طيور الحبارى الآسيوية تعود للانطلاق في الإمارات
منذ إنشائه في عام 1989 والمركز الوطني لبحوث الطيور، الذي يعمل من خلال الصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى، قد أخذ على عاتقه مهمة تشجيع الصيد المستدام لضمان مستقبل رياضة الصيد بالصقور، ومستقبل طائر الحبارى الآسيوي. ووضع المركز إستراتيجية عالمية للمحافظة على الحبارى بهدف المساعدة على تحقيق الاستخدام المستدام للحبارى والموارد الطبيعية.
وقد قامت الإمارات بعدة عمليات لإطلاق الحبارى في براري الدولة منذ عام 2004، وبدأت بخمس طيور من الحبارى الآسيوية، ثم تزايدت الأعداد سنويا، وقد بلغ العدد 201 طائر حبارى عام 2009، ومن المتوقع أن يكون مجموع الطيور التي تم إطلاقها حتى فبراير الجاري 800 طائر حبارى، في 31 موقع من إمارة أبوظبي وإمارة دبي.
في براري المغرب
قصة مبادرات الإمارات للحفاظ على هذا الطائر بدأت ولن تنتهي، وقد شهد عام 2007 نجاح تكاثر الدفعة الأولى من طيور الحبارى في براري المغرب، وتم رصد تعشيش 12 أنثى حبارى في ربيع 2008، مقارنة بثلاث إناث عام 2007، ويعد مركز الإمارات لتنمية الحياة الفطرية بالمملكة المغربية أكبر محمية عالمية للحفاظ على الحبارى. وذلك ضمن برنامج الإكثار الذي أرسى دعائمه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في عام 1977، وقد بدأ يؤتي ثماره الآن حيث كان- رحمة الله عليه، قد وجه قبل أكثر من ثلاثين عاما بإكثار طائر الحبارى الآسيوي في الأسر بحديقة حيوان العين، حتى قبل أن يصبح مهددا بالانقراض ونجحت تلك الجهود في عام 1982م في «تفقيس» أول فرخ بالأسر في دولة الإمارات. كما تم إطلاق أكثر من 5000 طائر حبارى شمال إفريقيا، من إنتاج مركز الإمارات لتنمية الحياة الفطرية، وذلك ضمن نطاق انتشارها الطبيعي في المملكة المغربية.
الحبارى في الأسر
إن عمليات الإكثار والاطلاق تأتي في إطار الجهود الاستراتيجية التي تبذلها دولة الإمارات لزيادة وتعزيز أعداد الحبارى في الطبيعة، من خلال البرنامج المتكامل الذي وضعته الدولة، والذي يشارك مركز الإمارات لتنمية الحياة الفطرية في تنفيذه منذ عدة سنوات، بهدف إكثار الحبارى في الأسر لزيادة مخزونها أو رصيدها المتجدد، للإسهام في برامج إعادة التوطين، من خلال إطلاقها في محميات طبيعية لزيادة أعداد طيور المجموعات البرية.
يعد إطلاق الحبارى في البرية بالإمارات جزءًا مهما من استراتيجية أبوظبي، والتي استندت إلى الرؤية الثاقبة والمبادرات الرائدة التي أطلقها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وركزت على تحديد وتقييم البيئات المناسبة للحبارى، ورصد أعدادها على طول نطاق انتشارها الطبيعي في آسيا، ومراقبة وتقييم تأثير الصيد، وتطوير وتنفيذ برامج للإكثار في الأسر لتوفير الطيور اللازمة لزيادة أعداد طيور الحبارى البرية، وإعادة الإطلاق في البيئات الأخرى المناسبة.
يشكل مركز الإمارات لتنمية الحياة الفطرية مثلا متميزا للجهود الاستراتيجية التي تبذلها دولة الإمارات، لدمج الأسس الثلاثة للتنمية المستدامة والمتمثلة في حماية البيئة، والتنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية، ويعد واحدا من أنجح البرامج العالمية للحفاظ على طائر الحبارى، ويستخدم من خلاله أحدث الابتكارات العلمية لتربيته وإكثاره، وتهيئته للتأقلم مع البيئة الخارجية وإطلاقه بعد ذلك إلى الحياة البرية، فيما يتابع المركز تحركات هذه الطيور بعد إطلاق سراحها بدقة وعن كثب لدراسة سلوكها في بيئاتها الطبيعية.
إعادة التوطين
أيضا ضمن ذات الإطار الخاص بالحفاظ على أعداد طيور الحبارى الآسيوية في البرية، يعمل المركز الوطني لبحوث الطيور على إعادة توطين أعداد من طيور الحبارى، في البيئة الصحراوية في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أن دولة الإمارات تعتبر تاريخيا محطة ضمن خارطة المواقع التي تتكاثر فيها طيور الحبارى الآسيوية. ويضم مركز الإمارات لتنمية الحياة الفطرية عدة محطات للإكثار، تحتوي المحطة الأولى على ثلاثة آلاف قفص وتتسع لأكثر من ألفي طائر، وهي مجهزة لمرحلة ما قبل إطلاق الطيور في البرية، وتضم مبنى حديثا للحضانة والتفقيس ويتم تفريخ حوالي 5 آلاف طائر سنويا. أما المحطة الثانية والتي أنشئت عام 2005 فستكون قادرة على تفريخ 10 آلاف طائر في العام بحلول سنة 2014. كما يضم المركز إضافة إلى ذلك محطتين ميدانيتين دائمتين مجهزتين بمنشآت لعمليات ما قبل الإطلاق وعمليات الإطلاق في البرية.
السعي للصدارة
يتميز فريق عمل مركز الإمارات لتنمية الحياة الفطرية بمستوى رفيع من الخبرة، حيث استطاع زيادة عدد الطيور المتكاثرة من 429 طائرا سنة 2000، إلى 3866 طائرا سنة 2006، ويمتلك المركز اليوم بنك بيانات وقاعدة معلومات تشكل مرجعا بالنسبة للباحثين من مختلف أنحاء العالم، ويمثل نموذجا حيا للعلاقة التي تربط التراث بالطبيعة، كما يعكس دور دولة الإمارات في رعاية المبادرات الهادفة للمحافظة على الحياة البرية.
وبعد إنشاء الصندوق الدولي لحماية الحبارى هناك اتجاه لوضع استراتيجية عالمية شاملة تهدف إلى إنتاج أكثر من 50 ألف طائر حبارى، موزعة على نطاق دول الانتشار من شمال أفريقيا إلى أواسط آسيا، ويبدو جليا من خلال هذه الاستراتيجية أن دولة الامارات تسعى للصدارة في مجال الحفاظ على هذا الطائر بعد أن كان يخشى عليه من الانقراض.
المصدر: دبي