أعطى مجلس النواب الروسي “الدوما” موافقته المبدئية على معاهدة خفض الأسلحة الاستراتيجية “ستارت -2” مع الولايات المتحدة أمس، وأيد التصديق على المعاهدة في مرحلة القراءة الأولى من بين 3 عمليات تصويت لازمة، وذلك بأغلبية 350 صوتاً مقابل 58 من مجموع أعضائه البالغ 450 مقعداً. وجاء التصويت في الدقائق الأخيرة في آخر جلسة يعقدها البرلمان الروسي قبل عطلة طويلة، بعد ساعات من إشادة الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف بنظيره الأميركي باراك أوباما لوفائه بوعده بكسب معركة صعبة والحصول على تصديق الكونجرس الأميركي على المعاهدة في وقت متأخر الأربعاء الماضي. في حين اعتبر الرئيسان خلال مكالمة هاتفية الليلة قبل الماضية، أن المعاهدة الجديدة لنزع الأسلحة النووية “تاريخية” للعلاقات بين البلدين، حسبما أفاد البيت الأبيض. وأكد “الدوما” أنه سيقدم تعديلاته الخاصة على النص في يناير المقبل، رداً على شروط وضعها الشيوخ والتي اعتبرت من الجانب الروسي مناقضة للنص الأصلي للمعاهدة. وسيعود النواب إلى مناقشة المعاهدة في يناير المقبل، على أن يمر التصديق على عليها، بتصويتين آخرين في “الدوما” قبل إحالتها للمجلس الأعلى للبرلمان ليقرها قبل أن يوقعها الرئيس ميدفيديف. ويتمثل أهم الإضافات التي وضعها الشيوخ الأميركي على النص الأصلي، بعدم الربط بين ستارت الجديدة ومشروع الدفاع الصاروخي والذي ورد في قرار للمجلس مع وثيقة المصادقة، وذلك ضمن المساومات بين البيت الأبيض والمعارضة الجمهورية المتحفظة على المعاهدة. واجتازت المعاهدة التي وقعها أوباما وميدفيديف ببراغ في 8 أبريل الماضي، أول عقبة في البرلمان الروسي الذي يسيطر عليه حزب “روسيا المتحد” الموالي للكرملين. وحذر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في وقت سابق أثناء النقاش الذي امتد لساعات قبل التصويت المشرعين، من أن التقاعس عن التصديق على المعاهدة سيقوض ميزان القوى بين الدول النووية وسيجعل روسيا في عزلة عن المجتمع الدولي. وقال إن المعاهدة “ستنقل العلاقات الروسية ـ الأميركية إلى مستوى كيفي جديد وتقيم توازناً في المصالح وتلقى ترحيباً من المجتمع العالمي”. وأضاف أن رفض المعاهدة “سيوجه ضربة خطيرة لسمعة روسيا”. كما أكد لافروف ووزير الدفاع الروسي أناتولي سيرديوكوف للبرلمان الروسي الذي تعتبر موافقته على أهداف السياسة الخارجية للكرملين مضمونة عادة أن المعاهدة لن تقوض الأمن الروسي. وبعيد المصادقة الأولية على المعاهدة، رحب لافروف الذي كان حذراً من مغبة اقتراح التعديلات على نص المعاهدة نفسه، قائلاً إنه قرار “سليم”. وأضاف “لا مجلس الشيوخ الأميركي ولا مجلس النواب الروسي عرضا المعاهدة للخطر”. وكان لافروف أعلن في وقت سابق أثناء عرضه النص على مجلس النواب أن روسيا “ليست موافقة إطلاقاً” على تفسير الشيوخ الأميركي في مصادقته على معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية التي تنص على عدم وجود علاقة ملزمة مع مشروع الدفاع المضاد للصواريخ. لكنه دعا النواب الروس. غير أن وكالة الأنباء الروسية الرسمية “إنترفاكس” نقلت عنه القول إن المعاهدة نفسها لم تتغير. كما أكد أن نص القرار غير ملزم. وهذا يعني أن الولايات المتحدة أوفت بكل المتطلبات. وانتقد لافروف نص القرار الأميركي بسبب الصياغة التي دعت لاستمرار برنامج دفاع صاروخي أميركي في أوروبا لطالما أثار شكوكاً في صدر روسيا. وقال “إن الإعلان الروسي الذي سيتضمن رداً على القرار الأميركي من دون المساس بنص المعاهدة بالذات، سيضع النواب صياغته في قراءة ثانية”. وفيما طالب مسؤولون بارزون في الكرملين في وقت سابق أمس، البرلمان بالموافقة سريعاً على “ستارت” الجديدة، مؤكدين عدم وجود تحفظات لديهم عليها، أعلن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في النواب الروسي كونستانتين كوساتشيف أن نص المصادقة في قراءة ثانية سيعرض على “الدوما” منتصف يناير المقبل. ولم يدل الرئيس ميدفيديف بأي تعليق على الإضافات الأميركية أثناء مقابلة مع التلفزيونات الروسية أمس، مكتفياً بالترحيب بأن نظيره الأميركي “نجح في فرض وثيقة مهمة للغاية على مجلس الشيوخ في ظروف صعبة”. وفي محادثتهما الهاتفية، تعهد أوباما وميدفيديف الليلة قبل الماضية، بمواصلة تعاونهما الوثيق. وقال البيت الأبيض في بيان، إن الرئيس ميدفيديف هنأ نظيره الأميركي بمصادقة الشيوخ الأربعاء الماضي على اتفاقية ستارت الجديدة. وقال البيت الأبيض “اتفق الزعيمان على أن هذا حدث تاريخي لكلتا الدولتين وللعلاقات الأميركية الروسية”. كما تعهد الزعيمان أيضا بـ”مواصلة شراكتهما الوثيقة” في 2011. وأضاف البيت الأبيض أن الزعيمين أشادا “بعامٍ مثمر جداً من العمل معاً”. وإلى جانب “ستارت-2”، أشار البيت الأبيض إلى أفغانستان وقرغيزستان وإيران والعقوبات على إيران والاتفاق 123 بشأن تبادل التكنولوجيا والمواد النووية كأمثلة للتعاون بين أميركا وروسيا.