تفوقت الصين في العام الماضي على أميركا كأكبر سوق للسيارات في العالم بمبيعاتها التي بلغت نحو 13,6 مليون سيارة. وتقوم شركات صناعة السيارات الصينية بتصدير منتجاتها إلى الدول النامية حيث بدأت الآن في فتح طرق لها في السوق الأوروبية. ومن المتوقع أن يطلق مصنع باهوفيستا في بلغاريا باكورة إنتاجه من السيارات الصينية في الصيف المقبل. ولو تساءل البعض عن أسباب هجرة الصناعة الصينية لمثل هذه المناطق النائية، فهي بالإضافة إلى المساعدة في توفير الوظائف، تهدف الصين أيضاً إلى إيجاد موطئ قدم لها في بعض دول سوق الاتحاد الأوروبي الأقل تكلفة نسبياً، وفي أكبر سوق موحدة في العالم. وستقوم شركة “جريت وول موتور” أكبر شركات صناعة السيارات العائلية والرياضية في الصين، بإنشاء هذا المصنع الذي سيوفر نحو 1,220 وظيفة لينتج 50,000 سيارة في السنة التي لم يفصح عن موديلاتها بعد. وبالرغم من وجود الشركات الأميركية والأوروبية في الصين، إلا أن المحللين يقولون إنها تحتاج لبعض الوقت حتى تدرك مدى قوة منافسة الشركات الصينية لها في مواطنها. ويذكر البعض أن الشركات الصينية لا تزال بعيدة كل البعد عن منافسة الموديلات المعروفة في الأسواق الغربية مما يجعلها لا تشكل تهديداً حقيقياً لشركات السيارات هناك خلال الخمس سنوات القادمة. وحاولت شركات قليلة تصدير سيارات صينية إلى دول الاتحاد الأوروبي وذلك دون أن تحرز نجاحاً يذكر. ويقول ديفيد سيدويك المحرر في جريدة “أوتوموتيف نيوز” الصينية متحدثاً عن مصنع باهوفيستا “يتم جلب كل قطع السيارة تقريباً ولا يقوم المصنع سوى بعملية التجميع. وربما تتراوح تكلفة مصنع كهذا بين 500 إلى مليار دولار. وتعني سوق دول الاتحاد الأوروبي المشتركة أن كل ما يُنتج داخل الاتحاد يمكن بيعه بسهولة فيما بين هذه الدول. وأن هذه السيارات الرخيصة ستجد سوقاً رائجة في البلقان لكن ليس في الدول الغنية”. وبالرغم من الاستثمارات الصينية الكبيرة في مجال السيارات، إلا أنها كانت لموديلات أوروبية. وقامت “جيلي” في مارس الماضي بشراء “فولفو” مقابل 1.8 مليار دولار، وكذلك “لاند روفر” في 2005 من قبل شركة “نانجينج” التي اندمجت فيما بعد مع “شنجهاي أوتو” في 2007 للبدء في الإنتاج العام المقبل. ورفعت الصين من معدل استثماراتها في شرق أوروبا حيث قامت مؤخراً بشراء بعض الشركات الصناعية وتقديم القروض الميسرة للحكومات والدخول في مناقصات عقود الشراء العامة خاصة تلك المتعلقة بالبنية التحتية ومشاريع الطاقة. وتتضمن الاستثمارات الصينية في بلغاريا بجانب صناعة السيارات، صناعة الزجاج ومزارع الطاقة الشمسية والتلفزيونات ومكيفات الهواء. ولم تكن شركة “جريت وول” تبحث عن الاستثمار في بلغاريا، إلا أن شركة “ليتيكس” هي التي حثتها على ذلك بغرض صناعة السيارات الصينية الرخيصة في بلغاريا لتكون في متناول الفقراء من أفراد الشعب ولسوق شرق أوروبا أيضاً. ويذكر أن السيدان الصينية الجديدة لا تتعدى تكلفتها 5,000 دولار. ويضيف ديفيد “دائما ما تكون البداية من القاعدة للانطلاق نحو القمة وهذا ما فعلته شركات صناعة السيارات اليابانية قبل خمسين عاماً، وما قامت به أيضاً “هيونداي” في ثمانينات القرن الماضي وذات الشئ الذي تفعله الشركات الصينية الآن”. وعلى “جريت وول” تخطي عدد من الحواجز في بلغاريا. ويتوقع الخبراء ألا تتجاوز مبيعات الشركة بين 1,000 إلى 1,500 سيارة في العام في بلد بلغت مبيعاته 57,927 سيارة في 2008، ونحو 26,813 في 2009. وربما تشكل عمليات الصيانة وعدم توفر قطع الغيار عقبة في طريق انتشار السيارات الصينية، وكذلك الموروثات الشعبية حيث يفضل البلقان السيارات الألمانية أولاً تليها اليابانية والفرنسية والايطالية ثم الكورية. وعلى الموديلات الصينية الصعود في هذه البنية الهرمية متجاوزة كل هذه الموديلات الأخرى حتى تحل في المقدمة. ويقول دانكو توزينيف المدير العام لأحد معارض سيارات رينو “الشعب البلقاني، شعب انطباعي ويقوم بشراء السيارات من هذا المنطلق فنجد أن الفرد يفضل شراء سيارة مرسيدس عمرها عشر سنوات بدلاً عن شراء سيارة صينية جديدة”. نقلاً عن: «إنترناشونال هيرالد تريبيون» ترجمة: حسونة الطيب