شارك في الاستطلاع:
هناء الحمادي، خولة علي، أزهار البياتي، لكبيرة التونسي، أحمد السعداوي، أشرف جمعة، تامر عبد الحميد، أحمد النجار

من كل جهات القلب يخرج صوت الحب مدفوعاً برغبة الوصول إلى المدى يختار ميقاته ليغير التقويمات ويعيد ترتيب الأشياء على صفحة الحياة، فالحب لا يمكن وصفه في كلمات أو اختصاره في عبارة، لكن يمكن أن نحسه ألفة غامرة ونعيشه قصة عابرة فهو لا يموت ولا يشيخ ولا يتوارى مع مرور الزمن فهو الفضاء الفسيح لتقبل الآخر وهو ترياق الحياة ضد التعصب والكراهية، يعيش به الإنسان متحرراً من كل ضيق وتعيش به الأوطان أرضاً تشع بالألفة والنضارة فهو المساحة المتخيلة للمغامرة تحت سماء دافئة تصغي للعقل وتصغي للقلب وتصغي لكل ما يحمل رسائل من نبع الإنسان وجوهره الصافي النابض بالحكمة وإذا كان الحب متشعب الجهات محفوفاً بالخفايا والرؤى الغامضة والواضحة فهو سكينة الأوطان للعبور إلى الآخر وتقبله والتماهي معه إنسانياً ووجدانياً وحضارياً ليتأكد أن الحب واجب وطني لا يسكن إطاراً وإنما ينفتح على الوجود برغبة الحياة ورغبة الالتقاء عند نقطة القلب، الحب لهفة غامرة وسكينة عامرة بالمجد الحقيقي الذي يسمو في النفوس المتعلقة بالحب صوتاً وحكمة وغناء.
متخصصون في التنمية البشرية، اعتبروا أن الحب الحقيقي هو الذي يتجاوز الأعراف العاطفية بين الشريكين، ويتخذ سلوكاً حضارياً يحاكي حب الوطن كقيمة مجتمعية عليا، ينعكس جوهرها داخل المجتمع الواحد، مشيرين إلى أن حب الوطن واجب وطني على كل فرد ترعرع على أرضه ونهل من خيراته وعاش الأمن والأمان، فكيف لا يكون واجباً وطنياً ينبغي المجاهرة بحبه والاعتزاز بالانتماء له والاحتفاء بكل إنجازاته وإشراقاته؟، فالحب بمعناه الأشمل لا يمكن حصره في مشاعر بين شريكين، إنه فكرة سامية وشعار وجداني جميل، يسمو بعلاقة «الفرد بوطنه» فالوطن قصيدة العطاء ووردة الانتماء وأغلى هدية إنسانية، وهو جوهر الاحتواء الذي تنمو في تربة التضحيات والإنجازات والعمل المتفاني، إنجازات نرويها بدم الجهد وعرق الإخلاص، وينبغي الاحتفاء بحب الوطن وترقية مصلحته وإعلاء رايته فماذا قدمنا اليوم للوطن، لكي نفخر ونزهو به أمام أبنائنا، وعبروا في إفادتهم لـ«الاتحاد» عن أن الحب الذي ينبغي الاحتفال به هو حب الوطن، بوصفه المعنى الحقيقي للسعادة الأسرية والمجتمعية، وعنوان الألفة والتآخي ورسالة السلام والتسامح بين البشر.

