حدائق منزلية تنبض بالحياة والفرح وتحقق الراحة والاسترخاء
كثير من الحدائق المنزلية تتسم بروح الابتكار والغرابة والجمال في تصاميمها، حيث تشدنا الكثير من المفردات التي وزعت فيها بطريقة هندسية وفنية لترسم ملامح وتفاصيل الحديقة الخاصة التي تغني النفس بالاحاسيس المرهفة وتطلق الاحساس بالراحة والاسترخاء، بما تضمه من موحيات جمالية وإيقاع طبيعي، حيث المكان ينبض بالحياة والبهجة والفرح وانت تسير بين أطرافه، بالرغم من مساحته المحدودة، فإنه يحوي الكثير من الأفكار والصور الجمالية التي تنطلق معها النفس إلى أجواء حميمة ساحرة ودافئة. حدث هذا كله ونحن نتأمل لوحة مرسومة بدقة في حديقة منزل جميلة آل رضا التي توقفنا عندها لتكشف لنا عن محطات وتفاصيل هذه البقعة الخضراء.
تقول جميلة آل رضا: إن الترويح عن النفس أمر ضروري لتفريغ الشحنات السلبية التي عادة ما تتولد من ضغوط الحياة، ومن طبيعة المساكن المغلقة التي تترسب فيها هذه الشحنات مما ينعكس ويؤثر سلباً على نفسية الانسان. فنجد انفسنا مرتبطين جدا بالحديقة، وخصوصا في هذه الأوقات من السنة، فالأجواء منعشة وجميلة، والشمس دافئة فمن الجميل أن يسعى المرء إلى الاشراف على حديقته ومعاينة النبات والاشجار بأنواعها، فهناك لغة واحساس تربطنا بهذه النباتات التي تتأثر بتأثرنا، لذا تواجدنا يومي بين أحضان هذه الحديقة خلال الجلسة التي صممت لتصمد وتتحمل اصعب ظروف البيئة المحلية.
زهور مضيافة
ما إن خطينا عتبة المدخل الرئيسي للحديقة حتى استنشقنا حفاوة اللقاء والاستقبال التي غمرتنا به عبق النباتات المزهرة التي وقفت في محاذاة البوابة، فيأخذنا الممر الرئيسي الذي يفصل الحديقة إلى جزئين هذا الممر الذي لم يكن ممر عادي، وإنما يحوي على فتحات يتخلله مجرى مائي ويضم مجموعة من الاحجار الصغيرة إلى جانب بعض الاضاءات التي زرعت في الماء، فانعكاس الاضاءة النهارية او الليلية على المكان يوحي بالسير على نهر جاري، إحساس مثير وأنت تتخطى الممر حجراً حجر. تقول: عادة ما يتم تصميم اي حديقة خاصة يجب ان يدرك المرء مساحة الارض المخصصة للزراعة، فنجد هنا ان المساحة الامامية للحديقة صغيرة بعض الشيء فلابد ان تصمم بطريقة مختلفة بحيث تحمل تفاصيل تجميلية وتزيينية، ونحاول بقدر الامكان ان تكون ثرية ببعض اكسسورات الحدائق، ويفضل أن لايحتوي هذا الجزء من الحديقة عل نباتات شاهقة الارتفاع حتى لا تحجب جمال المنزل وتؤثر على طبيعة وهندسة البناء، وايضا ان لا يلفت انتباه الزائر نحو الحديقة دون البيت، مع العلم ان الغرض من الحديقة الامامية للمنزل هو ابراز جمال ورونق المنزل واخفاء عيوبه إن وجدت، ونجد ان هذا القسم يشغل مساحة صغيرة من مساحة الحديقة الاجمالي المزرعة على جوانب المنزل وفي الخلف وشاملا بذلك الادراج والممرات التي تنشأ بين المدخل وسور الحديقة وباب الفيلا، وفي هذا التصميم جانب من التفاصيل الغنية نوعا ما بالرغم من حجم المكان، ولكن الافكار المتنوعة والمتناغمة والمتجانسة بين أجزائه تمنحه اتساعاً فائقا.
ممر «مفخخ» بالفتنة
لفتنا الممر الأمامي الذي يربط الباب الخارجي بمثيله الداخلي، فسألنا عنه صاحبة الدار التي أجابت: هذا الممر اردنا ان لايقتصر على كونه طريقاً عادياً يسلكه المرء، وإنما ان يكون محفوفاً بفكرة ومنظر مثير وجذاب يمنح قدرا من الانتباه وشيئاً من الحذر للسائرين عليه، إلى جانب المتعة التي يمكن ان تخالج المرء لحظة عبوره، إضافة إلى إيقاعه الجمالي، حيث تعمدنا ان يضم عدداً من الاضاءات ووالاحجار الملونة التى تغطي قاعه المائي الذي تعلوه مظلة خشبية، تتخللها فتحات، فتنمح المكان إيقاعاً دافئاً.. هذا الممر الجميل يفصل الحديقة الامامية إلى قسمين وينتهي إلى نافورة تتكون من ثلاثة مستويات مختلفة من الفخار العملاق، حيث يتدفق الماء من فوهتها وينساب على جدار هذه الفازات. فينشر في الأرجاء الكثير من الجاذبية والثراء الممزوج بالفخامة، إلى جانب الايقاع الجميل لخرير الماء المتدفق الذي تكتمل به الصورة الحية. فلا يمكن الاستغناء عن رمز الحياة والطهارة والنقاء والذي حرصت على تواجده بصور وافكار مختلفة في ثنايا حديقتي.
