تحديد الأهداف والقدرة على تحقيق الضبط الذاتي أهم أولويات مهارة تنظيم الوقت
مهارة تنظيم وإدارة الوقت، من المهارات المهمة التي تعين الطالب على تحقيق أهدافه التعليمية والدراسية، ولا سيما في النصف الثاني من العام الدراسي، حيث يفتقد بمرور الأيام القدرة على تعويض الوقت المهدر الذي يقضيه أو يستنزفه في غير الدراسة والمذاكرة والمراجعة، وكثير من الطلاب ينقصهم هذه المهارة، أو أنهم في حاجة دائما إلى من يعينهم على ذلك، سواء في البيت أو المدرسة، ويشكون عادة من ضيق الوقت وصعوبة تنظيمه مما يسبب لهم المزيد من الارتباك والقلق، وكثير منهم لا يدركون أهمية الوقت وكيفية استغلاله بما يعود عليهم بالفائدة، فاستخدام مهارات إدارة الوقت وتنظيمه مفتاح مهم وضروري للإنجاز والنجاح. وبشكل عام غالباً ما نكون بحاجة للمزيد من الوقت لإنجاز عمل ما ولا نعرف كيف نجده، ونتساءل كيف مضى؟، لكن في حقيقة الأمر أن المشكلة ليست في الوقت، وإنما في كيفية استثماره بالشكل الصحيح، فالوقت هو الشيء الوحيد الذي يمتلكه جميع الناس بالتساوي، والبعض يتركه ليهرب من بين أصابعه دون أن يعي إلا بعد فوات الأوان.
خورشيد حرفوش (أبوظبي) - علينا أن نتعلَّم ونعلم أبناءنا، كيف نستفيد من الوقت، وكيف نقوم بإدارته بشكل جيد، إنَّ إهدار الوقت يجعلنا نفشل أمام تحقيق أهدافنا التي تتطلب فترة محدودة لإنجازها، فالنشاط والسعادة مرهونان بمدى قيام كل واحد منّا بدوره في الحياة، لذلك علينا أن نعي كيفية تنظيم الوقت المتاح، وكيفية اكتساب هذه المهارة الضرورية، فالوقت من أندر المعادن، لذا إن لم نحسن إدارته، فلن تتّم إدارة أي شيء آخر، لأنه مورد لا يمكن ادّخاره أو الاحتفاظ به، لذا وجب استخدامه بحكمة وفعالية، ومن ثم تُعرّف مهارة تنظيم الوقت بالنسبة للطالب بأنّها الاستغلال الأمثل للوقت المتاح وتنظيمه بطريقة سلسة ومنظمة من أجل تحقّيق النتائج الدراسية المرجوة في الوقت المحدّد، وعلى الطالب أن يسأل نفسه دائماً: ما أفضل طريقة للاستفادة من وقتي؟، وقيل: «أفضل طريقة للبدء بعمل ما هي البدء به على الفور»
الدكتور فؤاد عطية، أستاذ علم النفس والعلاقات الإنسانية، يقول: «هناك عدة جوانب لها أهمية كبيرة، تتمثل في تشجيع ومساعدة الأهل في صياغة الهدف الذي يحدده الأبناء، شريطة أن تأتي المساعدة على منوال حاجات ورغبات وقدرات وتطلعات الطالب، وهي من الأمور المهمة لتفعيل وتنمية مهارة إدارة الوقت وتنظيمه، فالطالب يعرف أنه كلما انتظم لديه الوقت وأنجز واجباته المدرسية على النحو المطلوب، كلما اقترب من تحقيق هدفه الذي يحلم به، فالدراسات التربوية الحديثة، تؤكد أن الإنسان الذي لديه هدف واضح في حياته تزداد إمكاناته المعنوية بشكل كبير، يستيقظ عقله، وتتحرك دافعيته، وتتولد لديه الأفكار التي من شأنها أن توصله لتحقيق هدفه، فقد أصبح تحديد الهدف في حياة الإنسان أساس نجاحه، فالطالب طيلة مسيرة حياته الدراسية يحتاج إلى مرجعية «هدف» يعود إليه عندما تتقاذفه مجريات الحياة ومتغيراتها، بحيث تمنحه هذه المرجعية قوة الدفع الذاتية التي تحافظ على توازن الطالب و تعطيه الدافعية نحو الإنجاز والاستمرارية لبلوغ الهدف».
