مع انتهاء فصل الصيف ودخول فصل الشتاء يحل «دبس التمر» ضيفا لا يفارق البيوت الإماراتية، نظراً لفائدته الصحية وقيمته الغذائية التي تحتوى على 70% من السكريات منها مختزلة وأخرى غير مختزلة بنسبة ضئيلة كما يحتوى على فيتاميني أ و ب. إلى ذلك، يقول الباحث الشعبي سلطان بن غفان «استخراج الدبس من التمر تعتبر عادة قديمة لا تزال مستمرة إلى يومنا هذا عند الكثير من الإماراتيين، حيث يوضع التمر تحت أشعة الشمس لمدة يومين متتاليين، ويتم تنظيفه من الأتربة أو أي شوائب عالقة بها، ومن بعد ذلك يستخرج «البسر» وهو ثمار النخيل غير الناضجة وتكون خضراء اللون». ويضيف «بعد ذلك يعمل الجميع على تخزين كميات التمر في «اليراب» الذي يستعمل لحفظ التمر، وهو مصنوع من سعف النخيل. ويباع في الأسواق الشعبية، ومن بعده يتم إغلاقه بواسطة «الدفرة»، وهي إبرة الخياطة الكبيرة، ومن ثم ترص كميات اليراب التي تصل إلى حوالي 30-50 فوق بعضها البعض إلى أن يصل إلى ارتفاع السقف، حيث تتراص «اليراب» على شكل صفوف ويسند بعضها البعض في منظومة واحدة». ويوضح بن غفان «توضع كميات التمر التي وضعت في اليراب في المدبسة، التي بنيت من الجص والجندل، و»الجص» هو عبارة عن حجر محروق يستخدم في المباني قديما. أما «الجندل» فيعد أحد أنواع الأخشاب، ومع التطور أصبحت المدبسة تشيد من الطابوق والأسمنت». ويصف بن غفان شكل المدبسة بقوله «المدبسة هي حجرة خالية لا توجد بها فتحات تهوية ويبلغ ارتفاعها 3 أقدام، والمساحة عادة تختلف من مترين إلى 3 أمتار، بحسب كمية التمر الذي يخزن بها، وكمية الدبس التي تخرج منه، وفي هذا المكان يوضع فيه «يراب التمر» من 400-450، وتستغرق هذه العملية من نهاية فصل الصيف إلى بداية فصل الشتاء شهرا كاملا ومن ثم يجمع الدبس من مجراه بوضع «خرس» في الحفرة المخصصة لجمع الدبس من المصبات، حيث يوضع الخرس، ويتم جمع الدبس فيه بواسطة قدح أو كوز ونحتفظ به في أوعية نحاسية تسمى «محبرة»، وعادة ما يغطى بقماش يعمل كمصفاة للشوائب وبعد 3 أو 5 أيام بالتحديد نرى الخرس مملوءا بالدبس». ويوضح «تتركز المدابس في منطقة شعم برأس الخيمة وشمل وفي الجنوب جهة المنيعي وكدرا وخت وأذن». ويقول «تعد نخلة جش حبش أو كما تمسى عند البعض «أم السلا» أفضل أنواع التمور لأنها النخلة الوحيدة التي يستخرج منها الدبس، حيث الجميع يعرف أهميتها، فتترك النخلة دون أن يستهلك منها شيء للحفاظ على رطبها ويستهلك في فترة المقيظ إلى جانب هناك أنواع أخرى من الرطب مثل الأشهل والنغال والبرحي والخنيزي». يتابع «عادة ما كان يستخدم الدبس أيام زمان بوضعه على اللقيمات أو عند إعداد وجبة المحمر مع السمك حيث يكون له نكهة خاصة».