جاء الاكتئاب في المرتبة الأولى بين أكثر الأمراض النفسية انتشاراً في الدولة بنسبة بلغت 14%، يليه القلق بنسبة 7% وهي أقل من النسب العالمية التي قد تصل إلى 15%، كما يعاني 1,5% من اضطرابات المزاج والأمراض الذهنية، وفقاً لمتحدثين في مؤتمر الإمارات الأول للصحة النفسية، واستناداً إلى دراستين حديثتين عن الأمراض النفسية في الإمارات. وقالت الدكتورة منى الكواري مديرة إدارة الرعاية الصحية الأولية بوزارة الصحة في تصريح خاص لـ”الاتحاد” على هامش مؤتمر الإمارات الأول للصحة النفسية الذي اختتم فعالياته مساء أمس إنه تقرر دمج خدمات الصحة النفسية في 8 مراكز للرعاية الصحية الأولية، ضمن خطة العام المقبل، وتوفير الأدوية اللازمة لعلاج الأمراض النفسية. وأشارت الكواري إلى أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد طباعة دليل الصحة النفسية، لافتة إلى أن الاستراتيجية الجديدة للصحة النفسية خلال السنوات الثلاث المقبلة ترتكز على تدريب أطباء وممرضي الرعاية الصحية الأولية والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين، ولم تستبعد القيام في المستقبل بمسح كامل لمختلف الأمراض النفسية في الدولة. وكان معالي الدكتور حنيف حسن وزير الصحة، افتتح صباح أول من أمس السبت في دبي، تحت شعار “الصحة النفسية: رؤيتنا العام 2020”، بمشاركة 200 من الأطباء والأخصائيين النفسيين وأعضاء هيئة التمريض المعنيين. وأكد الأطباء خلال جلسات اليوم الثاني للمؤتمر أمس أن نسبة كبيرة من الاضطرابات النفسية يمكن معالجتها عن طريق الطبيب العام الموجود في مراكز الرعاية الصحية الأولية، مرجعين ذلك إلى أن الطبيب العام يكون قريبا من المريض، إضافة إلى خوف المرضى من الذهاب إلى الطبيب النفسي. ونصح الأطباء المشاركون الأشخاص المصابين بمرض نفسي والأصدقاء القريبين منهم بالسعي للعلاج مبكراً، لافتين إلى أنه توجد علاقة بين عدم العلاج وتحول المرض إلى مرض مزمن. وقال الدكتور طلعت مطر استشاري الأمراض النفسية بمستشفى عبيدالله ومستشفى سيف بن غباش بإمارة رأس الخيمة إنه على الرغم من كون الأمراض الذهنية هي تخصص الطبيب النفسي إلا أن لطبيب الرعاية الصحية الأولية دوراً في اكتشاف معالجة المصابين بالأمراض العقلية. وأشار إلى أن 60% من المصابين بالأمراض الذهنية “العقلية” غير ملتزمين بالعلاج، مؤكداً أهمية متابعة المريض بعد أن يخضع للعلاج النفسي، وأن يعلم الطبيب المريض وأسرهم أهمية الالتزام بالدواء. وتطرق مطر إلى ضرورة معالجة الأعراض الجانبية للأدوية مثل السمنة وزيادة الكولسترول، مشيراً إلى أن 20% من المرضى النفسيين مصابين بأمراض ذهنية. من جانبه، قال الدكتور رعد الخياط استشاري ورئيس قسم الطب النفسي بمستشفى الأمل بدبي التابعة لوزارة الصحة إنه يجب على الطبيب المعالج بالرعاية الصحية الأولية ألا يكتفي بعلاج الحالات الجسمية البحتة وإنما التعامل مع المريض كانسان يتضمن نواحي نفسية وعاطفية واجتماعية. ونبه الخياط إلى أن كثيراً من الحالات النفسية تظهر بشكل شكوى جسمية بما في ذلك حالات الصداع وآلام الظهر والمفاصل بدون وجود مرض عضوي يفسر هذه الأعراض، لافتاً إلى أن 50% من الأعراض الجسمية سببها نفسي رغم أن المريض لا يشكو في الأساس من مرض نفسي. ونصح الخياط أطباء الرعاية الصحية بالبحث عن السبب النفسي الذي يقف وراء الشكوى الجسمية، وذلك بعد إجراء كل الفحوصات والتحاليل العضوية. وتناول المؤتمر مدى انتشار الأمراض النفسية بين مترددي المراكز الصحية وعلاقة الوضع النفسي والاجتماعي بالأمراض النفسية وزيادة الوعي لدى مقدمي الخدمة بالأمراض النفسية ودور الأسرة في رعاية المريض النفسي والمساهمة في علاجه. واستعرض الدكتور عماد حمدي أستاذ ورئيس قسم الطب النفسي بكلية الطب بجامعة القاهرة انتشار الأمراض النفسية في العديد من الدول العربية ومنها الإمارات، مستنداً إلى دراستين محليتين في هذا الجانب. وتعتبر الأمراض والمشاكل النفسية والسلوكية شائعة جدا على مستوى العالم وتزداد نسبتها بصورة مضطردة حيث تتوقع منظمة الصحة العالمية أن يحتل مريض الاكتئاب العام 2020 المرتبة الثانية عالميا من حيث أعباء العلاج الاقتصادية والعلاجية.