أبوظبي (الاتحاد) - طبقت الدول العربية 120 إصلاحا تشريعياً وإجرائياً خلال السنوات الثلاث الأخيرة، سهلت ممارسة أنشطة الأعمال في مختلف المجالات وأهمها «تأسيس الشركات واستخراج التراخيص وإنفاذ العقود وتسجيل الملكية والحصول على الائتمان المصرفي ودفع الضرائب والتجارة عبر الحدود وحماية المستثمرين»، بحسب المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات «ضمان». وقالت البيانات الواردة في النشرة الفصلية الرابعة الصادرة مؤخراً «نجحت تلك الإصلاحات في أن تكون سبباً في تحسين مناخ الاستثمار في المنطقة لدرجة قفزت معها تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة لدول المنطقة خلال الفترة 2005 الى 2010 الى نحو 438,5 مليار دولار (1,6 تريليون درهم)، بما يعادل 7 أمثال إجمالي التدفقات الواردة خلال الفترة المناظرة لها في الفترة ما بين 1999 الى 2004 البالغة نحو 67,2 مليار دولار». وأضاف التقرير المتوفر عبر الموقع الإلكتروني لـ»ضمان»: تضاعفت تدفقات الاستثمارات العربية البينية المباشرة خلال الفترة من 2005 الى 2010 إلى نحو 138,1 مليار دولار، بما يزيد على 6 أمثال إجمالي التدفقات خلال الفترة المناظرة لها من 1999 الى 2004 البالغة نحو 19,4 مليار دولار. وأسهمت تلك الإصلاحات في التقليل من التداعيات السلبية للأزمة المالية العالمية التي انعكست على الأسواق الإقليمية بداية من عام 2008 وتلتها التداعيات السلبية الضخمة لأحداث الربيع العربي التي نشهد أحداثها في عدد غير قليل من البلدان العربية. وعززت هذه الإصلاحات الاستثمارات الأجنبية في دول المنطقة تسهم في مواجهة العديد من التحديات الضخمة التي تواجه دول المنطقة على اختلاف مستوياتها ومن أهمها قضايا البطالة والفقر. وتشير تقديرات «ضمان» إلى أن الإنفاق الاستثماري الإجمالي الحكومي والخاص في الدول العربية يقدر سنوياً، بما بين 500 الى 600 مليار دولار يوفر ما بين 5 الى 6 ملايين فرصة عمل سنوياً، بمتوسط 100 ألف دولار كتكلفة لفرصة العمل الواحدة وذلك مع الأخذ في الاعتبار أن 55% من تلك الاستثمارات يتم إنفاقها في دول مجلس التعاون الخليجي التي تقدر فيها تكلفة فرصة العمل بنحو 220 ألف دولار في المتوسط فيما تنفق البقية ونسبتها 45% في بقية الدول العربية التي تقدر فيها تكلفة فرصة العمل بنحو 60 ألف دولار في المتوسط. وتبلغ حصة الدول العربية من الإجمالي العالمي لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر اقل من 5% ولا تزال ضئيلة إذا ما قورنت بحصة الأقاليم الاقتصادية حول العالم. وأوصت المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات «ضمان» بعدد من الاصلاحات والتشريعيات قابلة للتطبيق في المنطقة العربية بعد تطبيقها في بعض دول العالم وذلك بعد استعراض المؤسسة لوضع الدول العربية في جميع مؤشرات بيئة أداء الأعمال، حيث رصدت «ضمان» العديد من مواطن القوة والضعف في أداء 19 دولة عربية في 10 مجالات رئيسية ونحو 46 مكوناً ومؤشراً فرعياً لبيئة أداء الأعمال. وأوصت «ضمان» بالاستمرار في بناء شركات وتكتلات على المستوى الإقليمي العربي من خلال إبرام المزيد من الترتيبات الثنائية والإقليمية والدولية وكذلك تطوير وتفعيل الأطر الحاكمة للتعاون العربي في مختلف المجالات الاقتصادية وخصوصاً الاستثمار والتجارة وتبادل العمالة ولا سيما اتفاقات تشجيع الاستثمار العربي البيني وفي مقدمتها اتفاقية استثمار رؤوس الأموال العربية واتفاقية تسوية منازعات الاستثمار في الدول العربية. وطالبت بتعزيز الاستفادة من قدرات مؤسسة التمويل العربية في تطوير البنية التحتية العربية وبرامج تحسين بيئة أداء الأعمال و تشجيع الشركات عبر القومية العربية على مواصلة دورها في تعزيز الاستثمارات العربية البينية بإنشاء المزيد من المشروعات المتنوعة في المنطقة والحفاظ على تواصل النمو في التدفقات الواردة الى المنطقة العربية وخصوصاً التدفقات العربية البينية وإيجاد آلية تحسن من قدرة كافة الدول وخاصة الدول العربية الأقل نمواً على اجتذاب حصص أكبر من الاستثمارات والاستمرار في جهود تشجيع حرية انتقال العمالة فيما بين الدول العربية ولا سيما من دول الفائض الى دول العجز. وأوصت بإصلاح النظام القضائي وإرساء قواعد حماية حقوق الملكية الفكرية والمادية وتوفير الحماية القانونية للمستثمر واتباع أفضل الممارسات الدولية في فض المنازعات التجارية وتحقيق العدالة والمرونة في بيئة ممارسة الأعمال من جهة، وإرساء مبادئ الإدارة الرشيدة والحوكمة