بتاريخ 26 يناير الماضي تلقى مكتبي مكالمة هاتفية من أحد موظفي إدارة الجنسية في مطار ''دالاس'' الدولي يخبرني فيها أن زميلي ''رشاد بخاري'' منع من دخول الولايات المتحدة، مضيفاً أن ذلك لا يعني منعه من التقدم بطلبات أخرى للحصول على التأشيرة والدخول إلى التراب الأميركي في المرات القادمة، لأنه حسب قول الموظف لا توجد أي مشكلة قانونية، أو تهمة محددة موجهة إلى الشخص الممنوع من الدخول· والحقيقة أن ''رشاد'' عندما وصل إلى مطار ''دالاس'' الدولي كان جواز سفره الباكستاني قانونياً ويحمل تأشيرة الدخول التي أصدرتها له السفارة الأميركية في إسلام آباد قبل سنتين، وما زالت ممتدة الصلاحية· واللافت أن ''رشاد'' البالغ 36 سنة، والذي عمل مع منظمتين أميركيتين قبل أن ينضم إلينا في خدمة ''كومون جراوند'' في عام ،2007 سبق أن دخل الولايات المتحدة بدون مشاكل، وكانت محاولته الأخيرة لزيارة أميركا تندرج في إطار عمله في خدمة الأخبار ومقالات الرأي التي تسعى فيما تسعى إليه إلى مد الجسور بين العالم الإسلامي والغرب· وببساطة كان بإمكان مسؤولي الهجرة في مطار ''دالاس'' التحقق من كل المعلومات المتعلقة برشاد لو سمحوا له بإجراء مكالمة هاتفية لا غير، أو تجشموا هم عناء البحث والتقصي، لكنهم فضلوا احتجازه لخمس عشرة ساعة، وصادروا منه مؤقتاً هاتفه النقال وكمبيوتره المحمول، ثم في النهايـــة وضعـــوه في الطائرة ليعود أدراجه إلى وطنه دون التمكن من استكمال المهمة التي جاء من أجلها· ولتفسير قرار منع الدخول أعد موظفو الجوازات تقريراً يقول إن سبب المنع من الدخول على رغم قانونية التأشيرة يرجع إلى ''أن الشخص المعني كان ينوي الهجرة الدائمة'' (دون أن أفهم شخصياً المقصود بهذه العبارة)· غير أن رشاد أخبرنا لاحقاً أن الموظف المسؤول في إدارة الهجرة بالمطار قال له، وهو ما لم يظهر في التقرير، إنه إذا سحب طلبه برؤية المدير وتخلى عن حقه في الامتناع عن المغادرة، سيُسمح له بدخول الولايات المتحدة في المرة القادمة إذا حصل على تأشيرة جديدة، وإلا سيحظر عليه الدخول لخمس سنوات متتابعة، وفي كلتا الحالتين رد رشاد بأنه سيغادر المطار وسيعود إلى بلاده· وعندما تكلمنا مع رشاد في قت لاحق أطلعنــــا على تجربتـــه· والواقع أنني سمعت، منذ هجمات 11 سبتمبر ،2001 الكثير من القصص المشابهة، لكن المثير للانتباه فعلا هو أنه خلال مناقشاتي مع العديد من الأشخاص المعنيين كان هناك إجماع على أن ما بدر من إدارة الهجرة في المطار يصعب تغييره لأن هناك قوانين تحكم سلوكهم ولديهم شكوك لا يمكن تجاوزها، كما أنني لا أعتقد صراحة أن ما حدث لرشاد المسلم كان سيحصل مع رجل إنجليزي أبيض· وأعرف أيضاً من خلال زياراتي العديدة لبعض الدول الإسلامية، التصور السائد هناك من أن الولايات المتحدة لم تعد ذلك البلد المضياف الذي يستقبل جموع المهاجرين بغض النظر عن ديانتهم، ومن نافلة القول الإشارة إلى الضرر البالغ الذي تلحقه مثل هذه التصرفات بسمعة أميركا في العالم في وقت تسعى فيه إلى حشد التأييد ضد التطرف والإرهاب، وتسعى فيه الإدارة الحالية إلى مراجعة أهدافها في مجال السياسة الخارجية· وفي حديث لاحق مع رشاد قال لي: ''إن أصدقائي في الولايات المتحدة وباكستان يشعرون بالانزعاج لما حدث لي، وشخصياً أفضل الذهاب إلى مكان أشعر أني مرحب بي، وأرجو أن تدرك الأبعاد المتشعبة لما حدث· فعلى الصعيد الشخصي مثلا يشكل هذا المنع وصمة في سجل سفري ويثير الشكوك حول علاقاتي الدولية· ولئن كنت أفهم الحاجة إلى حماية البلاد وما تبذله الأجهزة الأمنية من جهد في هذا الإطار وهو ما أتفق معه أنا أيضاً، إلا أنه من غير الضروري المبالغة في التشدد الأمني بسبب شكوك ومخاوف بعيدة لن تقودنا إلى أي مكان''· وقد أنهى رشاد حديثه بالقول إنه يتمنى أن يصبح ما حصل له ''دافعاً للتغيير الإيجابي''، فهل ستتحقق هذه الأمنية ويتغير التعامل مع المسلمين في المطارات الأميركية؟ جون ماركس رئيس ومؤسس خدمة كومون جراوند الإخبارية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست