ميناء عدن يمنح اليمن بصيص أمل لنشاط اقتصادي
ليس اليمن البلد الذي يخوض صراعات عنيفة ويحارب تنظيم «القاعدة» ويعاني من فقر مدقع، هو المكان الذي يرد على الخاطر عند الحديث عن فرصة استثمارية جذابة. لكن الهندي رافيندر سينج راح يتغزل في مزايا إقامة المشروعات في اليمن. وقال سينج الذي أنشأ مصنعاً للصلب في ميناء عدن بجنوب اليمن عام 2005 “أنا مندهش من مهارة القوى العاملة في اليمن، عملت في الهند لأكثر من 30 عاما وفي عدة أماكن لكنني لم أقابل قوى عاملة تتمتع بالتزام اليمنيين”.
وقد تبدو هذه إشادة غير متوقعة في بلد تقدر وكالات تابعة للامم المتحدة أن نسبة المتعلمين بين البالغين فيه لا تتعدى 54% وأن 55% فقط من الاطفال يذهبون إلى المدارس. ومع ذلك وصف سينج الذي يغطي إنتاج مصنعه من الصلب وهو مئة ألف طن سنوياً سدس الطلب اليمني العاملين لديه بأنهم أذكياء و”لهم عقول بكر” يمكن تدريبها بسهولة. ويعتقد سينج أن اليمن مستعد الآن لتحقيق طفرة في النمو الصناعي وهي رؤية تختلف مع مناخ اقتصادي كئيب بالنظر إلى تراجع إنتاج النفط اليمني وتناقص إمدادات المياه فيه.
ويعمل سينج في الشركة العربية للحديد والصلب “إسكو” وهي شركة يمنية سعودية ويشرف على توسعات بقيمة 1,6 مليار دولار في مصنع عدن بهدف زيادة الانتاج إلى 1,5 مليون طن سنوياً في غضون عشر سنوات. ويبني المصنع 150 مخزناً ووحدات إسكان للمستثمرين الذين يعتقد سينج أنهم سيتدفقون على المصنع الذي يعمل فيه حالياً 400 يمني وهو عدد يعتزم زيادته. ويقع المصنع بالقرب من الطريق المؤدي إلى محافظة لحج التي تشهد العديد من الاحتجاجات الانفصالية، لكن الامر لا يقلق سينج. كما لا يقلق سينج توجه تنظيم “القاعدة” إلى الشباب اليمنيين فهو يقول “قابلت المئات منهم (الشباب اليمنيين). يريدون العمل ويريدون المشاركة”.
وربما يتحول اليمن إلى قصة نجاح اقتصادي ويوفر المزيد من الوظائف لشبابه البالغ عددهم 23 مليوناً، وهو عدد من المقرر أن يتضاعف في غضون عشرين عاماً. ويجد بعض المستثمرين في ضعف سلطة الحكومة اليمنية ببعض المناطق حائلاً أمام عملهم. ويقول دبلوماسيون إن عقبات أخرى في طريق الاستثمار باليمن تشمل تفشي الفساد والمحسوبية إذ غالباً ما توزع الوظائف الكبيرة على أساس الولاء وليس الكفاءة. وعلى الرغم من ضعف موارد اليمن إلا أن الأموال متوافرة لمشروعات البنية التحتية وغيرها. فقد تعهد مانحون بدفع مبلغ 4,7 مليار دولار عام 2006 لكن معظم هذا المبلغ لم ينفق بعد. وقال دبلوماسي يعمل لدى منظمة دولية في صنعاء “يتأخر العديد من المشروعات لأنك لن تجد ما يكفي من الموارد والكفاءات في الوزارات.. وتضطر في أغلب الاحيان إلى تعيين طاقم عمل أجنبي لإنجاز أي مشروع”.
وعلى الرغم من أن اليمن هو واحد من الدول القليلة في العالم التي لا توجد فيها مطاعم “مكدونالدز” و”بيرجر كينج”، إلا إنه يحاول على الاقل جذب المستثمرين الأجانب إلى منطقة التجارة الحرة في عدن حيث يقع مصنع الصلب الذي يعمل فيه سينج.
وقال عبد الجليل الشعيبي رئيس المنطقة الحرة إن المنطقة تقدم منذ سنوات إعفاءات ضريبية على الأرباح ولا تفرض قيوداً على الملكية وتوفر أراضي رخيصة للمستثمرين الذين التزموا حتى الآن بنحو 800 مليون دولار. وأضاف أن المنطقة تتقدم بسرعة لكن ليس بالسرعة الكافية. وذكر أن المنطقة تأمل في مضاعفة الاستثمارات في غضون خمس سنوات وبمساعدة اليمنيين في الخارج. وقال إن العمالة اليمنية رخيصة وإن الفكرة هي إثارة اهتمام اليمنيين ببلدهم ليطوروه فيحذو آخرون حذوهم.
يوجد في ميناء عدن والذي كان واحدا من أكبر الموانئ في العالم جزء كبير من صناعة النفط والغاز في اليمن لكن الكتل السكنية الكئيبة وشوارع المدينة التي تنتشر فيها الحفر تشهد على سنوات من الاهمال. ولم تطرأ تغييرات كبيرة على مبنى سلطة ميناء عدن بلافتاته المكتوبة باللغة الانجليزية وسلمه الخشبي منذ الحكم البريطاني لليمن والذي انتهى عام 1967 ومهد الطريق بعده لجمهورية يمنية يدعمها ما كان يعرف بالاتحاد السوفييتي. وتقوم شركة موانئ دبي العالمية بأعمال توسعة في ميناء عدن للحاويات على أمل أن تصبح عدن ميناء إقليمياً للسفن التي تبحر من وإلى قناة السويس وذلك على الرغم من خطر القرصنة في خليج عدن. ويعمل في الميناء ما يصل إلى 700 شخص ويسعى لتوظيف المزيد. وقال جون فيوير وهو استشاري لشركة موانئ دبي العالمية في عدن “نعمل مع جامعة محلية لمساعدتنا على تقييم وتقدير أفراد لطاقم العمل”. ويجري اليمن أيضا محادثات مع مستثمرين لتحديث منشأة تكرير البترول العتيقة في عدن لكن خبراء يقولون إن هذا عمل شاق يتطلب مليارات الدولارات. وأشار الشعيبي إلى بدء الأعمال التحضيرية لبناء مستثمرين سعوديين منشأة لتكرير السكر. لكن خططاً أخرى في المنطقة الحرة من المستبعد أن ترى النور من بينها بناء مطار جديد. ويشهد مبنى المطار الموجود حالياً عدداً محدوداً فقط من رحلات الطيران اليومية.
المصدر: عدن