عرض مسرحيتين عن الخيانة والحرية في مهرجان الفجيرة للمونودراما
يواصل مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما في نسخته الخامسة تقديم عروضه المسرحية، حيث قدم مساء أمس الأول عرضين مسرحيين، الأول “الطريقة المثلى للتخلص من البقع” من جمهورية مصر العربية من تأليف رشا عبد المنعم وتمثيل وإخراج ريهام عبد الرازق وإنتاج جماعة تمرد للفنون، وعرض على خشبة مسرح جمعية دبا للفنون والمسرح.
والعرض الثاني “إلى بغداد” من تأليف وإخراج وتمثيل ازل يحيي إدريس وعرض على خشبة مسرح بيت المونودراما بدبا الفجيرة.
ويناقش عرض “الطريقة المثلى للتخلص من البقع” قصة الخيانة الزوجية للرجل، ومن الغريب أن هذا هو العرض الثالث في المهرجان بعد عرضي “العازفة” و”العاشق”، الذي يناقش قضية خيانة الرجل وتدابير التخلص منه، وكأن الخيانة هي الرجل فقط يقوم بها بمفرده من دون أن تكون معه امرأة أخرى خائنة.
وتقرر تلك المرأة البائسة التي تعاني مشكلات نفسية أن تتخلص من البقع والخطايا النفسية كافة التي تلوث حياتها بلملمة كل هذه البقع ووضعها في البانيو الخاص بها مع محلول الصودا الكاوية لتتخلص منها للأبد.
والنص في تركيبته البنائية محدود إذ اقتصر في سردياته على تشنجات وأفعال شبه هستيرية لا تمت لمسرح المونودراما بصلة، وقد حدث هذا في أكثر من موقع في العرض المسرحي.
وقد نجح العرض بامتياز واقتدار في تقديم فكرته الأساسية، وهي البحث عن النقاء والطهارة والتخلص من الذكريات الأليمة كافة في حياتنا، إلى استدراجنا ليس للجلوس على مقاعد المتفرجين وإنما على مقاعد أخرى في معمل كيمياء تتصاعد منه أعمدة البخار، وتتركز عليه بؤر الإضاءة فتجعله أكثر لطفاً ورقة.
وبدأت المخرجة والممثلة ريهام عبد الرازق عرضها بالوقوف بجوار البانيو الخاص بها لتتحدث عن المعادلات الكيميائية والفيزيائية وكيفية تفاعلها للتخلص من البقع.
ثم قامت في أكثر من موضع بأداء رقصات غربية، وتراجع أداء الممثلة إلى ادنى درجاته في العرض الذي لم يتجاوز سوى نصف الساعة تقريبا، وجاء في الأصل ركيكاً.
قام العرض المسرحي على مشاهد قصيرة عدة في فضاء مسرحي متميز من ناحية السينوغرافيا التي ضمت بانيو وكرسيا متحركا وثلاثة قمصان نوم وضعت في صدارة المشهد وستائر بيضاء اللون. ولم يكن العرض المسرحي الذي قدم يستلهم الإرث الثقافي للبيئة المصرية العريقة، خاصة في فن المونودراما، لا سيما وأننا كنا نتشوق إلى أن نرى فناً راقياً يعبر عن روح الثورة المصرية. أما عرض “إلى بغداد” الذي قدمه المؤلف والمخرج العراقي أزل يحيي إدريس على خشبة مسرح بيت المونودراما وقدمت رؤى عوني كرومي ترجمة عربية للنص.
ويقوم العرض على تمازج الألوان واختلاطها وتضافرها لتعطي في نهاية المطاف شكلاً فنياً رائعاً كلوحة فنية سريالية لسلفادور دالي.
وتلك الألوان المنبثقة والمتشعبة من هنا وهناك في فضاء المسرح ما هي إلا محاكاة لواقع البشر متعددي الألوان والمقاصد والغايات، ولم تأت مصادفة، ولم يقدمها المخرج عبثاً بل جاءت لتوظف فكرة وترسي مبدأ، ولعل لعبة الألوان في هذا العرض كان ما ميزه عن غيره.
والنص يتعمق في شخصية أحد العراقيين الباحثين عن الحرية، في بلد أندر ما فيه تلك الحرية، فلجأ إلى جماعة ما لترتيب هروبه من بغداد إلى أجواء الحرية خارجها، وهنا يتعرض لمواقف ويتعرف إلى أطياف البشر الحقيقيين من دون أقنعة.
والعرض نجح في إيصال فكرته الأساسية، كما قدم الممثل شخصية الفرد المضطهد الباحث عن الحرية بمنتهى الدقة والصدق الفني المنضبط مع الإيقاع الشعوري والحسي للممثل.
المصدر: الفجيرة