الحب، عاطفة رائعة يعيشها البشر في كل بقاع العالم، ساهمت على امتداد العصور في إيجاد علاقات اجتماعية شكلت جوهر الحياة في مختلف المجتمعات والثقافات، وللحب تأثير في تشكيل الروح الإنسانية ودفعها إلى كل ما هو جميل من أفعال يعم خيرها، ولا يمكن اختزال الحب ومظاهره في يوم واحد، فعاطفة مثل الحب تبدأ مع بداية الحياة وتنعكس على نمط حياته وأسلوب تفاعله مع نفسه ومع الآخرين.
الدكتورة نجوى الحوسني، وكيل كلية التربية في جامعة الإمارات، قالت: إن الحب يلعب دوراً مهماً في تلبية الحاجات الأساسية، التي تضمن بقاء الإنسان وتواصله مع المحيطين به بكل نقاء وتسامح وإخلاص، ويقود إلى الشعور بالانتماء الذي يعتبر أعظم شعور يملكه الإنسان، وعندما يشعر الفرد بقيمة الانتماء يتولد لديه حب عظيم تجاه الوالدين والأسرة والوطن والعمل، ويوم الحب تعبير بسيط يمارسه كثير من الناس لرسم ملامح الحب في علاقتنا الإنسانية التي لا تقتصر ملامحها على تبادل الهدايا والورود الحمراء، وتعبر عن الروح التي تسعى دائماً إلى نشر الخير والمحبة في المجتمعات، فالحب قيمة تتجلى في أبهى معانيها عندما يضحي الفرد بالغالي والنفيس في سبيل رفعة شأن وطنه.
ويرى الدكتور عبداللطيف العزعزي، مستشار التنمية البشرية والشؤون الأسرية أن ارتباط الشخص بالأرض التي ولد عليها وتفاعل ودرس فيها من أقوى أشكال الارتباط، بحيث ينمو ذلك الحب ويترعرع ويكبر ويتسع ويزيد الشوق كلما غاب الشخص عن الأرض أو رحل عنها ليشعر بذلك الاغتراب، ويوصف بأنه كتلة من المشاعر، فهو يتفاعل ويتعامل مع الآخرين ومع الأشياء وفقاً لمشاعره وتفكيره، وكلما كان الإنسان مرتبطاً بشخص أو بشيء أو بمكان ما، كان حبه له وتعلقه به أعلى من غيرها، فمشاعره امتزجت بما أحبه وتعامل معه بشكل دائم أو شبه دائم، وهذا الارتباط جعل له انتماء وولاء ومكانة وتقديراً وغيرها من الأمور الدالة على قوة الصلة والتواصل والمشاعر.
وأوضح أن هُناك بعض المعلومات عن القلب، منها أنه يوجد فيه 40 ألف خلية عصبية بما يمثل دماغاً صغيراً، وأن القلب يصدر 6 هرمونات، منها هرمون الأوكسيتوسين «هرمون الحب» بالقدر نفسه الذي يفرزه الدماغ، وأن موجات القلب الكهرومغناطيسية يبلغ قطرها 3 أمتار ويتأثر بها كل من تواجد في نطاقها من الناس والكائنات الحية والجمادات، فإذا تعوّد الإنسان الجلوس إلى شخص ما، فإنه مع الوقت يتأثر بمشاعر وأفكار الشخص، وهو كذلك يؤثر عليه، فتحدث بينهما ترابطات فكرية وشعورية وجسدية، إذا ابتعد أحدهما عن الآخر أحس كل منها بهذا البعد وافتقد كل منها الآخر، والأمر نفسه يحدث بين الإنسان والكائنات الحية والجمادات، إن ارتباط الإنسان بأرض عاش فيها وترعرع عليها ودرس وعمل وتفاعل تعد من أقوى الارتباطات لأن الأرض سجلت جميع مشاعره وعواطفه وانفعالاته وكلماته وعباراته وتصرفاته.

