جديد الانتخابات السودانية
في يوم الـ13 من فبراير الجاري أُعلن في السودان رسمياً بدء الحملة الانتخابية التي تنتهي في التاسع من إبريل. وحسب الإحصاءات الرسمية، فقد بلغ عدد المرشحين على كل المستويات في الشمال والجنوب 14,510 مرشحين يتنافسون على أكثر من مرحلة واحدة بما في ذلك رئاسة الجمهورية.
وبلغ عدد الأحزاب المتنافسة 67 حزبا إضافة إلى أعداد كبيرة من المستقلين.
وعاد رقم المرشحين للرئاسة إلى 12 بعد أن قبلت المحكمة شكوى مرشحين، أحدهما سيدة، كانت لجنة الانتخابات قد رفضتهما. كذلك رفضت المحكمة الطعن المقدم ضد ترشيح الرئيس البشير، وإن لم تعلن حيثيات الرفض.
وفي هذه المرحلة بدأت التقديرات والتخمينات تتردد حول من الذي سيفوز بمركز الرئاسة، وكان أوضح تلك القراءات ما أعلنه الدكتور حسن الترابي، زعيم "حزب المؤتمر الشعبي" المعارض، من أنه لا يتوقع فوز البشير في الجولة الأولى.
وقد فُهم هذا التقدير بأنه يمكن أن يكون هدفه إضعاف معنويات المؤيدين للبشير ورفع معنويات الطرف الآخر. لكن التقدير الذي قوبل بالدهشة هو ما جاء على لسان جيمي كارتر، الرئيس الأميركي الأسبق، الذي استبعد فوز البشير في الجولة الأولى.
وبالطبع فقد سعدت بعض الدوائر بما قاله كارتر الذي جاء للسودان على رأس مجموعة من مركزه ستشترك في رقابة الانتخابات إلى جانب 130 مراقباً يمثلون الاتحاد الأوروبي.
لكن هناك من أغضبهم تقدير كارتر ومن هؤلاء كاتب عمود في إحدى الصحف اليومية رأى في ذلك تدخلا من الرئيس الأميركي الأسبق في أمر لا يعنيه، وقال إن كارتر لو كان يحسن التنبؤ لكان قد تنبأ بفشله هو نفسه في الانتخابات الأميركية لعام 1980 التي كسبها ريجان.
وبعد منصب رئيس الجمهورية تأتي من حيث الأهمية مناصب ولاة الأقاليم، وهم بمثابة رؤساء وزارات تدير أمور أقاليمهم.
وعلى رأس ولاة الأقاليم والي ولاية الخرطوم التي تعد أكبر ولاية من حيث عدد السكان وأهم ولاية لأنها مركز النشاط الأكبر للحكومة. وقد بلغ عدد المرشحين لولاية الخرطوم 18، بينهم عشرة يمثلون أحزابا سياسية، والباقون مستقلون.
ولا يعني قفل باب الترشيح لمنصب الرئيس أو لمنصب الوالي أو لأي مركز آخر، أن هذه نهاية المطاف، ذلك لأن باب الانسحاب الرسمي سيظل مفتوحاً لحين، كما يمكن أن لا يعلن أي مرشح انسحابه رسمياً، لكنه قد يشير على مؤيديه أن يدلوا بأصواتهم لمرشح آخر يحدده هو.
وهنا ما زال الاحتمال باقياً لأنْ يأتلف بعض المرشحين للرئاسة ضد الرئيس البشير في مرحلة لاحقة، خصوصـاً إذا لم يحصل على 50 في المئة + 1 من أصوات المقترعين في الجولة الأولى حيث يُصارُ لجولة ثانية مع المرشح الذي يكون قد نال أكثر الأصوات بعده. لكن قادة "حزب المؤتمر الوطني" يؤكدون أن رئيسهم فائز في الجولة الأولى لا محالة وبأغلبية ساحقة لا يحتاج فيها لإعادة.
كل يوم يمر قبل الاقتراع يحمل معه مفاجآت جديدة، بيد أن ما اتضح الآن هو أن التنافس على مناصب الولاة كان على أشده حتى بين المرشحين باسم الحزب الحاكم.
ويتضح في عدد من الولايات أن المرشح الرسمي للحزب الحاكم غير مقبول من القاعدة الشعبية للحزب، لذلك لجأت تلك القاعدة لترشيح شخص آخر قائلة إنه مرشح مستقل. وكانت مدينة بورتسودان، وهي ثالث مدن البلاد، أوضح مسرح لهذا الخلاف الذي لم يحسم لحين كتابة هذا المقال.
أما الظاهرة الأخرى التي برزت أيضاً فهي كثرة عدد المرشحين المستقلين، وهو أمر يعكس مدى الضعف في قدرات الأحزاب السياسية.
وهكذا فالحياة السياسية في السودان، والتي حرمت من الديمقراطية وممارساتها نحـو ربـع قرن، لا بد أن تحمل ظواهر جديدة وتحولات متنوعة تعكس واقعا جديدا يختلف عن السابق، وقد يكون ذلك إيجابياً وقد لا يكون!