شروط النجاح
ويرى الدكتور عطية: «أن تنظيم الوقت يمثل أهم شروط النجاح، ويرى أن هُناك عدّة شروط يجب أن تتوفر ليتمّ النجاح في عملية تنظيم الوقت، وأن يعي الطالب أهمية تنظيم وقت الفراغ من خلال تحديد الأنشطة الهامة وترتيبها، فهناك أنشطة غاية في الأهميّة وبعضها أقلّ أهميّة، ومن ثمة فتنظيم وقتك يساعدك على إعداد قائمة بأولويات أداء الأنشطة، لأن ذلك يحمي النفس من الفراغ والوقوع في الخطأ، ومن ثم يخفّف من وطأة الضيق والتوتر النفسي وقطع الملل الذي يعتري الطالب عادة إذا ما ابتعد عن العمل، وأن يوفّر الوقت للتفكير والإبداع في الأعمال التي يقوم بها، ويزيد من كفاءته في العمل والنشاطات الحياتية، كما يمكّنه من تنمية مواهبه وقدراته الذاتية وتطوير نفسه باستمرار».
أما عن كيفـية تنظيم وقت الفراغ، فيقول الدكتور عطية: «إنَّ الاستغلال أمثل لوقت الفراغ والحصول على نتائج جيّدة تتوقف على التخطيط السليم، فأي عمل لا يتّم التخطيط له بشكل جيِّد لا ينال حظاً من النجاح، لذلك على الطالب أن يحضّر ورقة وقلما ثمّ يحدّد المطلوب إنجازه من أعمال، بعدها يضع خطة لإنجاز كل عمل على حدة، مع إعطاء الأولوية للدروس الأكثر أهمية، أو التي تحتاج مبادرة في الجهد، كما يجب أن يكون واقعياً في وضع خطّته، ولا يجعل من التخطيط في حدّ ذاته مضيعة للوقت، ثم التنظيم الجيّد للوقت، من خلال عدم تأجل بعض المواد، ولا يقلد بغيره، فالجدول الذي يناسبه لا يناسب غيره، وعليه أن يضع في الجدول وقتاً للمراجعة الأسبوعية لكل مادة، وأن يشرع في التنفيذ الفوري وعدم التأجيل، لذلك يجب البدء في كل عمل حسب الوقت المحدّد له في الجدول، كما يجب عليه أن يكون نشطاً، ولا يجعل الكسل يتغلب عليه، وأن يحدد وقتاً لكل جزء يذاكره، وأن يسجّل خطّته اليومية، ويجعلها في متناول يده باستمرار، وأن يدرك أهمية الابتعاد عن كل ما يصرفه عن الالتزام بتنفيذ بنود جدوله».
فاعلية الضبط الذاتي
يؤكد الدكتور عطيه أن من المهم أن ينجز الطالب خلال الساعة المحددة واجباً دراسياً محدداً، وتنطبق إدارة ساعات اليوم الواحد، على إدارة ساعات الأسبوع، فلقد أثبتت طريقة إدارة الوقت بالأرقام فعاليتها في إيصال العديد من الطلاب إلى النجاح والتفوق، وفي النهاية يستطيع الطالب أن يحدد المواد والأجزاء التي عليه أن يراجعها خلال اليوم الواحد، وتحديد الزمن المخصص لكل فرع، ومن خلال جدول بسيط يمكنه أيضاً من ضبط عملية هدر الوقت، وعلى الرغم من صعوبة تطبيق جدول تنظيم الوقت، إلا أن التمرس على استخدامه يؤدي إلى خلق فاعلية الضبط الذاتي للوقت لدى الطالب، وينصح في البداية أن يتم استخدام جدول تنظيم الوقت بشكل تدريجي، حيث يقوم الطالب بتخصيص ثلاثة أيام أسبوعية واعتبارها أيام نموذجية يستخدم فيها جدول تنظيم الوقت، والإعداد الجيد والمدروس للواجبات المدرسية، ومن الأمور المهمة أن يعتمد الطالب في ذلك على نفسه، ودون إملاءات أسرية لا تتفق وقدراته، حتى لا تأتي النتائج مخيبة للآمال، لذلك لا بد أن يتبلور في ذهن الطالب بشكل ذاتي «كيف ينظم وقته؟».