تنوعت أشكال “الحصالات” وألوانها بهدف تشجيع الأطفال ليضعوا فيها قسما من مصروفهم كنوع من الادخار، حيث تلعب الحصالة دورا كبيرا، إذا ما أحسن الأهل استخدامها، في تعويد الأطفال على الادخار وتعليمهم كيفية تقدير المال. تراجع استخدام الحصالة في الوقت الحاضر بفعل التغيرات التي طرأت على المجتمع العربي، وتراجع الإقبال على الادخار وبات من النادر أن يجلب الوالدان حصالة لابنهما ليزرعا به ثقافة الادخار، ويعوداه عليه كسلوك تربوي بل على العكس أصبحت طلبات الطفل مجابه، وذلك لإشباع حاجته الاستهلاكية نفسيا، بل ويتعدى ذلك أن تقوم الأسرة بشراء سلع لا حاجة لها بها، وقد يكون هذا التصرف كتقليد لعائلة صديق، أو من منطق التباهي والتفاخر وعدم الحرمان. تبقي “حصالة النقود” من أهم الوسائل التي تساعد على التوفير، إلى ذلك، يقول عبدالرحمن علي (رب أسرة) “تنمي هذه العلبة الصغيرة بحجمها عادة الادخار لدى الطفل؛ فباستطاعة الطفل أن يسترشد بها في أموره المستقبلية. كما إنها وسيلة مساعدة لتوجيه ودعم الوالدين لأطفالهما في إطار تعليمهم التوفير من المصروف اليومي أو من المبالغ التي تمنح للأبناء من آبائهم بشكل أسبوعي، حيث يمكن للوالدين متابعة العملية خطوة بخطوة حتى يستوعب الطفل الهدف والغاية من وجود الحصالة في غرفته”. وعن تجربة أبنائه، يقول “عودت أبنائي منذ الصغر على التوفير، وبدأنا بحصالة وانتهينا اليوم بالتوفير في البنك ليصل حسابهم إلى مبلغ يمكن أن يفيدهم في حياتهم المستقبلية”. وتقول المعلمة فايزة قمبر إن “أبناء اليوم لا يقدرون قيمة المال، ولكني كمربية أجيال، دوري لا يقتصر على التدريس، حيث أسعي إلى توضيح قيمة المال وأهميته لأبنائي في المقام الأول، ثم لطلابي الصغار في مرحلة الروضة الثانية بالمدرسة”. وتضيف “كأم أعطي أولادي المال كلما طلبوه، ولكني أقدمه لهم على حسب الضرورة، وعلى قدر الحاجة، كما أقوم بتحديد مصروف شهري لهم، يتحملون مسؤولية وكيفية صرفه، في أوجه معروفة ومهمة، ولا يحصلون على أي مبلغ آخر إلا بعد انتهاء مدة المصروف الأول، وطلبت من كل واحد منهم أن يضع بعضا من المصروف في حصالة ونفتحها بعد 3 أشهر لنعرف من الفائز بتجميع أكبر مبلغ، والفائز يحصل على جائزة قيمة مكافأة له”، لافتة إلى أن هذه التجربة أثمرت بالنجاح، حيث عززت أهمية الادخار لديهم. قيمة المال تقول ميساء غانم (موظفة إدارية) “اعتاد الكثير منا نحن الآباء على توفير ما يحتاجه الطفل دون أن نشعره بقيمة المال وكيف يأتي”. وتضيف “عودنا أطفالنا أن نعطيهم المال حين يغضب وحين يطلب ألعاباً في لمح البصر تكون بقربه، لكن فكرة الحصالة بعيدة عن أذهاننا”. وتعلق “نحن الأهل لم نتعود على الادخار ولا نعرف هذه الثقافة ونجهل طريقتها فكيف لنا أن نعزز قيمة المال عن الطفل”. وتتابع غانم “في السابق لم أعود أبنائي على الادخار أو فتح حساب بالبنك. لكن بعد اطلاعي على أهميته في محاضرة حضرتها حول “ثقافة الادخار”، وجدت إنه من الأولى أن أطبق ذلك على نفسي ومن بعد ذلك أبنائي ومنذ ذلك الوقت ونحن نحاول قدر المستطاع تطبيق ذلك، فأنا لدى حساب توفير بجانب الحساب الجاري وأبنائي الصغار اشتريت لهم حصالات بأشكال وألوان جذابة تحفزهم على الادخار”. ويظهر أن فكرة توفير المال ووضعة في الحصالة عند الطفل تتولد جراء مشاهداته اليومية ومن استماعه للحديث الذي يدور بين أفراد العائلة، إلى ذلك، تقول الأخصائية التربوية سلمى محمد “من الطبيعي أن سلوك الوالدين قدوة للطفل، وتعليمهم أن الحصول على المال