة العودة وتصور لحظات التكريم زمن مضى له لحظات جمالها لا يُنسى، ونشوتها ترفع الهمة وتحفز لمزيدٍ من العطاء، لذا شكرت ربي على نعمة الإمارات والمعازيب الكرام والمحبين وعلى تقديرهم لي وما أقدمه للوطن الغالي. لحظات العزة والفخر والاعتداد بما أسسه الباني المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وجعله وطناً يعيش فينا وهو نصب أعيننا. وفي يوم التكريم وجدت أصحاب السمو في سعادة تضاهي سعادة المكرمين، وكم تمنيت في تلك اللحظة وجود أمي لترى أن تعبها وقلقها وتربيتها آتت أكلها. شكراً للقيادة الحكيمة الرشيدة التي لا تدخر جهداً في تكريم أبنائها وتعزيز مسيرتهم، فهذا التكريم أحيا قيم الماضي وعزز ثباتنا ورسم طريقاً ننهجه لرفد الآخرين بما تعلمناه وفيه نرى استدامة العطاء. شكراً لوزارة الثقافة ووزيرها الموقر على هذا التقدير الذي نلوح به عالياً داخل الدولة وخارجها.
للعارفين أقول: «أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً لدولة الإمارات العربية المتحدة ولصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مطيعاً لجميع الأوامر التي تصدر إليّ من رؤسائي، منفذاً لها في البر والبحر والجو داخل البلاد وخارجها في كل الظروف والأوقات، وأن أضع نفسي ومواهبي في خدمة البلاد، حامياً علمها واستقلالها وسلامة أراضيها، معادياً من يعاديها مسالماً من يسالمها، ما دمت حياً، محافظاً على شرفي وسلاحي لا أتركه قط حتى أذوق الموت، والله على ما أقول شهيد» نعم، حتى أذوق الموت، والله على ما كتبت شهيد.