في هذا اليوم، تشرق الشمس على الوجوه، كأنها البلورة في صحن السماء، في يوم العَلَم تبدو الأعناق أعلاماً ترفرف بشامة الفرح، والعيون نجوماً تتألق ببريق الفخر، والوجوه مرايا لتاريخ مر من هنا، من طرفي السمع والبصر، وكانت له الترنيمة، وكانت الغيمة تنثر نثاتها على الأفئدة، تغسل الأرواح بالثلج والبرد، وتملأ جعبة النفوس بعطر الحدث الجليل، المجلجل، المجلل بآمال وأمنيات، وهذه بلادنا اليوم ترفل بسندس الرخاء، وإستبرق السعادة، وجيل يصافح جيلاً، بكفوف ملؤها بياض السريرة، وخضابها أحمر الدماء التي حمى موقدها ساعة نهوض الجياد، مسترسلة في صهيلها، تبغي الفرادة في السباق الإنساني نحو غايات وأهداف سمتها إخراج العقل من وهدة الزمان الكروب، إلى رحلة الأبدية في نقش القلوب بفرح الصواب والنهل من جنان الثمرات، المسهبة في الخصب، وصخب العطاء الجزيل.
اليوم يوم الناس، يوم العشاق الذين يضعون العَلَم راية وغاية ورواية، ويرفعون السارية مخفوقة بهيل الحب وزعفران الود، ورائحة القهوة العربية تفوح من زوايا تاريخ مكلل بالصرح والصراحة، وتصريح أكد على مدار العقود أنه الصورة، والسيرة، والسيرورة، والمسيرة، ومسار البوح في ضمير من أسس، وبنى، ورفع البنان، بياناً، وتبياناً لأهم منجز تاريخي على وجه الأرض العربية، اتحادنا، وفخرنا، وعزتنا، ونهارنا، وعمق أشواقنا، واتساع أحداقنا، وقوتنا في نيل القطاف، وإرادتنا في الإمساك بالمراحل، يتوجها علَم لونه الحب، وعطره التضامن، وطوله وعرضه من نسق تلك المشاعر التي نشرت أعلامها في التاريخ، والبوح هو إماراتنا، والصرح اتحاد لا يلين ولا يستكين في الذود عن مكتسبات هي حلمنا، ووعينا، وإدراكنا بأن الاتحاد هو المجد، وهو السد والسعد، وهو الفجر والفخر، والوطر الذي زخرف الحياة في صدورنا حتى بدت الحياة في ظل اتحادنا، قيثارة، ورونقاً، ووتراً وترنيمة، لها العشاق ينسجون مشاعرهم، ولها الأحبة يلونون أعمالهم باسم الاتحاد، علمه من وحي قريحة باتت ترتب أبياتها على بحر صحراء لم تزل تمسك بتلافيف الزمن ولا تغادر موطن المضارب، ولا تدع الأيام تخفي لوعة الركاب، وهي تمضي في الشعاب بحثاً عن غاية في النفس، ورواية تحتاج إلى من يحكيها للأجيال كي يكونوا في الحاضر، ينهلون من دفتر الماضي العريق.
اليوم نفرح ونحن نرفع العلَم، ونعلم الأبناء أن العلَم صفحة في الصدر لا بد وأن تُحفظ دروسها، وتُرتل أوراقها لمن سيأتون من بعدنا.
اليوم يوم العلَم وخير الكلم، اليوم ترتفع الأبصار ناظرة إلى نضارة تحميها، صورتها مرسومة على صفحات الأرواح، منقوشة في الضمائر، موسومة بالحب، موشومة بالوفاء للذين شيدوا، وتركوا لنا مواصلة الطريق، ولمن سيأتي من بعدنا ستكون عليه المسؤولية أكثر جسامة، وأكثر صرامة، لأن المتطلبات أعظم، والتطلعات أكبر.