علاقة الإنسان بالوطن
الكاتبة نجيبة الرفاعي، أكدت أنه إذا أردنا أن نفهم عمق عبارة الحب، فلنسأل من تشرّد عن وطنه، كيف يشعر بالغربة؟، وبأنه كالشجرة التي انقطعت من جذورها، مشيرة إلى أن العلاقة بين الإنسان ووطنه علاقة حميمية فطرية، وأجمل وأصدق علاقة حب في الكون، وهي علاقة حب متبادلة، فالإنسان يحتاج إلى وطن يعطيه الأمان والأمن والاستقرار، ويصون له حقوقه المدنية والسياسية والاجتماعية، والوطن بحاجة إلى أبناء يدافعون عنه ويحمونه ويسعون إلى تنميته والارتقاء به.
وقالت الكاتبة الإماراتية شيخة الناخي: نعم حب الوطن واجب مفروض وعهد بالولاء الأبدي لابد من الالتزام به، وإن عبارة «حب الوطن سلوك فطري» لم تأت من فراغ، بل هي نهج وفطرة الله التي فطرنا عليها، فالإنسان لا يستطيع اختيار بلده ومكان ولادته، بل هي مشيئة الخالق للخلق، وهبة من الرحمن للإنسان، لذا فإن حب أوطاننا هي من أنقى المشاعر وأسماها على الإطلاق، وهي الفطرة السليمة والنقية التي تولد طبيعياً مع المرء.
حب الأرضأما الدكتورة أسماء محمود فكري، عالمة الدواء، فلفتت إلى أن الحب، حب الأرض وأهلها وتاريخها ومستقبلها، وترجمة هذا الحب تكون بأن نعمل دائماً على تطوير أنفسنا وتقديم أفضل نسخة من شخوصنا، بحيث تنعكس على إخلاصنا في عملنا وسعينا الدؤوب للوصول إلى أعلى المراتب، وبالتالي تتحرك فينا عجلة الابتكار واكتساب المعرفة.

طاقة هائلة
ومن منظور الدكتور منصور الشامسي، مستشار تنمية بشرية وأستاذ جامعي، فإن الحب قيمة وطنية من مكونات الاستقرار العاطفي لدى الإنسان، حيث يصف الوطن بأنه أحد أهم مصادر الحب الطبيعي، فهو طاقة هائلة تبث ذبذبات إيجابية من القيم والمبادئ والتسامح والمعاني الجميلة، معتبراً أن حب الوطن حالة تاريخية عميقة مستمرة لا ترتبط بفترة زمنية بعينها، حيث لا يوازي شعور الانتماء أي شعور آخر، فهو دليل الكينونة وخليط من إحساس السعادة التي تشكل محركاً وجدانياً للذات الإنسانية.

تفريغ المشاعر
وقال الدكتور خليفة المحرزي، مستشار أسري متخصص في العلاقات الأسرية والزوجية ورئيس المجلس الاستشاري الأسري، إن الحب حاد عن مساره الطبيعي، وأصبح أداة مجردة لتفريغ المشاعر العاطفية وتبريرها تحت مسميات الحب الأزلي، وتحول عن هدفه الذي من أجله يرتقي البشر في علاقاتهم الإنسانية، مشيراً إلى أن الكائنات البشرية تنفرد عن غيرها من الكائنات بالتعبير عن مشاعرها الصادقة من القلب، فحب الوطن وقيم التسامح تعد سلوكيات إنسانية تتضمن عبراً ومعاني نبيلة.
إيمان الهاشمي، الكاتبة وملحنة الأوركسترا، أشارت إلى أن الحب كلمة من حرفين تحكم العالم، بإسلوب لا يندرج ضمن نظم الحكم التقليدية، فهو عالم مستقل بذاته، وفي الوقت ذاته يرتبط بعالمنا ارتباطاً جوهرياً، فالمحب لا يتمنى أي شيء ممن يحب ويتمنى منه كل شيء في الوقت نفسه، وذلك باعتبار الحب أساس الحياة وأهم مبادئها، فالأعمى من لا يحب بالمعنى الحقيقي الصادق القائم على الأخلاق والإنسانية والتسامح وأسس التعامل الصحيح والاحترام، حيث إن الحب جوهر كل شيء على وجه الأرض.

