دبي (وام)

شهد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، جلسة رئيسية، لدولة الرئيس سعد الحريري رئيس وزراء الجمهورية اللبنانية، عقدت في مستهل أيام القمة العالمية للحكومات في دورتها السابعة، وأجاب فيها الحريري عن تساؤلات محورية انطلاقاً من واقع أن لبنان الدولة الأكثر تأثراً بين دول المنطقة بكل مجريات الأحداث في المنطقة العربية، والتي هي أيضاً بحكم تكوينها الشعبي الفريد، وبنيتها التاريخية والسياسية، تؤثر على خريطة الإقليم وتحولاته.
كما حضر الجلسة إلى جانب سموه، الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز، وسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، وسمو الشيخ عمار بن حميد النعيمي، ولي عهد عجمان، وسمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، ومعالي الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وسمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للطيران الرئيس الأعلى لمجموعة طيران الإمارات، وسمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح، ومعالي محمد بن عبد الله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل.
إلى أين يذهب لبنان خلال العام الجاري، بعد مخاض تشكيل الحكومة، التي احتاجت إلى تسعة أشهر، إلى حين تشكيلها رسمياً، في ظل تحديات كبيرة تتنزل على هذا البلد، وتحديداً على الصعيد الاقتصادي، وأمام تهديدات داخلية وخارجية تتواصل ولا تتوقف؟.. كان واحداً من أسئلة عدة أجاب عنها دولة الرئيس سعد الحريري خلال الجلسة التي أدارها الإعلامي المصري عماد الدين أديب.
ووجه الرئيس الحريري شكره لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، مؤكداً أن طموحه أن يصبح لبنان مثل دبي التي باتت نموذجاً عالمياً، مستذكراً بعض ما كتبه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، في كتابه حول لبنان، والذي كان أيضاً يعد نموذجاً يتطلع إليه العرب ذات زمن.
وقال: إن لبنان لا يملك ترف الوقت لإضاعته في الصراعات السياسية، خصوصاً، أن الاقتصاد اللبناني معرض للانهيار، وأن الحكومة اللبنانية لا بد أن تجري عملية جراحية من أجل استئصال الفساد من جهة، ومن أجل إصلاح القوانين التي مضى على بعضها أكثر من خمسين عاماً دون أي تعديلات، وأنها باتت بحاجة إلى تغييرات من أجل حض المستثمرين على العودة إلى لبنان في ظل بيئة آمنة قانونياً وسياسياً.
وأضاف الحريري أن ما حققه لبنان خلال هذه الفترة، يتعلق بتشكيل الحكومة وفقاً لبرنامج واضح ومحدد، حول الإصلاحات التي سيتم القيام بها، وهي إصلاحات توافقت عليها الحكومة اللبنانية، بكل تياراتها السياسية والحزبية، من أجل تشجيع الاستثمارات، مشيراً إلى أن تأخر تشكيل الحكومة عائد إلى جملة عوامل، لكن قبل ذلك تأخرت الانتخابات لعقد كامل في لبنان.
وأشار إلى التحديات التي تضغط على لبنان، والتي من أبرزها ملف الفساد، إضافة إلى المشاكل التي تواجهها بعض القطاعات، مثل الكهرباء، والبنية القانونية التي تؤدي إلى مشاكل في القوانين، وتأثير هذه القوانين السلبي على تحفيز الاستثمار، إضافة إلى المديونية، وضرورة خفض الدين العام في لبنان، مؤكداً أن هذه الملفات، مهمة جدا للشعب اللبناني، وينتظر حلاً بشأنها.
وأكد رئيس الوزراء اللبناني رداً على سؤال بشأن الضمانات التي تجعل كل وزراء حكومته يعملون معا لتنفيذ هذا البرنامج، أن هذا البرنامج الذي وضعته الحكومة كان بالتوافق مع كل الوزراء، رغم ما يمثله بعضهم من اتجاهات سياسية في لبنان، مستبعداً أن تتم عرقلة هذا البرنامج، خصوصاً أن الحكومة والنواب، وكل اللبنانيين يدركون اليوم، أنه قد آن الأوان للتغيير الإيجابي، من أجل إنقاذ لبنان.