يأتي نتيجة تعب وسعي الأب يوميا لطلب الرزق، وعودته مرهقا من العمل يعزز لدى الطفل مبدأ المحافظة على قيمة النقود وذلك بالممارسة الفعلية للاقتطاع مما في حوزته. ومن الضروري تدريب أولياء الأمور أطفالهم بالإنفاق باعتدال وفي نفس الوقت بيان عادات الإسراف السيئة”. مصروف ثابت عن العمر الذي يبدأ به الوالدان تدريب أطفالهم على الادخار، تبين محمد أنه “يبدأ منذ الصغر ويتدرج بصورة أوسع مع تقدم الطفل بالعمر فأفضل طريقة لتعليم الطفل الادخار وإدارة المال هو تخصيص مصروف ثابت للطفل، بعد دخول الطفل للمدرسة وغالبا ما يكون ذلك بين سن 7 و 8 سنوات، ويزداد مصروفه كلما زادت احتياجاته”. وتؤكد محمد أنه على الأهل توفير حصالة خاصة لكل طفل يختارها بنفسه، حيث يشتري الشكل المناسب الذي يدفعه للتوفير ووضع نقوده بها. وتضيف “الأطفال يتنافسون مع إخوتهم فيمن يفوز في نهاية الشهر ومن سيجني الكثير من المال. وهذا يساعد بالتأكيد أن يحفز الطفل إلى الطريقة السليمة لتنظيم مصروفه ووضع الخطوط العريضة لطريقة الصرف، بحيث تقسم المصروف جزاء للادخار وجزاء للمشتريات. ومن الضروري أيضا إتاحة الفرص للطفل للتعلم من أخطائه وتحمل النتائج إذا نفذ مصروفه الأسبوعي، والحرص على عدم تأنيب الطفل في هذه المرحلة على ما فعله بمصروفه”. وتتابع “في هذه المرحلة من الطفولة المبكرة ممكن تشجيع الطفل على الادخار بتوفير حصالة من النوع الشفاف، بحيث يرى الطفل من خلالها ما تم تجميعه”. وتنصح محمد بأن يبدأ الطفل بحصالتين واحدة للمصروف وأخرى للمشتريات، بمعنى يوم لحصالة المصروف واليوم الثاني لحصالة المشتريات. والهدف من هذا تعليمه مفهوم الادخار من خلال حصالة المصروف، ومفهوم الاستهلاك من خلال حصالة المشتريات ويتم الاسترشاد، بذلك عند موعد فتح الحصالات، حيث تستطيع تحديد وقياس أسلوب الطفل في التعامل مع المال. نصائح وإرشادات تقدم الأخصائية التربوية سلمى محمد عددا من النصائح لمساعدة الوالدين على تشجيع أطفالهما على استخدام الحصالة، من بينها: ? شرح فكرة الحصالة والهدف منها للأطفال والتأكيد بأنها وسيلة لوضع المال في مكان آمن حتى يحين وقت صرفه عند الحاجة. ? يتعلم الطفل من فكرة الحصالة الصبر على تحقيق الأهداف التي يرغب فيها مثل شراء لعبة أو غيرها من احتياجاته. ? وفر لأطفالك خيارات لأشكال الحصالات فمنها ما يأتي على شكل سيارة أو حيوانات أو دمى وغيرها من الأشكال والألوان والأحجام المتوفرة في المحلات التجارية واحرص أن تكون مزودة بقفل حتى لا يستطيع فتحها في كل وقت. ? يقوم الوالدان بوضع جائزة مالية بسيطة تمنح في نهاية كل شهر أو نهاية الفصل الدراسي أو نهاية العام للحصالة الأكثر من حيث عدد النقود المدخرة، وهذا يشجع الطفل على المثابرة والمنافسة للادخار بهدف الاحتفاظ بمبلغ الجائزة في حصالته. ويحبذ لو يشترك الوالدان في هذه العملية من خلال وضع حصالة تخصهم ويتم ادخار المبالغ الزائدة أمام الأطفال ليقتدوا بهم. ? تحديد أيام محددة لفتح الحصالة فمثلاً أن يقوم الأطفال بفتح الحصالة نهاية كل شهر أو نهاية كل فصل دراسي أو نهاية العام، وطبعا كلما طالت المدة كلما كانت النتيجة أفضل وتعلق الطفل بمفهوم الادخار أكثر وأكثر، والأفضل أن تكون شهرية للمبتدئين حتى يزيد الحماس والالتزام بالخطة. ? امنح طفلك فرصة أن يصنع حصالته بنفسه من ورق أو كرتون أو صندوق ويتم تغليفها ويحبذا مشاركة الوالدين في التلوين ومراحل تصميم الحصالة التي قد تكون بداية تحفيزية للطفل ليتعلم ويحقق أهدافه.