رقي الفكر
من ثيمة الحب ننطلق لنرصد بعضاً من أفكار المجتمع وانطباعاتهم عن وجوه الحب الكثيرة وأشكاله وروابطه المتعددة بين البشر، ملتقطين جوانب من اختلاجاته وشيئاً من آثاره الإنسانية، وتعبّر عن هذه القيمة الكبيرة والطاقة الروحانية الجبارة في حياة الشخص، الطبيبة عالية محمد قائلة: من وجهة نظري هو شعور رائع يعمق العلاقات والروابط الاجتماعية بين البشر، ويرتقي بأفكار المرء ويجعله أكثر حيوية وطموحاً، فبالحب تعمّر بيوت وتلتحم أسر، ومن طاقاته الإيجابية تبنى شخصيات وتتحقق أحلام، خاصة إذا جاء بشكل متبادل بين الطرفين، ونشأ وسط بيئة سليمة وصحية، متوجاً برباط الزواج السامي، ومؤسساً لعائلة ومجتمع، فليس اعتباطاً أن مشاعر الحب ووجوهه الكثيرة أخذت وعلى امتداد التاريخ تلك المكانة الكبيرة، وهذه الأهمية القصوى، لتكتب من وحيه القصائد وتنسج من أجله الحكايات، فيما تحوم حوله قصص الأساطير وضرب الخيال، في المحصّلة الحب يعد قوة جبارة ومحّركاً مؤثراً يحمل قدرة كبيرة على التغيير.
وتشير الإعلامية ندى علي، إلى أوجه الحب المختلفة: لا يمكن حصر الحب وعنونته تحت مسمى العشق فقط، أو الحالة العاطفية، على الرغم من سموها وصورها الجميلة، فالحب من الممكن أن يكون وصلة وفاء بين صديقين صدوقين، أو يكمن في مشاعر أخوية، أو ارتباط عائلي، أو مشاعر أمومة وإيثار، أو علاقة أبوية بين أب وأبناء، حتى قد يسمو إلى طور معتقد وأفكار يؤمن بها الإنسان، ولكن أرفع مقاماته وأعلى درجاته هي حب المواطن لوطنه، فهذا حب فيّاض، يفوق كل حب في العالم، والوطن هنا ليس مجرد جغرافية مكان ورمز علم، بل ارتباط ملتحم بنبض المشاعر وقوة الإيمان وحمل المسؤولية، اعتزاز بالهوية وفخر بالتاريخ والمنجزات، حب الوطن شعور جارف يجعل الإنسان يسمو فوق كل المصالح الشخصية والعلاقات المجتمعية.

أساس متين
المسؤولية، الإخلاص في العمل، الإيثار، التعاون، التكافل، التسامح، التطوع كلها علامات الحب، فقيمة الحب سلوك وأفعال يجب أن نقوم بها لنثبت انتماءنا وولاءنا الحقيقي الذي يعبر عنه بالتضحية والفداء بالنفس والمال والولد، هذا ما أكدت عليه أمل آل علي مدربة التنمية البشرية، موضحة أن حب الوطن هو أشمل وأعمق، وهي سلسلة من السلوكيات التي تكمل بعضها بعضاً، يعتبر أول مفتاح فيها هو القدوة الحسنة، ولعلّ القدوات الحسنة في مجتمعنا هي المحرك الرئيس لهذا الحب، فالإمارات قامت على المحبة والرحمة والتعاون، كما يتجلى ذلك في دور مؤسسات الدولة التي تقوم بمهامها على أفضل وجه، ويظهر ذلك في سلوك أفراد المجتمع الذين نشأوا ضمن منظومة متكاملة تأسست على الحب والتضامن والترابط.
من أرقى معاني حب الوطن المساهمة في بناء المجتمع بتطبيق مبدأ البيت متوحد، بحيث يتم التطوع لخدمه الوطن من دون مقابل سعياً لرقي المجتمع من خلال إطلاق المبادرات وتحقيق الإنجازات، حيث يقول أحمد الشحي رئيس مجلس إدارة فريق فخر أبوظبي التطوعي: الإخلاص في العمل والمساعدة في تنظيم الفعاليات رسالة حب لوطننا، وما نقوم به اليوم كشباب متطوعين لخدمة الوطن، ولإظهار هذا الحب وترجمته على أرض الواقع، فإننا لا ندخر جهداً لاستقطاب الشباب للمشاركة في مثل هذه المبادرات التي تخدم الأفراد وتدخل السعادة عليهم.

