فيما أتأهب للزاوية، تساءلت مشككاً - وبعض الشك من حسن الفطن-: أكان الغياب طويلاً؟.. قبل أن يباغتني صديق بإجابة: بالعكس.. لم تعد تطل من نافذة الزاوية، لكنك كنت أكثر حضوراً من أي وقت، تطل من نوافذ شتى، توقفت عن زاوية، ونثرت في الأركان عشرات الزوايا، غير أن تلك الإجابة - رغم منطقيتها- لم تكن تكفيني، تذرعت باستدعاء الوجوه والأحاديث والتواصل هنا وهناك، فأيقنت أنني حتى وإن كنت عائداً لتلك الزاوية إليكم، فأنا عائد منكم.. أوقن أنني كائن لا يحيا إلا وسط الناس.. من الصباح إلى الصباح.. لا أنمو ولا أفكر ولا أضحك إلا مع الناس.. دوماً كنا معاً.. دوماً كان ما بيننا أكبر وأعمق وأبهى من كلمة أو سطور.. ما بيننا في الصدور.
ربما تلك الزاوية فقط هي ما يستحق الاعتذار.. أن أتركها خالية كل تلك الأيام، ألا أفتش فيها كل مرة عن بقايا سؤال، أو أركن حتى لأحاديثي القديمة منها، كان يحدث ذلك، حين أفتش فيها، لكنني أتركها من دون أن أستمع إليها، ربما ضبطتها مرة، متلبسة بطلب أن ترتوي.. الزوايا ترويها الكتابة، هي قطعاً لا تريد أن تصبح حباً قديماً، ولا أنا أريدها كذلك، حتى لو تراجع زمن القراءة والكتابة، وخطفنا ذلك الزمن الشرس المطل من كل الأفق، تغريدات وصور ومقاطع وأصوات، تحتلنا حتى لو ضجرنا منها.
تستحق زاويتنا التي شيدناها معاً على مدار عقد من الزمان أن تستمر، ويستحق المشهد الرياضي أن نطل عليه من آنٍ لآخر، بما هو أكبر وأعمق من «تغريدة» أو «لايك» أو «سالفة» نتشاركها كل صباح أو مساء، أو حتى صورة بألف كلمة، لكن بعض الكلام قد يكون «خارج حدود الألف».
يستحق هذا الصباح أن يبقى، ولو مرة كل عدة صباحات.. تدركون عن يقين يصلني أننا معاً على الدوام، بل ربما إننا نتشارك ونتفاعل أكثر من أي وقت مضى عبر منصات تتيح ذلك على مدار الساعة طوال اليوم، لكن تلك الزاوية تستحقنا معاً.. نستحق أن تظل فينا، وأن نطل منها على رياضتنا ودورينا.. تستحق أن تبقى، كما اعتدتها أنا قبلكم مساحة للبوح، وجسراً للعبور إلى ما يرضيكم، اخترت السير عليه منذ قرابة عقد من الزمان، متشبثاً بكلمة أرتضيها، وقضايا تستحق، وأفكار كنتم فيها شركاء، يا أغلى وأعظم وأوفى الأصدقاء.
*كلمة أخيرة:
رائعون الذين إن ذكرتهم ابتسمت.. هكذا الأمر معي وأنا أكتب إليكم