تلبية لدعوة من سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي شارك صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في ندوة حوارية بديوان عام وزارة الخارجية والتعاون الدولي بأبوظبي تحت عنوان "الأوضاع الراهنة في الشرق الأوسط".

حضر الندوة معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، ومساعدو الوزير وعدد من السفراء ورؤساء البعثات التمثيلية للدولة في الخارج، ومدراء الإدارات ونوابهم، وموظفي ومنتسبي وزرارة الخارجية والتعاون الدولي. و أعرب صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود عن شكره لسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان لدعوته للمشاركة في هذه الندوة و إتاحته الفرصة لمخاطبة هذا الجمع المتميز.

وقال إن "الأوضاع الراهنة في الشرق الأوسط أوضاع غير مستقرة ومقلقة.. وإن حال العرب في هذه المنطقة المتخمة بالصراعات والفتن هو ما يريد أعداؤنا أن نكون عليه ليسهل تحقيق أهداف غير أهدافنا ومصالح غير مصالحنا ورسم مستقبل لنا غير ما نطمح إليه لأنفسنا".

وأكد أن العلاقات الأخوية الراسخة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية نموذج للعلاقات التي ينبغي أن تسود بين الأشقاء، واصفاً إياها بأنها عمدت بالدم في مواجهتهما المشتركة مع قوى الشر والعدوان في اليمن.

ولفت سموه إلى "أن تأسيس هذه العلاقات المتميزة التي تؤتي أكلها حاليا، مرتبط ارتباطاً وثيقاً برؤية قائدين تاريخيين وحكيمين كانا يتطلعان نحو مستقبل مشرق لبلديهما ومنطقتهما وعالمهما العربي والإسلامي وهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، طيب الله ثراهما".

وأضاف سموه: "لقد كان الشيخ زايد بحماسة القائد صاحب الرؤية يطمح إلى بناء دولة ويعمل على تحقيق وحدتها، وكان الملك فيصل - في الوقت نفسه- يدعمه بكل جهوده وقدرته لتحقيق هذا الحلم الخليجي والعربي، ويدفع إلى عقد وحدة أشمل لإمارات الخليج في حينه".

ووصف العلاقة بين البلدين الشقيقين بأنها شراكة استراتيجية لافتا إلى أهمية هذه العلاقات الاستراتيجية ومحوريتها في السياسة الخارجية للبلدين، ورؤيتهما لطبيعة التحديات وكيفية مواجهتها".

وأشار صاحب السمو الملكي تركي الفيصل إلى مجموعة من التحديات الاستراتيجية التي تواجه العالم العربي وأهمها الاستقطاب الحاد للقوى السياسية والاجتماعية الجديدة التي أفرزتها التحولات السياسية الجارية، وظهور النزعات الغريزية المسيسة الدينية والطائفية والمذهبية والإقليمية والقبلية المكتومة في سيكولوجية الشعوب العربية.

وأكد أن الحفاظ على الدولة الوطنية في العالم العربي أمر حيوي لأمن وسلام مجتمعها لافتا إلى أهمية تجنب كثير من السياسات التي كانت متبعة في مجالات التنمية كافة، وإيجاد علاقة سوية بين الدولة والمجتمع لتكون الدولة الحاضن للمجتمع بكل ألوانه وأطيافه وتنوعاته، وملبية لطموحاته وتطلعاته، ومرجعية لهويته الوطنية.

وتطرق إلى التحديات الاستراتيجية التي تواجه العالم العربي وقال إن الموقع الإستراتيجي للدول العربية فرض عليها أن تكون عرضة للتقلبات الاستراتيجية في العالم وعرضة للتنافس بين قواه الكبرى على النفوذ والمصادر الطبيعية لافتا إلى أن هذه الأهمية تجلت في حرص القوى الكبرى المهيمنة على أمن واستقرار المنطقة والاستثمار فيها.

وأشار سموه إلى أن الإرهاب يبقى خطرا ماثلا وتحديا استراتيجيا للدول العربية لاسيما وأنه يرتدى عباءة ديننا الحنيف الذي اختطفه.

وأكد أنه بدون مواجهة الإرهاب مواجهة حقيقية على الأصعدة كافة ومعالجة أسبابه فإن الدول العربية لن تنعم بالاستقرار.. لافتاً إلى أن هذا الإرهاب ليس إرهاب داعش أو القاعدة وتفرعاتهما فحسب بل هو إرهاب كل القوى والمليشيات المتطرفة الطائفية في سورية واليمن وغيرهما من الدول.

ونوه سموه إلى أن الإرهاب العابر للحدود يشكل تهديداً وجودياً لمفهوم الدولة الوطنية في منطقتنا وأن من الواجب على الجميع الإسهام في دحره وهزيمته وإيجاد الظروف المناسبة لمعالجة مسبباته مشيدا بدور دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في مواجهة هذا الخطر.

وأشار إلى أن الصراع العربي الإسرائيلي يبقى تحدياً حقيقياً للمستقبل العربي والذي كان ولا يزال، سبباً في تعثر كثير من المشاريع العربية خلال الأعوام السبعين الماضية ومشاريع دولية أخرى قدمت حول مستقبل المنطقة، مؤكداً أنه من دون حل هذا الصراع حلا عادلا يستجيب لمطالب الشرعية الدولية فلن تستقر هذه المنطقة، وستبقى عرضة لكل الاحتمالات السيئة.

وأعرب صاحب السمو الملكي تركي الفيصل عن ثقته بقدرة القيادة الحكيمة لدولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية على الحفاظ على استقرار دولنا وأمنها الوطني بالرغم مما واجهته من تحديات وتهديدات خطيرة خارجية وداخلية وما أدارته من أزمات.

وأكد سموه أن "الضمانة الأكيدة للحفاظ على أمننا واستقرارنا تكمن في المحافظة على وحدة نسيجنا الاجتماعي وتلاحم قياداتنا وشعوبنا والاستجابة الدائمة لتطلعات المواطنين وتحقيق طموحاتهم، والمساواة بينهم، وضمان حقوقهم وحرياتهم المشروعة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وإصلاح أي خلل في سياساتنا الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والثقافية والأمنية، وتعزيز هوياتنا الوطنية وترسيخ قيمها".