سر السعادة
مع الحب تصبح الحياة جميلة لكي نحقق أهدافنا التي رسمناها، ومع الحب تستمر الحياة مع الآخر، ومع الحب نحيا ونعيش في سعادة وسرور وبهجة، هذا ما أكده مجموعة من صناع الأغنية الإماراتيين، الذين أوضحوا أن الفن يلعب دوراً هاماً في خدمة الحب والوطن، من خلال الكلمات المرهفة والألحان العذبة التي تؤدى بأجمل الأصوات في حب الحياة والعائلة والوطن.

مخاطبة الوجدان
الشاعر علي الخوار، يرى أن الحب هو أساس الحياة، فلا يستطيع أحد العيش من دون حب، ومشاعر ووجدان، مبيناً أنه كشاعر لا يبدع في إخراج كلمات وتنفيذ قصيدة من دون حب، حب المكان، حب الزمان، حب الحياة بشكل عام، لافتاً إلى أن الكلمة لها تأثيرها الكبير على الآخر، فهناك العديد من الأغنيات التي تم توظيفها في الأعمال الفنية لخدمة موقف إنساني، أو وطني أو اجتماعي.
ويقول الشاعر سالم أبو جمهور: بالحب نحيا لحظات متغيرة ونسافر في دهاليز هذه الحياة نستنبط الأمل من تحت جذوع الأيام لنرى غداً مسكوناً بلهفة أخرى تدفعنا لمعرفة الذات في جدلية الحب والحياة والانصهار مع الآخر في الإنسانية الحقيقية، لافتاً إلى أن الوطن معنى أكبر في سجل الحب، فهو طريق إلى معرفة كل أداة توثق العاطفة الصادقة، ومن ثم نبذ كل فرقة وتعصب وجهل.

جمال إنساني
وتذكر الشاعرة بشرى عبدالله أن الحب موهبة تسكن أرواحاً تسبح في محيط الحياة على أمل الوصول إلى شيء مبهج ينقل المرء من حالة فردية إلى فضاء الكل، مبينة أنه بهذا المعنى تبرز قيمة الوطن الذي يدفعنا إلى أن نتقبل ذواتنا ونتقبل الآخر في كل زمان ومكان، لافتة إلى أن المعضلة الإنسانية تتمثل في كيفية ترسيخ معاني الحب في لحظات الغضب والاختلاف وأن السمو الحقيقي هو أن نخفي هذا التوجس وذلك القلق عندما نصطدم بما لا يروق لنا على صفحة الحياة.

نبض الحياة
فيما اعتبر فايز السعيد أن الحب هو مفتاح سر السعادة، وقال: الحب في حياة الإنسان هو المصدر الأساسي للأمن النفسي، وبالتالي المصدر الأساسي للسعادة، فلا أحد يستطيع العيش من دون الحب، لأن الحب هو نبض الحياة وأساس استمرارها، لافتاً إلى أن الفن بجميع أشكاله ومجالاته المختلفة، هو أداة للتعبير عن الحب من خلال ما يقدم من أعمال تسعد الناس وتشعرهم بالمعنى الحقيقي للحب.
وأكد أن الفن أداة مهمة تسهم في رفعة شأن الوطن، ويعتبر الهدف الأسمى الذي يسعى لتحقيقه الفنانون، من خلال الأغنيات الوطنية التي تتغنى بحب الوطن، وذلك باختيار أعذب الألحان وأجمل الكلمات.