من جهة أخرى وزيادة صلاحيات هيئات تشجيع الاستثمار وتنظيمات الأعمال والاتحادات في مجالات تنقيح التشريعات والإصلاح الإداري والهيكلي والتدخل الإيجابي في السياسات. وطالبت بتحسين أداء الاقتصاد على المستوى الخارجي وخصوصاً مؤشرات الميزان التجاري وميزان المدفوعات وحركة رؤوس الأموال والقدرة على تحويل العملة ومستوى الاحتياطيات الدولية ومعدل تغطيتها للمدفوعات الشهرية عن الواردات والمديونية الخارجية ونسبتها الى الناتج المحلي الإجمالي واعتماد آليات وسياسات لتحقيق التنوع القطاعي، بما يكفل لقطاع عريض من السكان الاستفادة من منافع الاستثمار الأجنبي المباشر وسعي الحكومات بمساعدة القطاعين العام والخاص لتحسين صورة الاقتصاد ومؤشرات أدائه الكلية بما فيها معدلات النمو والتضخم والتناغم فيما بين السياسات النقدية والمالية وسعر الصرف ومدى انعكاس ذلك على أداء السوق المالي. وتضمنت التوصيات، تنويع الأنشطة الاقتصادية وتطويرها وتقوية الأسواق المحلية وتفعيل المنافسة، بما يسمح بتجاوز قيود الحجم بالنسبة للاقتصادات العربية، وتقوية أواصر التكامل الاقتصادي العربي وتقوية الروابط وتعزيز العلاقات فيما بين الدول كمضيفة للاستثمار والشركات العربية المستثمرة. وأوصت «ضمان» بعرض المزيد من فرص الاستثمار للقطاع الخاص المحلي والأجنبي ولا سيما في مجالات الاستثمار المشترك والمشروعات العربية المشتركة وتشجيعه على الاضطلاع بدوره في عملية التنمية الاقتصادية الشاملة وإنشاء مناطق حرة ومدن صناعية وموانئ ومطارات جديدة مع الاستمرار في تطوير القائمة منها. ونوهت إلى أهمية تعزيز الاقتصاد الجديد باستخدام التطبيقات الحديثة للاتصالات وتقنية المعلومات وتطوير البنية التحتية الرقمية وتحسين دفة الإحصاءات الاقتصادية من خلال إنشاء وتطوير قواعد البيانات والمعلومات وفقاً للمعايير الإحصائية المتفق عليها دولياً، وتعزيز جودتها حيث الشفافية والدورية والانتظام والشمولية في إصدارها وتطبيق السياسات التي من شأنها نقل التقنيات المتقدمة والمهارات الإدارية والفنية المصاحبة للمشاريع الاستثمارية. وتضمنت التوصيات قطاعات البنية التحتية والقانونية والتراخيص والتجارة عبر الحدود ودفع الضرائب واغلاق الأعمال وقانون الشركات والافلاس وقانون سوق المال والنظام القضائى وإنشاء جهة لتسجيل المعلومات الائتمانية لخدمة أهداف الرقابة والإشراف المصرفي والسياسة النقدية وعدم الاكتفاء بالمكاتب الخاصة لتسجيل المعلومات الائتمانية مع تعزيز سبل إتاحتها بالوسائل الإلكترونية. كما شملت التوصيات ، تحسين مستوى المعلومات الائتمانية كماً وكيفاً وإنشاء وتطوير مكاتب تسجيل المعلومات الائتمانية سواء الحكومية أو الخاصة عبر توسيع قاعدة مقدمي البيانات من مقدمي التسهيلات التجارية وتجار التجزئة والمرافق العامة وتطوير نظام للتسجيل الإلكتروني، مقابل توفير الخطوط المفتوحة للحصول على تقارير دورية تتضمن معلومات إيجابية وسلبية أكثر دقة وشمولاً، والأهم إتاحة الفرصة للتدقيق الدوري عليها سواء من قبل المقرضين أو المقترضين وذلك باعتماد آلية تسمح لهم بتصحيح الأخطاء الواردة بهذه التقارير إن وجدت. وشددت «ضمان» على ضرورة تعزيز سبل الإفصاح عن المعلومات المالية وتدقيقها وسرعة نشرها بمجرد تجميعها باستغلال الوسائل الإلكترونية بهدف حماية المستثمرين في الشركات وخصوصاً صغار المستثمرين، مشيرة إلى وجوب الإفصاح عن كل من ملكيات العائلة أو الأسرة، والملكية غير المباشرة، وملكية المستفيدين، ونصوص إتفاقيات التصويت على اتخاذ القرارات المالية، ونتائج تقارير مدققي النتائج المالية الداخليين والخارجيين، وإصدار شهادات بشأن دقتها وصحتها. وأكدت «ضمان» في تقريرها ، ضرورة انتهاج الإصلاحات تدريجياً والبدء بالإصلاحات البسيطة أولاً مثل زيادة درجة الإفصاح عن الملكيات والأداء المالي ثم تسهيل ودعم صغار المستثمرين من أجل الحصول على حقوقهم من خلال القضاء والمحاكم، يشار إلى أن «ضمان» قامت في عام 2010 بإنشاء قاعدة بيانات لبيئة أداء الأعمال في الدول العربية بالاعتماد على البيانات الصادرة من مجموعة البنك الدولي قررت المؤسسة مواصلة التحديث الدوري للبيانات، بل وتخصيص العدد الفصلي الرابع من كل عام من نشرة «ضمان الاستثمار». وتسعى المؤسسة من وراء تلك المبادرة الى تقديم وصفة عملية وقابلة للتطبيق لدول المنطقة لكيفية تحسين بيئة أداء الأعمال ومناخ الاستثمار عبر تحفيز حكومات المنطقة على الإصلاح ومساعدتها على وضع أهداف إصلاحية ضرورية وقابلة للتحقيق خصوصاً.