هناك شيء تغير في «دورينا»، قطعاً هو شيء جميل، مبهج، حماسي كتلك المباريات التي شبت كثيراً كثيراً عن طوق الهواية والبحث عن الذات، وغيرها من تلك المفردات، دوري لم يعد أجمل ما فيه الشكل فقط، وإنما المباريات ذاتها.. صديق لي، من خارج الإمارات شاهد مباراة الجزيرة والشارقة، أخبرني أنه ظنها في البداية من تلك الدوريات التي لا علاقة لنا بها، قبل أن يسمع الأسماء ويرى «الكندورة والغترة» في المدرجات، ما زال غير مصدق أن تلك الكرة عندنا، متمنياً أن يكون ما رآه في قمة الجزيرة والشارقة -بعدما أخبرته أنها قمة- هو شأن بقية المباريات، أو حتى أكثر قليلاً.
فعلت قمة الشارقة والجزيرة، والتي انتهت بتعادل الفريقين بثلاثية لكل فريق، كل ما تريده الكرة، ستة أهداف، وفرص ضائعة بالجملة هنا وهناك، وجمل رائعة تواصلت من البداية حتى النهاية، ثم كافأت البقية، فأبقت صراع المقدمة على حاله تقريباً، وقد كان فوز الشارقة -لو حدث- سيوسع الفارق، لصالح الملك الشرقاوي، الذي توقف للمرة الأولى، مكتفياً بنقطة واحدة، عاد بها من معقل «الفخر».
هناك شيء جميل فعلاً في دورينا، ليس فقط في ماكينة الأهداف واللعب الممتع، ولكن في جودة وجمال الأهداف ذاتها، وهو أمر لم يعد حكراً على فرق المقدمة، وإنما امتد إلى الجميع.. الكل يعزف سيمفونية جميلة في دورينا، بلغت ذروتها في قمة الجزيرة والشارقة، والتي كانت رائعة في كل شيء، الأداء والأهداف والفرص والملعب والجمهور، كل شيء كان كما يجب أن يكون، وربما حتى النتيجة، التي أراحت البقية، فأبقت الصراع على أشده، وأوقفت طوفان الملك الشرقاوي حتى حين.
نتائج الجولة ذاتها، أكبر دليل على ذلك، فبعيداً عن تعادل شباب الأهلي السلبي مع اتحاد كلباء، رغم ما يحمله ذلك أيضاً من دلالة على اتساع حلبة المنافسة، فقد حقق العين فوزاً بهدفين على دبا الفجيرة، وكذلك فعل عجمان أمام بني ياس، واكتسح الوصل، فريق الظفرة برباعية، وعبر خورفكان، فريق البطائح بثلاثية، وفي ختام الجولة الخامسة، استعرض الوحدة على النصر، وقسا عليه برباعية نظيفة.
واحد وعشرون هدفاً في جولة واحدة، رقم كبير لا شك، تحقق في ست مباريات، لكن المدهش والرائع أنها أهداف مقنعة، ومبررة، تعكس لعباً مفتوحاً بين الفرق المتبارية، وكرة هي التي نتمناها، بدلاً من تلك الكرة المتحفظة الخائفة، هي عنوان لدوري لا يعرف الخوف، وإنما ينتصر للكرة ولا شيء غيرها، وهذا وحده ما يحفز الجماهير التي تغيرت قناعاتها، ولم يعد يرضيها، سوى كل ما هو مثير.
* كلمة أخيرة:
كم هو مضيء علي مبخوت وسط زحام المحترفين في منطقة الجزاء! ربما يكفينا، ليهتف باسمنا في الأرجاء.