لغة الحب
وقالت الفنانة أريام: الحب لا يقتصر فقط على حب الحبيب، وإنما حب الأم والأب والأبناء والأهل والأصدقاء والوطن، لافتة إلى أن الحب بمثابة فرصة حقيقية للتسامح وأعمال الخير والإنسانية، من منطلق حب الوطن، ويمكن استغلال قيمة الحب في تصفية القلوب، بحيث لا يكون هناك خصام أو عداء أو أحقاد بين الناس، لا سيما أن في كل مكان، سواء في الوسط الفني أو العملي أو في إطار العائلة، من الممكن أن تحدث مشكلات تعكر صفو الأجواء، وهنا الحب يلعب دوره في مصالحة النفوس.

الفن الحقيقي
ويرى الفنان فيصل الجاسم أنه من خلال موقعه في الساحة الفنية، فإنه يترجم حبه للناس والأهل والأصدقاء وزملاء العمل، مدركاً قيمة الحب، مما يجعله يقدم أعمالاً غنائية تتسم بالرومانسية والمشاعر الإنسانية، مشيراً إلى أن الحب قيمة تجعل الإنسان متواصلاً مع الآخرين في كل مجالات الحياة، وأنه يستثمر الفن في خدمة الحب، وإيصال رسالة الفن الحقيقي من خلال الأغنيات التي يؤديها.
ويذكر أن كل المجتمعات في العالم تهتم بالحب وتقيم له المناسبات وتحتفي به بطرق مختلفة، أما الفنان فهو يعمل بكل طاقته من أجل أن يسود الحب في كل بيت وفي كل مكان.
فيما أكد الفنان حربي العامري أن الحب بشكل عام واجب وطني، حيث تقبل الآخر والعيش في تسامح وحب وألفة، ضد أي ضغينة أو كراهية، متمثلة بالعائلة، الأصدقاء، الوطن، مشيراً إلى أن حب الوطن هو في الأساس وواجب وطني، حيث الشعور بالحنين والاشتياق للعودة له، وحب جميع الأشياء الموجودة فيه، ويأتي هذا الشعور عن طريق التعلق به وبجميع تفاصيله.

عزة وفخر
ويقول الفنان الإماراتي هزاع الرئيسي الذي لا يترك مناسبة وطنية إلا ويسارع للمشاركة فيها، بحكم ولائه وانتمائه للوطن: أشعر بالحب وقيمته كواجب وطني حين أغني للوطن، حيث ينتابني شعور بالعزة والفخر والمحبة، فهذه المناسبات الوطنية، فالكل يجتمع فيها من أجل الخير والمحبة والسلام والسعادة، وهنا يظهر المعنى الحقيقي للحب بعيداً عن أي أحقاد أو كراهية.