وقال إن لبنان يعاني تراكمات واختلالات، على مستويات مختلفة، فمثلاً قطاع الكهرباء، يعاني إشكاليات كثيرة، مشيراً إلى أنه إذا أردنا فتح باب الاستثمارات، فلا بد من إجراء تغييرات قانونية تسمح بهذا الأمر، حيث لا توجد قوانين للشراكات، والكل يعرف أن المستثمر يريد بيئة مستقرة سياسياً، وآمنة قانونيا، مثلما أن المستثمر يريد أن يربح من استثماراته، وأن يكون لها مردود.
ولفت الحريري إلى جملة ظروف تركت أثراً كبيراً على لبنان، منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وانقسام لبنان بعد ذلك، وحالة خلط الأوراق، والتدخلات الإقليمية، وظروف الربيع العربي، وما يجري في سوريا، وتدخل قوى لبنانية فيما يجري في سوريا، لكن كل هذا يجب ألا يترك أثراً على لبنان، على الصعيد الداخلي. ولا يعقل أن يتوقف لبنان عن تطوير حياته، ومحاولة الخروج من هذه الظروف، بكل الطرق الممكنة، خصوصاً أن الشباب في لبنان، يعانون من ظروف صعبة على صعيد البطالة، ويتطلعون إلى مستقبل مختلف، والكل يدرك أن في لبنان كفاءات مهمة جداً، وهي كفاءات نراها في كل مكان في هذا العالم، وقادرة على تطوير لبنان.
وقال: إن لبنان تبنى سياسية النأي بالنفس، من أجل مصلحة لبنان، مؤكداً أنه كرئيس وزراء لبنان، يؤمن أن دوره هو خدمة كل اللبنانيين، وليس خدمة دين أو طائفة أو مذهب، وذلك من أجل نهضة لبنان، ومواجهة التحديات الكبيرة التي لا يمكن جدولتها اليوم.
ورداً على سؤال حول اللاجئين والنازحين في لبنان، وتأثير ذلك على الوضع هناك، أشار الحريري إلى أن اللاجئين سوف يعودون نهاية المطاف إلى بلادهم، وأن المشكلة الأساسية، تتعلق باللبنانيين أنفسهم، وليس بوجود السوريين أو الفلسطينيين، مستذكراً موجة الإعمار في لبنان، نهاية التسعينيات، والتي شارك فيها بفعالية مئات آلاف العمال السوريين، آنذاك، معتبراً أن إجراء الإصلاحات في لبنان سيكون خلال عامين، وأن بدء استقطاب الاستثمارات، سيؤدي إلى إيجاد بيئة إيجابية، قد تتم الاستفادة منها بوجود العمالة بين اللاجئين، حتى يأتي توقيت العودة إلى بلادهم، مؤكداً أنه لا يجوز تحميل الآخرين مشاكل لبنان، وأنه يتوجب تشخيص المشاكل بطريقة صحيحة.
وقال الحريري: إن الفرصة القائمة حالياً في لبنان، مهمة جداً، ويتوجب التنبه لها من أجل مصلحة لبنان، مؤكداً أنه واثق كل الثقة، برغبة كل اللبنانيين، الاستفادة من هذه الفرصة، للبدء في الإصلاحات وتغيير الحياة في لبنان، عبر تتبع ما يريده الشباب في لبنان، على مستوى الإصلاحات والتكنولوجيا والمعرفة والتطوير والتحديث، سعيا لأن يكون لبنان النموذج الأفضل، مجدداً حديثه عن الكفاءات اللبنانية التي هاجرت أو تعيش في دول كثيرة، وكان لديها أثر عظيم في هذه الدول، من حيث الكفاءة والمساهمة في بناء تلك الدول، وهذا أمر يعرفه الكثيرون في العالم.
ودعا دولة سعد الحريري الشباب حول العالم للعمل المشترك من أجل تحقيق مستقبل اقتصادي أفضل في المنطقة والعالم، وأكد أن مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية في لبنان مهمة، متطرقاً إلى تجارب إيجابية لسيدات تولين مواقع مختلفة، معبراً عن ثقته الكبيرة بشخص وزيرة الداخلية في لبنان، التي تم تعيينها مؤخراً في الحكومة اللبنانية، وكونها تؤمن بأهمية الإصلاحات، مؤكداً أن المرأة تعد جزءاً من الناتج القومي للدول وأن عدم مشاركتها تؤدي إلى خسائر كبيرة.