أزهار البياتي (الشارقة)

مع مساء كل يوم، خلال هذا الأسبوع، يرتدي كورنيش الشارقة على ضفاف بحيرة خالد حُلة ساطعة من الأنوار والضياء، متألقاً بنسخته التاسعة من مهرجانه الاستثنائي للأضواء، مستقطباً جموعاً من الأفراد والعائلات التي تأتي من كل حدب وصوب لتستمتع بأجوائه الممتعة، حيث تزدان أهم معالم المكان بقلائد ضوئية ملونة وصور ومشاهد تعكس ملامح أصيلة من التراث، مع شواهد حضارية وثقافية من منجزات الإمارات.
من خلال هذا الحدث العالمي المدهش على مستوى المنطقة، الذي يأتي تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وبتنظيم هيئة الإنماء التجاري والسياحي بالشارقة، يعود مهرجان الأضواء ليسلط الضوء على عدد من المعالم الحضارية والصروح العلمية والعمرانية التي تتألق بها شارقة الإمارات، مع بعض من ضواحيها ومناطقها الوسطى والشرقية، مستعرضة وعلى مدى 11 أمسية وليلة عروضاً شائقة لنخبة من كبار الفنانين العالميين، من هؤلاء الذين ابتكروا مجموعة مختارة من الاستعراضات الفنية واللوحات الضوئية التي جمعت مختلف روافد الإبداع، مستثمرين وفق هذا الإطار أحدث تقنيات الإضاءة العالمية في هذا المجال.

صبغة عالمية
ويشير إلى هذا الأمر خالد جاسم المدفع، رئيس هيئة الإنماء التجاري والسياحي، قائلاً: «نحتفي في عامنا التاسع بثيمة مميّزة تحمل قيمة ومعنى، حيث يشّكل كل من عنصري الثقافة والعائلة سمة مشتركة لأهم وأبرز توجه ونهج يعكس استراتيجية الشارقة وأولوياتها في الاستثمار في الإنسان المثقف والمجتهد والباني للحضارات والقادر على صنع النجاح، وهذا المهرجان الذي يحمل صبغة عالمية يجعل من الشارقة مدينة براقة ساحرة عبر تشكيلة استثنائية من العروض الإبداعية لأهم الفنانين العالميين، منفذة بأحدث التقنيات المبتكرة في عالم الإضاءة، مثل تقنية التصميم والتخطيط بالليزر مع الموسيقى وشاشات إضاءة ليد (LED)، وغيرها من مجالات التكنولوجيا العصرية، بحيث تغطي حوالي 17 رقعة وموقعاً متميّزاً، من التي تشتهر بها الشارقة وتعد شواهد عمرانية وإسلامية وثقافية غاية في التفرد والجمال».

واحة النخيل
ولعل المتابع للمواقع التي يحتفي بها مهرجان الشارقة للأضواء، سيلاحظ بلا شك أنه وعلى امتداد كامل كورنيش بحيرة خالد والذي يعد نبضاً حياً للمدينة، توزعت أهم شواهد المهرجان، مغلفة بأطيافها أجمل الأماكن والمعالم المطلة على الواجهات المائية، فتبرز من بينها على سبيل المثال منطقة واحة النخيل، متألقة بغابتها البديعة والكثيفة من الأشجار، لتحمل سعفات حوالي 330 نخلة منها سلاسل من نقاط ضياء الـ LED، راسمة للزوار مشهداً جمالياً مهيباً، ناثرة على كامل الأجواء هالات وضاءة من النور.
وتعبّر عن إعجابها بغابة الضياء هذه، ربة الأسرة أم عمر (46 عاماً)، فتقول: «وسط هذا المناخ المنعش، وفي هذه الرقعة الخضراء الخلابة لواحة النخيل، أضاف مهرجان الأضواء مزيداً من العناصر الجمالية على طبيعة المكان، حيث حولّه إلى وجهة مثالية للعائلات، يستمتع بها الصغار والكبار على حد سواء، مفترشين عشبها الأخضر الجميل، ومظللين بهالات ضوئية ساحرة تنبعث من رؤوس النخيل، وكأنها تأخذ الحضور معها في رحلة مثيرة لعالم الخيال الغموض».

بهجة الألوان
أما واجهة المجاز المائية على ضفاف كورنيش البحيرة، فقد احتضنت عرضين مميّزين، تحّلقت حولهما يومياً جموع من الأسر والأفراد، مستمتعين بمشاهد خلاقّة تمتزج عبرها أشعة الليزر مع بهجة الألوان والموسيقى فوق أمواج المياه، من خلال عرض «أضواء سماوية» المبتكر، والذي يرتحل بالمتابعين له من الجماهير في جولة مرئية مثيرة بين ثقافات الشعوب، ويصف هذه التجربة الممتعة علي عبدالله (طالب جامعي)، موضحاً أنه حدث مؤثر، يتمتع بالروعة منقطعة النظير، وترفيه عائلي بامتياز، فقد جئت مع أفراد عائلتي وحظينا بتجربة مدهشة لأبعد الحدود، ولقد تأثرت بعرض «الكرنفال المائي»، الذي امتدت لوحاته الاستعراضية على لأكثر من 200 متر، بين مسرح المجاز وواجهاته المائية على البحيرة، تختلط عبرها المؤثرات الضوئية بالصوتية والحركية، متدفقة على مساحات المكان كشلالات من الضياء، بحيث تمنح المشاهد متعة من نوع خاص، وكأنه يعيش فصول حكاية خيالية ملهمة مستمدة من عالم الأساطير».

ألعاب نارية
وتعكس سارة سالم (طالبة)، شيئاً من انطباعاتها عن فعاليات مهرجان الشارقة للأضواء 2019، معبّرة عن متعتها وزميلاتها بحضور عروض الألعاب النارية على منطقة كورنيش البحيرة وخلف مسجد النور، حيث غلّفت قباب وجدران هذا الصرح الإسلامي المهيب، بثوب ملون ومزخرف بنقاط الضياء، مرسوماً وفق منظور بصري إبداعي مبهر غاية في الجمال، وكأنه لوحة فنية مطرزة بملامح الأصالة والثقافة والتراث، مجسداً ما تمثله إمارة الشارقة كعاصمة عربية وإسلامية حضارية.