ألفة
وتشير الدكتور أمل ملحم محاضرة في كلية التكنولوجيا قسم الإعلام إلى أن الحياة لا تستقيم بغير الحب، فهو اللغة المشتركة للتعايش بين البشر، وترى أن حب الوطن واجب يخضع لكل معنى إنساني وحضاري لأن الوطن هو باعث الروح ومجدد الحياة، وهو شريان الحب الذي يغمرنا ويدفعنا لأن نغمر الآخرين مودة وتصالحاً وتقارباً وألفة قريبة، مبينة أنها تعيش على ماء الحب وتتفاعل مع الآخرين من منطلق الحب الذي يحقق إنسانيتها.
وطالما تغنى الشعراء والأدباء بالوطن، ولطالما قيلت فيه أعذب القصائد والحكم والتوصيات، لكن مهما قيل فيه، تبقى الأبجدية مقصرة في وصفه، حيث أوضح المهندس محمد المرزوقي أنه لا أحد أبداً يستطيع أن يصف حبه لوطنه بدقة كاملة، ولا يمكن لأحد أن يوفي الوطن حقه، فالوطن دوماً في القلب والوجدان، ولنُحافظ عليه كما نُحافظ على أرواحنا، لأن من يعش بلا وطن، عاش ذليلاً مكسوراً لا يعرف أين يذهب ولا إلى أي شيءٍ ينتمي، فالوطن نعمة مهما شكرنا الله عليها، فلن نستطيع أن نوفيه حق الشكر.
واعتبر محمد عبدالله بن علي مدير إدارة التميز في هيئة كهرباء ومياه الشارقة، أن أسمى وأرقى مراتب الحب هو حب الوطن، الوطن كلمة حروفها قليلة، ولكنها تحمل معاني عظيمة، فهو هويتنا التي نفتخر بها، وهو المكان الذي نلجأ له ونحس فيه بالأمان، فهو الحضن الدافئ الذي يجمعنا معاً، وهو نعمة من الله، فيجب علينا أن نحميه وندافع عنه ونفديه بروحنا وأغلى ما نملك ونعمل كيدٍ واحدة لبقائه آمناً وصامداً.
ويرى المحامي محمد الغفلي الوطن في عيونه ويقول: مهما كتبنا وعبرنا عن حب الوطن فلن نوفيه حقه، ولن تسعفنا الكلمات ولا العبارات مهما حاولنا، فالوطن هو الجسد الذي يحتضن أرواحنا ويحتضن أغلى البشر عندنا، الأحياء والأموات، فهناك من رحلوا بأجسادهم، ولكن بقيت أفعالهم وذكراهم ومناقبهم حاضرة، الوطن ليس مساحة من الأرض فقط، الوطن روح وأرض وعرض وإنجازات.
وأوضح الاختصاصية الاجتماعية مروة عبدالحميد، أن حب الوطن هو الإحساس الأعمق والشعور النبيل الذي يفيض بعمق وصدق، بينما مفهوم الحب الذي يتم إحياؤه بالعطايا المادية والهدايا والصور التي ترمز له بالأحمر، فإنه مجرد ديكور ومزيف.
ومن وجهة نظر أحلام محمد، فإن قيمة الحب عظيمة جداً، ولا يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على المحيطين بنا إلا إذا كان حباً صادقاً تشعر به من خلال علاقة الآخرين بك وإحساسك بأنهم يحيطونك بدفء الكلمة وتأثيرها القوي.
وأوضحت مي سليمان أنه لا يمكن أن تتحقق معادلة الحب إذا لم يتوفر فيها الثقة والاحترام المتبادل بين الأفراد في أبسط تعاملاتهم وعلاقاتهم، وترى أروى عبدالله أن الحب يمكن أن يفسر بكونه سلوكاً إيجابياً يظهر من خلال تواصل الأفراد مع بعضهم بعضاً، ولا يمكن أن يتحقق إذا كان المرء يفتقد في حقيقة الأمر حب ذاته ونفسه.
وتضيف بشرى صاحبة محل: التعبير عن الحب لا يتوقف عند مناسبة بعينها على الرغم من أن الناس اعتادوا أن يعبروا عن حبهم للآخرين في مناسبات محددة ووقتية من خلال مناسبات متعارف عليها كأعياد الميلاد عيد الحب وعيد الزواج وغيرها من الأعياد بشراء الهدايا والزهور وانتظار هذه المناسبات للتعبير عن الحب، ولكن يبقى الحب أسمى المشاعر الإنسانية دون إرتباط بوقت أو زمان.