بساطة آسرة
آل رضا تتابع قائلة: تنقسم الحديقة الامامية إلى جزئين تم شغل الجزء الأول بجلسة من أعواد الخشب الابيض يعلوها غطاء من خشب البامبو المعالج ضد الرطوبة ومياه الامطار، فكثيراً ما نركن هنا بهدوء في احضان هذه الجلسة التي اردتها ان تكون بيضاء تمنح أحساساً بالسعة والنقاء والراحة، والتزاوج الجميل بين مفردات ديكورات الحديقة، ويجب عند تنسيق القسم الامامي ان نحرص على تميزه بالبساطة من أجل ان يعطي انطباعا جديا للزائر، فالابتعاد عن زراعة الاشجار والنباتات بكثافة عالية في هذا الجزء، والاكتفاء بزراعة الشجيرات والنباتات المزهرة التي تنشر عبقها في المكان، والنباتات ذات الافرع المتهدلة إلى جانب المتسلقات. كل ذلك يؤدي الغاية المرجوة، ويمكن أن توزع الاصيص على جانب المدخل، لجهة اثراء المنظر بحيويتها ومنحه الأثر الذي يعيد للنفس هدوءها.
وتضيف، وفي الجزء الثاني من الحديقة الامامية نجد البساط الأخضر قد اخذ مساحة جيدة من المكان نظرا لكوني خصصتها كمحطة للعب الاطفال، ليبقوا تحت ملاحظة الابوين اللذين يشاركونهم الاستمتاع بوقتهم في الحديقة. مع ملاحظة ان السور الامامي مكسو تماما برداء اخضر، من خلال زرع نباتات الاسيجة التي يمكن تشكيلها وقصها بحيث تكون مزروعة على طول السور، حتى نكسر صمت الاسوار الحجرية، فينبض المكان بالحياة، ويمكننا أيضاً ان نزرع بعض النباتات المزهرة المتسلقة كالجهنمية وغيرها، لتمنح هذه الاسيجة قدرا من الجاذبية من خلال مجموعة مختلفة من الزهور بالوان متناغمة وساحرة.
لوحات فنية
في ما يتعلق بالأطراف الأخرى من الحديقة يسعنا أن نجد فيها عدداً من المشايات المختلفة التي تأخذنا إلى الأجزاء الجانبية من المنزل، والتي صممت لتكون جزءا او محطة تربطنا بالحديقة الخلفية.
وهناك أيضاً عدد من المشايات التي اتخذت شكل الخطوات على مساحة من المسطح الاخضر، وهذا النمط من المشايات عادة ما يستخدم في الحدائق الصغيرة لتمنح قدرا من الجمال، إلى جانب سهولة استخدامها والسير عليها في الاجواء الماطرة، حيث تأخذنا هذه لخطوات من المشايات إلى جزء جميل ورائع من نخليات “الرويال بالم” التي اصطفت في خط مواز مع الجدار في علو شاهق،
حوض السباحة
في أحواض بديعة صممت بطريقة هندسية رائعة، نجد احواض الماء المليئة بالاحجار والاضاءة التي ترسم خطوطاً متوهجة بتفاصيل فنية بديعة. ياخذنا هذا الجزء إلى الحديقة الخلفية التي تمنح العائلة قدرا من الخصوصية وتعتبر محطة لاداء النشاطات الاجتماعية حيث نجد حوض السباحة قد أخذ حيزا جيدا من المكان، إلى جانب جلسة خصصت لتناول بعض الوجبات الخفيفة تحت ظلال هذه الأجواء المنعشة، ونجد أن النباتات تمركزت في خط مواز للجدار من خلال مجموعة من نخليات السيكيا والياسمين الهندي، الذي تضوع رائحته بين ثنايا المكان.
الأسوار الواقية
نظرا لكون الحديقة الخلفية جزءاً خاصا لاصحاب المنزل فلابد أن تحجب جيدا عن أعين الجيران من خلال بناء سور مرتفع، أو بزراعة الاشجار الشاهقة أو عمل بعض الاسيجة من النباتات، أو وضع بعض الأسلاك المعدنية أو أعواد البامبو، بحيث يمكن أن تربى عليها المتسلقات. كما تفيد الاشجار والسواتر العالية في كسر حدة الرياح اثناء هبوبها. أيضاً يجب عدم إنشاء ممرات او طرق لتقسم المسطح الخلفي وذلك حتى نعطي إيحاء باتساع الحديقة الخلفية.
المصدر: دبي