«رسم حديث» يتشبث بالحياة ويدعو إلى الأمل
فكرة الأمل وما ينبثق منها ويترتب عليها من مفردات التفاؤل والانطلاق والتشبث بالحياة، في مواجهة اليأس والإحباط والانهزام، هذه هي مفردات العرض المسرحي «رسم حديث» الذي قدمته فرقة مسرح أبوظبي، في اليوم الخامس من أيام مهرجان دبي لمسرح الشباب.
المسرحية من تأليف محسن النصار وإعداد الفنان عمر غباش (المشرف العام على العرض)، وقام بإخراجها مرتضى جمعة في تجربة إخراجية هي الأولى له، ولعب فيها الممثل حسن يوسف دور الكاتب، بينما قام الممثل عبد الله سعيد بدور الفنان الرسام.
قبل الولوج للعرض، نستعرض بعض ما جاء في مطوية «بروشور» المسرحية، فنقرأ ما كتب المؤلف «إنه ليسعدني أن يقوم أخي العزيز عمر غباش بإعداد نصي، وقد كتبتها بأسلوب جديد يعتمد الحداثة والتجريب». أما غباش فيقول متسائلا: «كيف يمكن للأمل أن ينتشر بين الناس عندما لا يكون هناك من يؤمن به، إن الأمل صعب المنال، إلا أنه ليس بمستحيل.. إنني أجزم بأنه من المستحيل أن يعيش الإنسان بلا أمل.. فهو صيرورة هذا الكون ومحوره الرئيسي الذي لولاه لكان العدم واللاجدوى واللامستقبل واللاحياة. فهل نسمح لليأس أن يسيطر علينا وعلى مستقبلنا؟ تلك هي المسألة». أما المخرج فيرى «أن المسرح مرآة تعكس تاريخ الإنسانية، ولكل أمة مسرحها الذي يمثل ما ينتابها من تغيرات في نواحي الحياة المختلفة».
يبدأ العرض في غرفة تتخذ شكل زنزانة، ثلاثة جدران، في الأول نافذة زرقاء في أعلاه، الثاني يضم كابينة حمام (تواليت) وبابا بشباك صغير، والثالث حبل غسيل وملابس ولوحة جدارية، تفتح الستارة على كاتب بين مجموعة من الأوراق ينهض فجأة ويتجه إلى الحمام ويجلس على الكابينة لكنه يعاني صعوبة، ثم يقضي حاجته ويعود لأوراقه. (هذا المشهد أثار ضحك الجمهور، ولا ندري لماذا)، ولماذا هذه الواقعية في بداية المسرحية، حيث ستتجه بعد ذلك نحو المسرح الذهني؟
يدخل شخص بشعر منكوش نعرف أنه الفنان، ويقف أمام لوحته، ثم يبدأ حوار رتيب بينه وبين الكاتب حول الفن وحول اللوحة، فهو يعتقد أنه يرسم بأسلوب ينتمي إلى التكعيبية، بينما يرى صديقه الكاتب أن لوحته تنتمي إلى الفن الوحشي، وفيما الفنان يمر في حال أزمة ويتأفف ويشكو، يحاول صديقه إقناعه بأهمية عمله، وأن لوحاته قد تصبح مشهورة جداً «الأخطاء النحوية تصبح مشهورة»، يقول الكاتب. وعلى إضاءة خافتة يبدأ الصديقان الشرب، ويغني الفنان بصوت جميل «أعطني الناي وغنِّ».
الحوارات القصيرة المملة والباردة، والحركة الرتيبة وغياب تغيير الإضاءة والغياب غير المفهوم للمؤثرات الصوتية، جعل الدقائق تمر ثقيلة، ودارت معظم الحوارات حول الفن ودوره، ومرت عبارات معلوكة مثل «الفن وتطهير النفس»، و»أثر الفن في الحياة»، وغير ذلك. ينتقل بعدها الحوار إلى الأمل واليأس، تفاؤل الكاتب وتشاؤم الفنان، هذا يتحدث عن الرعب والعدم واللاجدوى والمستقبل، وذاك يحاول زرع الأمل والتفاؤل عبر جملة طويلة غير مبررة. ثم يتطرق الحديث عرضا في جملة أو جملتين على لسان الفنان إلى ما يحدث في العالم من قتل وتدمير وخراب.
ذلك كله وسط غياب تام للمؤثرات الصوتية والإضاءة، أو تحريك أي شيء من مكانه، وأداء باهت وضعيف للممثلين اللذين حصرا حركتهما بين جدار اللوحة والجدار المقابل، حيث «طاقة الأمل» كما يسميها الأستاذ الكاتب، داعياً صديقه للتفاؤل بضوء القمر، والتفاعل معه. ووسط الحوارات ينفتح الباب ويدخل شخصان بأقنعة وملابس سوداء ويقتادان الفنان، وهنا تتصاعد موسيقى صاخبة، وتتناثر أوراق الكاتب، ويتجه نحو حبل الغسيل ليرفع الملابس عنه، فتظهر لوحة للفنان بين السجانين؟ فما الذي حدث؟ ما هو المكان والزمان وما سبب وجود هذين الشخصين هنا؟ أسئلة لم نجد إجابة لها في العرض.
المصدر: دبي