بعض المباريات تتجرد وأنت تشاهدها من هذا أو ذاك، تتخلى ربما عن كونك محباً لأي من الفريقين، إلى مشجع للكرة ولا شيء غير الكرة.. تتمنى ألا تنتهي، دون أن تكترث بالمتقدم إن كان فريقك أو الآخر.. تدرك فقط مع صافرة النهاية، ربما حينها تغضب أو تحزن، لكنك لا تنكر ذلك الشعور بالرضا، والفرحة أنك كنت هناك.. كنت جزءاً من مباراة تستحق أن تكون للتاريخ.
حدث هذا في المواجهة التي جمعت العين والوحدة، في انطلاقة الجولة السادسة من «دوري أدنوك للمحترفين»، والتي أوفت بوعودها، وانتصرت أولاً للكرة، بحضور جماهيري لافت وإثارة من البداية حتى النهاية، قبل أن يحقق الوحدة فوزه المستحق في أربع دقائق، كانت كفيلة ليكتب خلالها النهاية كما يريد.
المباراة كانت قمة في كل شيء، في الحضور الجماهيري اللافت الذي رسم واحدة من أروع صور ومشاهد «دورينا»، ليس فقط بالعدد، ولكن بالتشجيع المثالي الذي نتمناه ويضيف إلى «دورينا»، وبكرة ممتعة لا يتسلل إليك الملل وأنت تتابعها، سرعة وقوة وفرص هنا وهناك، وإثارة من الجانبين، وأداء على أعلى مستوى من الفريقين اللذين تبارى لاعبوهما في رسم صورة مبهجة عن دوري وكرة الإمارات.
أما استاد هزاع بن زايد، فقد كان أشبه بأيقونة متوهجة في أمسية المتعة الكروية، ومنذ أن أطل على ساحة الكرة الإماراتية في العام 2014، وهو يضيف إلى اللعبة ويرتقي بها، ما جعله وجهة وموطناً للعديد من الفعاليات المهمة، فقد شهد أمس الأول قمة كرة الإمارات، وبعد أيام يشهد نهائي كأس صاحب السمو رئيس الدولة، وبعدها بأسبوع يشهد بطولة السوبر المصري بين قطبي الكرة المصرية، وهي أحداث تزداد توهجاً وألقاً في استاد هزاع، الذي لا ينكر أي متابع للفعاليات على ملعبه، أنه من فئة الاستثناء، بتصميمه العبقري الذي جعله درة ملاعبنا، وواحداً من أفضل الملاعب على مستوى العالم.
تصبح المباريات استثنائية، حين لا يتوقف الجمال فيها على عنصر واحد، كما حدث في قمة «الزعيم» و«أصحاب السعادة»، والتي تكاملت فيها عوامل عديدة، واتحدت معاً لتشكل لوحة كروية يباهي بها «دورينا»، الحضور الجماهيري الواعي، إضافة إلى الكرة التي قدمها الفريقان، والتي أكدت ما كتبناه الأسبوع الماضي عن تلك الكرة التي لا تعرف الخوف، متجسدة في كم الفرص الضائعة من الفريقين، والتي أجلت الحسم لآخر المباراة، لكننا أبداً لم نشعر بالملل، وتمنينا لو طال الوقت لنستمتع أكثر وأكثر، ولا يمكن أن نغفل الطفرة التي شهدها النقل التلفزيوني لـ«دورينا»، والذي يضعه مع مصاف الدوريات العالمية.
** كلمة أخيرة:
اللوحات الرائعة.. ليست الأجمل بلون دون آخر، وإنما بكل الألوان.. والمتعة الكروية يصنعها «كبيران»