علمنا يكتبنا على سبورة التاريخ، ويسطر أمجادنا، ونحن لونه بالفخر والعز والامتياز في رفع هامته، وترسيخ ساريته، وتجذير ألوانه في الصدور وفي النحور، وعند شغاف الغيمة نمطره بالحب، عند بريق النجمة ننحت صورته، وعند شطآن الهوى نغني له اليامال، وعند نجود المشاعر نتطور نسلاً من سنابل الفرح.
علمنا في ساحات الوغى ترنيمة عشق للأرض، وفي باحات السلام صهيل الجياد المسومة.
علمنا هو كلنا، هو كفوفنا مرفوعة في المدى، ممدودة للشقيق والصديق، علمنا حلمنا الذي ما توارى يوماً وما انطفأت جذوته، ولا خبأت ساريته رفرفاتها، ولا انكفأت ألوانه، براقة برونق النجوم، تواقة للعلو، متماهية والكواكب، والمسيرة المقدسة مستمرة، والقافلة تسير متوجة بالحب، مكللة بالطموحات زاخرة بالآمال، والأمنيات، واليوم، وغداً وما بعد غدٍ، يبقى علمنا الكتاب المفتوح، واللوح المحفوظ في ضمير الأبناء، وكل عشاق الوطن، يروون للآتين كيف بنت الإمارات مجداً محمولاً على أكتاف من بنوا، ومن أسّسوا، ومن جعلوا الحياة في الإمارات نهراً، يرشف من الغيمة، عذبها، ويهدي للناس جميعاً عشبة الحلم الزاهي، وما من روح تتنفس هواء هذا الوطن، إلا وغنت للعلم، وآثرت وجدان الجيل بمباهج معطيات، لا شبيه لها إلا في الإمارات، ولا لون لها إلا بياض الثلج، ولا شكل لها إلا هيئة الأقمار وهي تفتح نافذة للفرح.
والتاريخ يسجل، والتاريخ يرتل أنشودة الخلود لوطن عكف منذ البدء على تلاوة الحس الوحدوي، برصانة، وأمانة، واعتلى كرسي المجد، بروح أشف من الحرير، وأرهف من جناح الفراشة.
وطن آمن بأن الاتحاد الروح والريحان، والدم والشريان، هو كل ذلك، هو المد والمدى هو الامتداد في ضمير الإنسان، هو المداد يسطر تاريخ وطن، له في اللحمة مآثر وأثر، له في نعيم التواصل خيط الحرير معقود على عنق ونسق، وهذا العلم حارس التوق والشوق، هذا العلم مضغة في الصدر، ومضة في النحر، وشيمة أهل الوفاء، وسمة النبلاء.
هذا العلم في الدنى قيمة ونعمة، هذا العلم في الأيام ساعة ترفع أهداب الشمس عند جبين، ووجنة، هذا العلم المسافة ما بين الحاجب والعين وما بينهما كلمة التاريخ، حين أصبح للتاريخ صفحة على تراب الأرض، رتبت أبجديتها، ونسقت مشاعر الأحبة، لتصبح المشاعر الحبر، والخبر، تصبح الصوت والصيت، تصبح الحلم والعمل تصبح في الحياة أسطورة الزمان لوطن في زمانه رجال عاهدوا الله على أن ترتدي الصحراء معطف السعادة، بولوجها لجة الأعماق المزدهرة بمنجزات، أدهشت القاصي والداني، وذاق نعيمها القريب، والبعيد، حتى أصبحنا اليوم قبلة العالم، وبوصلته، أصبحنا في الحياة النغمة التي تدوزن خفقات من تاهت به السبل، ومن فقدت يداه عصا التوكؤ، ومن ضاعت منه جادة الأحلام البهية.