هل بطل العجب ؟
كثير من الاستغراب، بعض من الشفقة وحالة من الوجوم أصابت كثيرا من الزملاء الإعلاميين الرياضيين العرب، وهم يتفرسون الفرسان الستة عشر لكأس إفريقيا للأمم التي تنطلق هذا الأحد بأنجولا ولا يجدون بينهم منتخب المغرب، الذي يمثل للمونديال الإفريقي قيمة فنية ثابتة، برغم أن “أسود الأطلس” يحيرون كل هواة الرصد، طالما أنهم لم يجنوا من كل مشاركاتهم ببطولة أمم إفريقيا سوى لقب وحيد يعود إلى 1976، جيل الأسطورة أحمد فرس•
ومن حق كل هؤلاء أن يندهشوا لهذا الهزال الغريب الذي يطبع حصيلة منتخب المغرب في البطولات الإفريقية، أن لا يكون لهم من ذاك الحضور سوى لقب بطل 1976 ولقب وصيف بطل 2004، فكيف فوت جيل الزاكي، بودربالة، التيمومي وكريمو فرصة التتويج بلقب إفريقيا في زمن كانوا فيه سادة الكرة الإفريقية• فمن ينسى حضورهم الأنطولوجي في كأس العالم 1986 بالمكسيك والذي كانوا فيه أول منتخب عربي وإفريقي يرتقي إلى الدور الثاني للمونديال•
وكيف عجز جيل نيبت، حجي، بصير وشيبو عن إطلاق نيزكة إفريقيا في دورة بوركينافاسو 1998، وبغانا ونيجيريا 2000، وهو الذي أمتع كل العرب في مونديال 1998 بفرنسا، بفوز أنطولوجي على اسكتلندا، وبتأهل مصادر بعد الفوز الذي حققه النرويجيون على البرازيل، فوز مستفز لعدم منطقيته•
ويكون من ضرورات الاعتراف أن المنتخب لم يحصل إفريقيا إلا على ما كان يستحقه فكرا وتدبيرا، فما أكثر ما تبنى اتحاد الكرة فكرة تفضيل كأس العالم على كأس إفريقيا، وتدليلا على ذلك سنجد أن حضور المغرب في نهائيات كأس العالم كان سابقا على حضوره في نهائيات كأس إفريقيا•
أطلعت في ثنايا استراتيجية أطلقها اتحاد الكرة المغربي من دون أن يفعلها إلى الآن، لمواجهة التراجع المهول للكرة المغربية إفريقيا بعد الذي كانت عليه التصفيات الأخيرة من خاتمة كارثية، على ما يفيد أن هناك شعورا بالذنب، فلم يكن هذا الإقصاء المزدوج سوى تحصيل منطقي لحاصل تاريخي، أهمل فيه المغرب إفريقيا، برغم أنه من هذه القارة كان يعبر إلى كؤوس العالم وإلى الألعاب الأولمبية•
والاستراتيجية مستوحاة من جرد رقمي لما أنجزته كرة القدم المغربية إفريقيا منتخبات وأندية في العشر سنوات الأخيرة، فهي تعترف بضحالة وهزالة الحصيلة، وتقول بوجود خصاص فظيع في المقاربة وفي أسلوب العمل وفي أسلوب التدبير، وتحرص ضمن أولوياتها على إعادة المغرب إلى إفريقيا روحا ومنهجا وعملا•
وعودة الكرة المغربية مجددا إلى معتركها الإفريقي الذي يمثل موقعا استراتيجيا في معركة البحث عن العالمية، لا يجب أن يبدأ من قمة الهرم الذي هو المنتخب الأول، بل يجب أن ينطلق صعودا من قاعدة الهرم.
بدر الدين الإدريسي