شعور يرفع قدر صاحبه
الحب قيمة إنسانية راقية يشعر بها الجميع تجاه الأرض التي نشأوا عليها، وعبر هذا الحب والارتباط المتجذر بالوطن والهوية، تنشأ سلوكيات إيجابية ينتفع بها الجميع وتسهم في رفع راية الوطن عالياً اعتماداً على القيم السامية السائدة بين أفراده وفي مقدمتها الحب.
ويقول إبراهيم العبيدلي، المدير بإحدى الشركات الحكومية، إنها قيمة عظيمة لها آثرها الكبير على الفرد والمجتمع، كونها من أهم أسباب شعور الفرد بالسعادة والتواصل الإيجابي مع المحيطين به، وحين يتخذ الإنسان من حب الآخرين والحياة بكل مكوناتها منهجاً في حياته سيشعر بلا شك بالراحة النفسية ويستطيع التعامل مع الحياة بأريحية رغم العراقيل التي قد يواجهها الفرد في بعض المواقف والأوقات. وأوضح أن أبناء الإمارات يعدون حب الوطن هو الأغلى في حياتهم كونهم تربوا على أرضه ونعموا في خبراته، ولذلك فهم يفدونه بأغلى ما لديهم سواء الروح أو المال أو الجهد، وهذا جزء قليل مما أعطاه الوطن الغالي لنا، لافتاً إلى أن ذيوع مفهوم الحب بين الجميع يقضي تماماً على مشاعر الكراهية والتنازع، ما يوطد العلاقة بين الجميع ويغرس بذور الولاء والانتماء والترابط بين كل فئات المجتمع، سواء بالنسبة للمواطنين أو الوافدين.
وشدد على أن حب الآخرين واحترامهم من أعلى القيم، وهذا الحب يشتد ويقوى حين يتم إعلاء مفاهيمه وتطبيقه عملياً في كل السلوكيات التي نقوم بها في أمور حياتنا، ما يسهم في راحة وسعادة كل أفراد المجتمع الذين يعيشون في وطن السعادة وهو اللقب الذي صار مقترناً باسم دولة الإمارات في الوقت الحاضر والمستقبل بإذن الله، إيماناً من الجميع بأن الحب واجب وطني يسود دائماً حين يتوافر الحب والعدالة والمساواة، وهي جميعاً من أهم المفاهيم التي يرى الكثيرون بأنها مقومات رئيسة يقوم عليها المجتمع الإماراتي.

تذويب الفوارق
الممثل جاسم عبيد، صاحب شخصية «الدبدوب» المعروفة بين أطفال الإمارات والمنطقة، أوضح أن ديننا الإسلامي حثنا على الحب وضرورة التمسك به في كافة علاقاتنا سواء داخل الأسرة أو بين الجيران والأشقاء وزملاء العمل، ويأتي في مقدمة هذه المشاعر جميعاً حب الوطن كواحد من أهم الواجبات التي نشعر بها تجاه الأرض التي نشأنا عليها ورسخت فينا كثير من القيم السامية مثل التسامح والعدل وحب الآخرين وتقبلهم كما هم بأفكارهم ومعتقداتهم، ما أسهم في النهاية بوجود مجتمع قوي متماسك على أرض الإمارات، تنعم فيه أكثر من 200 جنسية بحياة سعيدة مستقرة، بعد تذويب الفوارق وتمازج الثقافات واحترام المعتقدات بفعل سيادة مفهوم الحب الذي نعتبره جميعا واجباً وطنياً نزهو بالعمل على تكريسه وغرسه في نفوس الجميع.

فيض مشاعر
الكاتب والإعلامي نبيل الكثيري، رأى أن الحب، واجب وطني وهو من المفاهيم السامية التي يجب أن تسود المجتمعات كافة، وهو ما نراه بالفعل على أرض الإمارات في كثير من المظاهر، ولعل أبرزها حب الوطن الذي أعطانا الكثير، حيث يعد هذا الحب واجباً يجب الالتزام به والعمل على تفعيله في كافة مناحي حياتنا، انطلاقاً من القيمة الكبرى الذي يمثلها الحب في نفوس البشر وأثره البالغ في دفع الأشخاص لبذل الجهد في كل ما هو مفيد وبناء.
وأكد أن حب الوطن ينبع تلقائيا من قلب كل إنسان، إذ تفيض مشاعره نحو المكان الذي عاش فيه بشكل فطري.

محفور في القلوب
الخبير التراثي يحيى المسكري، شدد على أن الحب هو أرقى المشاعر الإنسانية، والوطن أغلى شيء نملكه في هذا الكون، ولذلك فإن حب الوطن واجب وعلينا الحفاظ عليه من جميع النواحي، ونحن نعي جيدا معنى الوطن، ونعتز به، ونعرف جيدا سبل الحفاظ عليه ورفع رايته عالياً.