غيّب الموت في الشقيقة الكبرى مصر، أخاً عزيزاً وأستاذاً قديراً، هو الصحفي أحمد عمر أول رئيس تحرير لمجلة «ماجد» ومؤسسها، والتي أصبحت بقيادته أشهر مجلة للأطفال والأكثر توزيعاً في العالم العربي. واستمر في إدارة تحريرها لعقود عدة وحصد جائزة أدب الطفل قبل أن يترجل من منصبه، ويستمر في إثراء أعدادها بقصص الشخصيات التي اشتهرت بها، كشخصيّة زكية الذكية، والنقيب خلفان، وغيرهما من الشخصيات المحبوبة والمفضلة لديهم.
كانت المجلة وما زالت تواصل الرسالة الإماراتية الخالدة في الاهتمام بالطفولة وتنشئة الأجيال على أسس قوية من الارتباط بالهوية الوطنية، والعقيدة السمحاء، والقيم الإنسانية العظيمة باحترام المشتركات بين البشر.
تعلمنا الوفاء من وطن الوفاء، وقادة الوفاء الذين يستذكرون بالخير والتقدير كل من أسهم في إضافة لبنة جديدة لصرح الإمارات الشامخ الذي يجمعنا.
كان الراحل أحمد عمر من القامات الإعلامية البارزة التي تركت أثراً طيباً وبصمات خالدة في محيط عملها وبين زملائه والعاملين معه ممن تعامل معهم كأخ كبير قبل أن يكون مسؤولاً عنهم.
تعرفت عليه عندما كنا نتشارك ذات الكرافانات المتناثرة لمؤسسة الاتحاد للصحافة والنشر والتوزيع في ثمانينات القرن المنصرم، والتي كانت تصدر عنها صحيفتنا «الاتحاد» و«إمارات نيوز» ومجلتا «زهرة الخليج» و«ماجد»، وكانت تتخذ من الأرض التي تضم حالياً مواقف نادي الجزيرة الرياضي مقراً لها قبل أن تنتقل للمبنى الحالي لشبكة أبوظبي للإعلام في التسعينيات.
كان بهدوئه المعتاد يحرص على تشجيع محرريه والعاملين معه، ويغرس فيهم الثقة بأنفسهم ليبدعوا في مجال النجاح والتفوق فيه رهين الإبداع والتميز لإرضاء القراء، وأصعبهم الأطفال، وبروح الفريق الواحد نجح وفريق عمله. كنت أغبطه على قدرته الكبيرة على تنظيم العمل بكل هدوء وتسليم عدد المجلة للمطبعة قبل شهر لتكون في الموعد المحدد بين يدي القارئ. انعكست شخصيته الهادئة والمتواضعة على كل من حوله من العاملين ومن تعامل معه.
كان من جيل المؤسسين، والأساتذة الكبار في المهنة ممن شاركونا وضع الأساسات القوية لإعلام وضعت عليه الآمال الكبيرة في مراحل مبكرة من قيام الدولة، وشارك عندما كان في قسم المحليات في «الاتحاد» بتغطية العديد من أخبار الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
رحم الله الأستاذ أحمد عمر الذي وضع أساساً طيباً لمجلة «ماجد» الطفل الذي لم يكبر رغم تجاوزه الخمسة والأربعين عاماً ويركض بنا نحو الخمسين. تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وألهم أسرته وتلاميذه ومحبيه الصبر والسلوان.